"18" أمان

4 2 0
                                    

هل هذا وقتٌ مناسب لمزاحه، لم أعي على نفسي لشدة ما أغضبني، تناولت زجاجة كحولًا من الطاولة لأشج رأسه بها، صارخةٌ به..

"وَ أنا كذلك سإريق دمائكَ لتغدو المستشفى بأكملها سامة"

"توقفي يا آنسة، ما الذي تفعلينه، ستقتليه"

أوقفني الممرض محاولًا الأمساك بالزجاجة التي كانت قد تحطمت على رأسه لكنه تأخر، وَ لازلت أستشيط غضبًا منه..

أفلتني، مسرعًا إليه أسنده على كتفه ليجلسه على ذات المقعد، بينما أقف أُشاهده وَ هو مغطى وجهه بالدماء، خصلاته الكستنائية حجبت عيناه عني، لكنه موجهًا بصره نحوي، لتنزرع على شفاه ابتسامة جانبية، بينما الممرض بدأ بتنظيف الجرح وَ كان كلما أخرج قطعة  زجاج تأوه بخفة، استدار الممرض لي ليقول بنبرةٍ جدية..

"ما الذي فعلتيه به، من الجيد أن الجروح ليست عميقة وَ إلا كنا سنحتاج لخياطتها"

"يا سيد أن أردت يمكنكَ أن تشتكي عليها، ستعاقب على فعلتها"

أنهى ذيل جملته بينما يلف الشاش حول رأسه مربتًا على كتفه..

ليرد عليه المعني، بصوتًا متهدج..

"لا داعي، هي فقط أحبت أن تنوع بالزهور"

ليرجع خصلات شعره المنسدلة للخلف، موجهًا لي غمزة بوجهًا مبتسم يكمل كلامه...

"أليس كذلك يا أردا"

نظر له الممرض بأستهجان، ثم لي، محركًا رأسه بقلة حيلة يمنةٌ وَ يسرة، ليخرج مغلقًا خلفه الباب... 

عاودت فتح الباب أنوي الخروج، إلا أن صوته أوقفني..

"على الأقل ساعديني كمّا ساعدتي ألبرت"

زفرت بضيق، لأدير وجهي إليه..

"بماذا أساعدك، كفاكَ دلال أنه جرحٌ صغير"

وَ ما أن أنهيت جملتي ما عدت أشعر بشيء، سوى ثقل جسدي الذي صدح صوت ارتطامه بالأرض في أذناي...





أشعر بنفسي أطفو فوق بحرًا، أغريقٌ أنا؟
ألم يفتت عظام صدري، ما هذا، ما الذي جرى لي
أحاول أن أفتح عيناي لكن لا جدوى، ظلامٌ وَ ضجيج
أيعقل أنني فارقت الحياة، ضوءٌ قوي جعل من الظلام يتبدد، الألم يزداد، نظرت لنفسي، أرتدي مريولٌ أزرق، قناعٌ يغطي وجهي، وَ يداي لا تخلو من المحاليل، يبدو أنني في المستشفى، أدرت رأسي أتفحص المكان من حولي، أنصعقت لرؤيتي، إدريان بالسرير يساري يغفو وَ عليه علامات الأرهاق..مهلًا رأسه مصاب أيضًا ما به هذا، حاولت بصعوبة أن أبلل حلقي أناديه..

"إد..إدري، أستيقظ"

لم يسمعني يبدو أنه متعب بشدة، أستدرت للجهة الأخرى، لأجفل للمرة الثانية لرؤيتي أردا كحاله غافية لكنها ليست مصابة، فقط محاليلٌ بيدها، ما بهم؟
أي لعنة حلت علينا لينتهي بنا الأمر في غرفةٌ واحدة بأحدى المستشفيات، حاولت النهوض لكن كهرباءٌ سرت بكامل جسدي لأعاود الاستلقاء انظر لحالنا فأضحك تارة وَ أدمع تارة، مرّت ربع ساعة، وَ أخيرًا أستيقظ إدري..

زهقٌ مُتوارٍحيث تعيش القصص. اكتشف الآن