54. هجوم(5)

68 14 1
                                    

تساقطتْ قطراتُ الماءِ من شعرِه واحدةً تِلوَ الأُخرى.

الهُلامُ الذي غطَّى جسدَ آلان—المادةُ اللزجةُ والغريبةُ التي تركها الشيف الذائبُ—كان ساخنًا، والدلوُ في يدِ راشيل كان ثقيلًا.

كانتْ هذه الأحاسيسُ ممَّا يشعرُ به المرءُ وهو حيّ.

وبينما كانا يستوعبانِ تلك الأحاسيسَ ببطءٍ،
تبادلَ راشيل وآلان نظراتٍ صامتةً لبعضِ الوقت.

من كسرَ الصمتَ أولًا كان آلان.

"هـ-هل شتمتِ الآن؟"

أدركَ آلان بعد نطقهِ لهذا أنَّ كلامَه لم يكن مناسبًا لهذه اللحظة.

لماذا انزعجَ أساسًا؟ "ابن العاهرة" أو "وغد" كانتْ بالنسبةِ لمعاييرهِ ليست شتائم،
بل كانت مجرد كلماتٍ لطيفةٍ مقارنةً بما يعتبرُه إهانة.

لكن يبدو أنَّ راشيل كانتْ ترى الأمورَ بطريقةٍ مختلفة، فأحمرَّ وجهُها قليلًا.

"هذه أول مرة... أقول فيها شيئًا كهذا."

"أول مرة؟ لكن نطقكِ لها كان سلسًا جدًا."

الآن، بدا أنَّ وجهَ راشيل لم يكنْ فقط محمرًّا، بل قد اندمجَ حتى مع لونِ شعرِها.

شعرَ آلان برغبةٍ في صفعِ فمه.

'يجبُ أن أقولَ شيئًا، أيَّ شيء...!!'

فتحَ الشابُّ المذعورُ فمَه قبلَ أن يمرَّ أيُّ تفكيرٍ بعقله.
لم يكن يعلم حتى ما الذي كان يخرج من فمه.

"لماذا تشعرينَ بالحرج؟ الجميعُ يشتمُ من وقتٍ لآخر. في هذا العالمِ القاسي، الشتائمُ هي نوعٌ من الحمايةِ الثقافية! وبالنظرِ إلى مستوى المعلمة، يُمكن القول إنها كانت أنيقةً ومهذبةً جدًا. من أين تعلمتِ ذلك؟"

"أعتقدُ أنني… تعلَّمتُه من صديقتي…"

صديقتُها العزيزةُ مارغريت تشيستر كانتْ تتمتعُ بموهبةٍ مذهلةٍ
في إطلاقِ الشتائم كالشلالاتِ كلما شعرتْ بالغضب.

عندما سألتها راشيل من أين تعلمتْ تلك الكلمات، كانتْ مارغريت تردُّ بفخر:

"فقط تجوَّلي في السوقِ عشرَ مرات. لا تركِّزي على التسوقِ بل على حديثِ الناس. وإذا بدأ شجارٌ، لا تفوتي مشاهدته. ستكتشفينَ عالمًا جديدًا، يا راشيل المثالية."

في كل مرةٍ كانتْ مارغريت تفرغُ سيلًا من الشتائمِ، يكادُ يُغمى على راشيل من الصدمة.
لكنْ لم تتوقعْ أبدًا أنها قد تعلمتْها دون أن تدركَ ذلك.

مرحبًا بكَ فـي قصرِ الورودِ 🥀حيث تعيش القصص. اكتشف الآن