حلم

0 0 0
                                    

تفاجأنا الأقدار بعكس ما نتوقع فعندما نظن أننا سننهل من شهد أيامها تصفعنا بقوة ملقيه أحلامنا مبتورة على قارعة الطريق، نجلس بجوارها نبكي على الاطلال وما مضى ونحن نسعى خلف وهم جُسد لنا أنه الحقيقة.
لن أطيل عليكم أكثر من هذا فمؤكد أنكم تسعون لمعرفة ما سبب هذه الكلمات وما أل إليه حالي؛
ادعى ياقوته لا تتعجبوا من هذا الاسم فعندما سألت والدي عن سبب اختياره لهذا الاسم أخبرني أنني ياقوتة حياته وأنني لا أقدر بثمن عنده لذا اختار لي أثمن الأسماء ليمنحني إياه؛ تنمر البعض عليه والبعض الآخر أبدى إعجابه به، بعد اتمامي لدراسة البرمجة والحاسبات تقدم لخطبتي صديق لي بالجامعة كان يكبرني بسنتين أبدى إعجابه بي و بدماثة أخلاقي، بادلته الإعجاب وبعد عدة أشهر تم الزواج أمضينا في حياتنا بسعادة إلا أن أمر واحد كان يعكر صفو حياتنا فوالدته لطالما طلبت حفيد يحمل اسم العائلة وكأن الأطفال تشترى من المتاجر  عندما نرغب، بعد عام  من الذل والكلمات الجارحة التي تقذفني بها كلما رأت وجهي بدأت تبحث له عن زوجة أخرى ذات أرضها خصبة لتحضر لها الحفيد فأنا أرض بور كما وصمتني لا استطيع أنجاب وريثها، وقف يحيي بين المطرقة والسندان لا يستطيع جرحي كما أنه لا يستطيع رفض طلب والدته التي اتخذت من الخبث والمرض طريق لقلبه حتى تثنيه عن الوقوف بجانبي وتجذبه لطريقها بحجة تحقيق أمنيتها الوحيدة وهي أن تحمل طفله قبل وفاتها كما حملت أبناء شقيقاته و أشقائه؛ أصبحت الدموع رفيقتي في المساء والصباح، حاولت الهروب من كل هذا بالعمل، قذفت حالي بداخل أحضانه عله ينسيني مأساتي، عملت مع فريق أجنبي على أحد المشاريع الخاصة بنظارات الجيل الرابع (vr )كنت أوصل الليل بالنهار، صباحاً أعمل داخل معامل الشركة مع الفريق وعند عودتي إلى المنزل أجهز الطعام ليحيي ثم أعود للغرق بين الأبحاث والمراجع داخل غرفة مكتبي، نظرات يحيي كانت تحدثني بما يختلجه قلبه معي و عقله شريد داخل طرقات مظلمة يبحث بداخلها عن بصيص أمل عله يهتدي.
ذات صباح استيقظت وأنا أشعر ببعض الألم يجتاح معدتي، هرولت إلى الحمام لأقوم بإفراغ كل ما بها، دوار احتلني  كدت أسقط جراءه إلا أن يد يحيي منعتني من السقوط حملني بين ذراعيه ليضعني على السرير وهو يمسد على شعري ورأسي.
- أنتِ كويسة؟ حاسة بأيه؟
- أنا كويسة، الظاهر أخدت برد في معدتي أو أكلت حاجة مش نضيفه.
- أنتِ بتهملي صحتك جامد الأيام دي، وكمان مش بتنامي كويس ودا غلط على جهازك العصبي، لازم ترتاحي شوية، أنا هتصل بالشركة  واطلب لك أجازه حالا.
حاولت الاعتراض على رأيه إلا أنه وضع يده على فمي ليمنعني من الاعتراض، حاولت الوقوف إلا أن الدوار عاد مسرعا لمهاجمتي سقطت رأسي مجددا على الوسادة، شعرت أن يحيي محق لذا استسلمت لقراره والتزمت الفراش.
عاد بعد لحظات ليخبرني
- أنا أخدت اجازة اليوم عشان اخلي بالي منك وحجزت عند الدكتور وميعادنا الساعة ٢، ياريت ترتاحي لحد ما يجي ميعاد الدكتور
- أنا بخير يمكن إجهاد بس مفيش داعي للقلق ده كله.
قبل أن أكمل جملتي تركته مهرولة نحو الحمام لإفراغ ما داخل معدتي حتى العصارة الصفراء، هربت الدماء من وجهي زاد شحوبي، ألقيت جسدي على الفراش لأغيب عن العالم من حولي، لا أعلم كم من الوقت قد مر وأنا على هذا الحال.
- يويو، يويو قومي يلا الساعة بقت ١، لازم نجهز عشان ميعاد الدكتور
فتحت عيني بصعوبة، وجدته يقف أمامي يحمل بيده فستان من الشيفون المزركش بالورود الحمراء ساعدني في ارتدائه، اتكأت على ذراعه الأيمن لمساعدتي على هبوط الدرج، صوت والدته المتهكم عندما رأتني  زاد من اعيائي  زجرها بنظرة معاتبة ثم ربت على يدي مواسيً
- بلاش تضايقي نفسك، أنا هتكلم معها لما نرجع المهم عندي حالياً صحتك
نظراته اهتمامه وخوفه كان حقيقي، وصلنا بعد نصف ساعة عيادة الطبيب النسائي.
سألني بعض الاسئلة المعتادة ثم طلب أن أقوم ببعض التحاليل، سأله يحيي:
- هي عندها ايه يا دكتور ؟ طمني
- مفيش داعي للقلق يا استاذ يحيي أنا طلبت التحاليل دي للاطمئنان على صحة مدام ياقوته بس وبعد كده هكتب لها على العلاج المناسب لأني ملاحظ أنها ضعيفة.
تسلم يحيي من يده روشتة التحاليل ثم ذهبنا معا إلى أحد المعامل الموجودة بنفس العمارة، طلبت الممرضة مني الكشف عن ذراعي لتقوم بسحب عينة الدم، ارتجف جسدي، أغمضت عيني فأنا أخشى ذلك السن المدبب كالأطفال، دفنت رأسي داخل صدر يحيي الذي كان يقف بجواري يربت على كتفي لأطمئن؛ ضحكت الممرضة من خوفي، سحبت العينة ثم وضعت ضمادة صغيرة واخبرتني أن أنتظر نصف ساعة بالخارج حتى تخرج نتيجة التحاليل، جلست بجانب يحيي أطالع الفراغ، مد يده ممسكا بيدي
- بلاش تخافي أن شاء الله خير
اومئت له برأسي
- كله خير
حاول تشتيتي وسؤالي عن عملي حتى يمضي الوقت المحدد، تجاوبت معه فأنا اشتاق لحديثي معه عن أي شيء وكل شيء، خرجت الممرضة بوجه مبتسم تقدم التحاليل ليحيي، سألها :
- ممكن أعرف مراتي عندها أيه؟
إجابته وهي تبتسم
- مبروك المدام حامل
- مدام مين اللي حامل
- مدام ياقوتة
- أنتِ متأكدة
- أيوه حضرتك، الف مبروك
اقتربت منه ودموعي تترقرق داخل مقلتي فرحا
- حضرتك متأكدة يعني ده تحليلي أنا
- والله العظيم تحليلك ، الف مبروك يا مدام.
شكرتها كثيرا فأنا لم استوعب بعد أن الله حقق حلمي وقبل دعائي، ظل يحيي يبكي وهو يشكره الله ويحمده على عطاءه.
أعلم أن تأخر ال حمل  سنة أو سنتين ليس بكارثة لكن تحت ضغط والدة يحيي شعرت أنهم ١٠٠ عام. خرجنا من معمل التحاليل عائدان إلى عيادة الطبيب، عندما رأى التحاليل أبتسم في وجهي وهو يهنئني قائلا:
- مبروك لحضرتك يا مدام ياقوته، الأعراض اللي عند حضرتك دي ستنتهي بعد مرور أول ٣شهور ، لازم نهتم بأكلنا وبلاش مجهود زيادة بلاش منبهات وكافين كتير، ممنوع الأكل الحاد ولازم تأخذي الأدوية والفيتامينات في ميعادها واشوفك أن شاء الله كمان شهر لمتابعة الحمل
مهما تحدثت لم استطيع أن أصف لكم احساسي بهذا الخبر وضعت يدي أتحسس بطني وكأنني عندما أفعل ذلك سوف أشعر بتلك النطفة، مشاعري كانت مضطربة فرح ممزوج بخوف على هذا الكنز الثمين قبل أن تطأ قدمي الدرج وجدت يحيي يسألني
- أنتِ بتعملي ايه؟
ضحكت وأنا اجيبه
- نازلة السلم يا حبيبي، اكيد مش هبات عند الدكتور
- لا مش هتنزلي أنا هشيلك
توردت وجنتاي خجلا من كلماته
- بس يا يحيي أنا بتكسف وبعدين بدل ما نقع احنا ال٣
- ايوه صح طيب اسندي على ايدي وانزلي براحة
عدنا إلى المنزل بعد مرورنا على الصيدلية لشراء روشتة الدواء، دخل يحيي إلى شقة والديه مباشرة وبيده تحليل الحمل ليزف البشرى للجميع
- باركيلي يا أمي هبقى أب، ياقوته حامل
ضمته بفرح وهي تبارك له وتدعو الله أن يتم حملي على خير، ضمتني بسعادة وهي تمسد على رأسي لرقيتي حتى لا أصاب بالعين، تبدلت معاملتها للنقيض؛ اتصل يحيي بوالدي ليخبره بأمر حملي، تراقصت السعادة على باب منزلي حاملة معها الأمل والهناء، مرت شهور الحمل على وتيرة مختلفة وجاء اليوم الموعود، كنت أحصي الساعات المتبقية لأراه بعيني واحتضنه بين ذراعي كما كنت احتضنه داخل رحمي، دلف يحيي مع إلى غرفة العمليات بينما وقف الجميع أمام الباب يتضرعون إلى الله أن يخرجني وطفلي بأمان، بعد مرور ساعة خرجت مع طفلي.
تبدلت حياتي حينها للسعادة أكثر وأكثر، وجود أمان أضفى لون السعادة والفرح للجميع؛ اتذكر عندما تم عامه الأول أقام له يحيي حفلة كبيرة للاحتفال بعيد ميلاده، البعض استقبل وجوده بمحبة واغدق عليه الهدايا والبعض الأخر حمل البغض له بقلبه.
لا أعلم كيف يمكن لشخص أن يكن الكره أو البغيضة لملاك صغير، طلبت من يحيي الانتقال لمنزل جديد بالأخص بعد زواج ياسر شقيق يحيي الصغير فمنذ زواجه وتبدل كل شيء في المنزل كثرة المشاكل، قامت زوجة ياسر بافتعال المشاكل بين الجميع، فرقت بين الأطفال، تجنبت الحديث معها حفاظا على محبتي ليحيي لكن هذا زاد النيران بداخلها بدأت توسوس لوالدة يحيي وتحرضها علي، نشبت بيننا خلافات وخلافات التزمت شقتي وامتنعت عن الاجتماعات العائلية لكن ذلك لم يرضها، بدأت حرب من نوع خاص أرادت أن انفصل عن زوجي، حاولت جذب أمان نحوها وبث السموم بأذنه ليكرهني لم استطع الاحتمال أكثر من ذلك جمعت أغراضي وأغراض أمان وغادرت المنزل مما اراحها لان الجميع كان دائما ما يقارنها بي وبتعاملي معهم ومحبتي لهم؛ ظننت أن بعد أمان سوف يؤثر في يحيي لكنها وضعت ابنائها بين ذراعيه لينسى فلذة كبده، مضى على مغادرتي للمنزل ستة أشهر  اعتدت فيهم على الأمر وبعد يحيي، عدت إلى عملي تكفلت بمصاريف أمان حاولت أن اكفل له حياة كريمة في كنفي و كنف جده وجدته اللذان يعشقاه فقد كان الحياة لهما، تواصل يحيي مع والدي وطلب مقابلته ورغبته في رؤية أمان وافق والدي برغم اعتراضي فهو ابنه كما هو ابني 
- وحشتني يا أمان، عامل ايه
- حضرتك كمان وحشتني اوي يا بابي، أنت خلاص رجعت من السفر وهنعيش مع بعض
نظر يحيي إلى والدي مستفهماً
- أمان يا حبيبي ممكن تجيب كباية ماء عشاني من عند تيته
- حاضر يا جدو
خرج أمان لجلب الماء فأخبر أبي يحيي بما كنت أفعله
- أمان كان بيسأل دائما أمتى هيرجع بيته وامتى هيشوفك، ياقوته ملقتش حجة تقنعه بيها غير أنك مسافر ولما كان بيسأل أنت ليه مش بتكلمه كانت بتقوله أنك اتصلت وهو نايم وكانت بتكتب رسائل كأنها منك  وتقرأها له
سقطت دموع يحيي، كيف تحولت حياتنا؟
طلب من والدي مقابلتي، وافق أبي وطلب مني الخروج لسماع ما يريد، اعترضت على سماعه فهو من تركني وترك أمان كل هذه المدة دون سؤال، أجابتني والدتي
- طالما جه وطلب يشوفك يبقى أكيد حس بغلطه لازم تسمعي منه، بلاش تهدي بيتك بأيدك
- يعني بعد كل اللي عمله و سبني
أنا وأمان تقولي اديله فرصة واسمعه
- أيوه يا ياقوته، ماما عندها حق لو شفتي شكل يحيي وندمه ودموعة لما حضن أمان تتأكدي أنه ندمان
بعد ضغط والداي خرجت للقائه وجدت أمان يجلس بين ذراعيه يقص له كيف كان يومه أثناء غيابه بينما دموع يحيي تسكن عيناه تارة تغلبه وتسقط فيمسحها سريعا قبل أن يلاحظها أمان ويسأله عن سببها وتارة أخرى يتحكم بها فتلمع داخل مقلتيه دون سقوط، طلبت من أمان أن يتركني مع والده قليلا
- أمان يا حبيبي روح كلم جدو وأنا هتكلم مع بابا شوية وبعدين تعالا كمل كلام معاه
- حاضر يا مامي
قالها صغيري ثم غادر لغرفة جده بعدما أخبر والده أن ينتظره
- وحشاني يا يويو
قالها يحيي بمجرد أن رأى وجهي، لن أنكر أن قلبي كان يشتاق لصوته، ملامحه، نظراته، أنفاسه، كل قطعة منه لكنني أثرت ذلك الاحساس داخلي ولم ابح به
- عامل ايه يا يحيي؟ بابا قالي أنك محتاج تتكلم معايا، أتفضل أنا سمعاك.
كانت كلماتي كالسوط يجلد قلبه، تقبل جفائي وعدم ردي على كلمته، ازدراء ريقه، تناول بعض من الماء الموجود على الطاولة المقابلة له ثم أكمل
- أنا عارف أنك زعلانة مني ودا حقك بس أنا راجع ندمان، البيت مالوش طعم من غيرك ومن غير أمان، ارجعي معايا وأنا أوعدك أعمل كل حاجة تريحك.
- يا ترى أخدت رأي والدتك و والدك قبل ما تجي ولا هما ميعرفوش أنك جاي اصلا
- بغض النظر عن الإهانة الموجودة في كلامك بس أنا مش هرد  و هكرر كلامي ثاني، تعالي نرجع عشان أمان
- أنا أسفة  يا يحيي مش هقدر أرجع بالذات بعد ما خرجت وأنت سبتني أنا وابنك كل الفترة دي وكمان بعد ما كلمت والدتك وهي قالت أنك كده مرتاح وأنها بتدور لك على عروسة جديدة أظن رجوعي مش هيعجبها.
جحظت عيناه عندما علم أنني اتصلت بوالدته وهي لم تخبره
- أنا مليش دعوة بحد، ومش متجوز غيرك ولو رفضتي ترجعي مش هرتبط بأي حد ثاني وهموت نفسي
- بعد الشر عليك
خرجت عفوية من فمي فمهما حدث هو زوجي وحبيبي وأيضا والد أبني
- بجد خائفة عليا
احمرت وجنتاي فكل ما كنت اخفيه ظهر عندما تسرعت ووضعت يدي على فمه عندما تحدث عن الموت، ضم يدي بين كفيه ليكمل
- أنا عمري ما حد يملئ عيني غيرك ولا حد يسكن قلبي بعدك، أنت حياتي يا ياقوته، تعالي نرجع ونربي أمان بينا ولو حصل أي حاجة ضايقتك أنا مستعد انفذ أي طلب تطلبيه
- متأكد من كلامك يا يحيي
- أكيد يا قلب يحيي
اومئت بالموافقة، قبل كفي وجبيني ثم طلب والدي 
- لو سمحت يا عمي أنا عاوز ياقوته وأمان يرجعوا معايا البيت
نظر لي والدي قبل أن يجيبه أمئت له برأسي، تبسم وجهه لموافقتي ثم أجاب
- طبعا حقك يا يحيي، بس أنا عاوز أطلب منك طلب
- حضرتك تؤمر يا عمي مش تطلب
- أنا عاوز منك أنك تحافظ على بيتك وعلى مراتك وابنك مفيش حد  هيحبك ولا هيخاف عليك قدهم
- اكيد يا عمي أنا عرفت غلطي وصدقني ياقوته وأمان في عينيا
- وأنا مصدقك يا يحيي، ربنا يهدي سركم ويصلح حالكم
قالها والدي وهو يربت على كتفي قائلاً:
- يلا يا بنتي جهزي شنطة ملابسك وشنطة أمان
- حاضر يا بابا
خرجت كما أمرني والدي وتركتهما معا بالصالون، جمعت أغراضنا سريعا لقد اشتقت حقا لمنزلي وأيضا اشتقت ليحيي، قبل أمان جده وجدته ثم ودعهم ملوحا بيده، اغرورقت عيناهما بالدمع فأمان كان بسمة اليوم لهما، في الصباح يخرج مع جده لإحضار الجرائد الورقية التي أصبحت قديمة التراث لا يطالعها إلا نخبة صغيرة من أفراد الشعب ومن ضمنهم أبي ثم يحضرا طلبات المنزل التي تدونها والدتي لهما حتى لا ينسيا المطلوب، مشاركته مع والدتي في ترتيب السفرة ورص الأطباق، ضحكاته عندما يلعب مع جده ويتغلب عليه وتشجيع والدتي له؛ أزاحا تلك الدموع الفارة ليرسما بسمة على وجههما فسعادتي وسعادة أمان هي شغلهم وغايتهم
ركب يحيي خلف موقد السيارة وأنا بجانبه بينما أمان صمم أن يجلس على رجل والده
- كده غلط يا أمان بابا مش هيعرف يسوق كويس والطريق بيكون عليه عربيات كتير
نظر له أمان بترجي
- وحياتي يا بابي خليني اركب على رجلك أنت واحشني أوي
قبله يحيي وهو يجيبه
- أنت واحشني أكتر يا حبيبي، خلاص خليك قاعد اللي أمان باشا يطلبه ينفذ فورا
ثم أدى له التحية العسكرية، ضحك أمان وقبله ثم نظر لي نظرة ذات مغذى معروف   ) نظرة انتصار)
- بقى كده يا أمان ماشي
غمز لي بعينه التي اغمضها نهائيا ثم فتحها وهو يبتسم
- خلاص بقى يا مامي
ثم أرسل لي قبلة طائرة، كمشت وجنته لأقبله
- ماشي يا بكاش
انطلق يحيي عائدا إلى المنزل، بين الفينة والأخرى كنت اطلب منه تخفيف السرعة فمهما تمكن من سيارته ومن القيادة الطريق ليس له كبير
- مامي شكلها بقت بتخاف يا ميمو تعالا نجمد قلبها شوية
قالها وهو يزيد من سرعة السيارة بينما أمان يشجعه ،هذا كل ما اتذكره ضحكاتهما وأنا اصرخ واحثهما على تقليل السرعة، ظهرت فجأة سيارة من طريق جانبي وكأنها ظهرت من العدم لم يستطع يحيي التحكم في عجلة القيادة، انحرفت السيارة لتصطدم بأخرى كانت تمر بجانبنا ثم انقلبت على جانبها وهي تزحف مطلقة شرار يتولد من تحتها على اثر الاحتكاك بالأسفلت
خيط ساخن يسقط من رأسي، أنات يحيي، صراخ من يجتمعون حولنا، البعض يحوقل والبعض يحاول مساعدتنا في الخروج، لا استطيع الرؤية كاملة، حملني بعض الرجال  و وضعوني بجانب الطريق، كنت أردد اسمي يحيي وأمان طوال الوقت حتى غبت عن الوعي، فتحت عيني كطفل صغير رأى الشمس لأول مرة فأغمضها سريعا يتحاشى الضوء، وضعت يدي أمام عيني بطريقة تلقائية ثم أعدت المحاولة مرة أخرى لفتح عيني ببطء شديد، وجدت نفسي داخل غرفة بيضاء كل ما بها يحمل لون اللبن، من وسائد لسرائر حتى الحائط، حاولت النهوض وجدت خرطوم معلق بيدي رفعت بصري لأجد ذلك الخرطوم معلق بسيريوم وأسلاك مرتبطة بجهاز يقبع بجانب السرير الذي يأوي جسدي، حاولت إخراج صوتي لتنبيه من تواليني ظهرها ولم تلاحظ إفاقتي
- لو سمحتي، أنا فين؟
التفتت تنظر لي وعلى وجهها ابتسامة
- حمد الله على السلامة، حضرتك في مستشفى(....)
حينها داهمني ما حدث، انقبض قلبي سألتها بحروف متلعثمة
- أنا هنا من أمتى؟ جوزي وأبني فين؟
- حضرتك هنا من يومين
- يومين أزاي؟! طيب فين يحيي وأمان؟!
- أنا مفيش عندي فكرة
حاولت فك تلك الخراطيم المعلقة بذراعي لكنها منعتني ثم ضغطت على أحد الازرار الموجودة بجانب السرير حضر على إثرها اثنين من زملائها
- اطلبي من الدكتور يجي بسرعة
خرجت احداهن وظلت الاثنتان تحاولان تهدئتي وأنا اصرخ بوجوههما ليتركاني، دلف الطبيب مسرعاً، قام بحقني بإبرة مهدئة لحظات سكن بعدها جسدي إلا أن عقلي وقلبي أبيا السكون، طلب الدكتور من الممرضة مرافقتي وعدم تركي، لم انعم براحة بين الفينة والأخرى كان ينتفض جسدي كلما تجسدت هذه الحادثة أمام عيني، قلبي يأن أخشى أن أفتح عيناي فلا أجدهما أمامي، يد تمسد على رأسي بحنان، ابتسمت لها مع محاولة مني لفتح عيني فقد ظننت أنه يحيي شددتهما لأتمكن من رؤية من يقف جواري وجدتها والدتي عيناها دامعتان، سألتها بصوت واهن يكاد لا يسمع
- يحيي وأمان فين يا ماما؟! أنا جيت هنا أزاي؟
مسحت دموعها وحاولت رسم ابتسامة زائفة
- أنتِ مش فاكره حصل إيه معاكم؟
- كل اللي فكراه  أن يحيي كان سائق بسرعة وأنا كنت بقوله يهدي وأمان كان فرحان وفجأة سمعت صوت فرملة جامدة ويحيي معرفش يتحكم في العربية وأتقلبت، هما فين يا ماما طمنيني أنا قلقانة
- متقلقيش يا حبيبتي الحمد لله أنك بخير
- طيب وهما
- هما كمان بخير
- بجد
- اه
حمدت الله أنهما بخير، خرجت والدتي من الغرفة، مر يومان اضافيان جسدي يسكن ذلك الفراش تتبادل والدتي مع والدي مرافقتي، يحاولان رسم الابتسامة أمامي بينما عيناهما تفضح ما يخبئانه، أشعر بسوء، ينقبض قلبي، اخشى سؤالهما عما حدث، والدي لا يترك المصحف يردد منه آيات الله، دلف الطبيب إلى الغرفة ليطمئن على حالي
- ما شاء الله أحنا حالتنا تحسنت خالص
سأله والدي بلهفة
- بجد يا دكتور
- أيوه وتقدر تخرج كمان لو تحب
اعتدلت في جلستي وسألته بتحفز
- بجد أقدر أخرج و أرجع بيتي
- أيوه يا مدام، بس أهم حاجة تخدي الأدوية في ميعادها وبلاش تهملي
- حاضر
تركني الطبيب بعدما أخبر والدي أنه سوف يقوم بكتابة تصريح الخروج، طلبت من والدي الاتصال بيحيي كي يأتي لاصطحابي للمنزل لان هاتفي فقد أثناء الحادث لقد اشتقت إليه وإلى أمان.
- سيبيهم مرتاحين يا حبيبتي، أنا معاكي اهه ولا أنا مش مكفيكي
- لا يا بابا متقولش كده حضرتك طبعا الخير والبركة بس هما وحشوني اوي وكمان انا زعلانة منهم لان محدش فيهم جه اطمن عليا
- هو كان بيتصل يطمن عليكِ دائما بس أنتِ بتبقي نايمة
خرجت مع والدي من المستشفى، عائدة إلى منزلي لكنه اتجه نحو منزله وعندما سألته عن السبب أخبرني لكي تستطيع والدتي الاعتناء بي، وافقت على مضد فمؤكد يحيي يحتاج أيضا من يرعاه، وصلنا المنزل صعدت بمساعدة والدي، ما أن دلفت إلى الداخل وجدت بعض الصديقات يزورن والدتي كلهن يرتدين ملابس سوداء أنقبض قلبي من هذا المشهد ( كراسي متراصة بجوار بعضها البعض، دموع تتساقط كقطرات المطر من اعينهن وبالأخص عندما رأوني، آيات القرآن الكريم ترتل من خلال مسجل الصوت والتليفزيون ) قبل أن أسأل والدي عما يحدث اقتربت احداهن مني لتضمني وهي تبكي قائلة
- البقاء لله ،شدي حيلك يا حبيبتي
نظرت إليها مستفهمة، أسرعت نحوها صديقة لها تجذبها من ذراعها قائلة
- أنتِ بتعملي إيه هي متعرفش حاجة
- هي بتقول إيه يا بابا؟ مين اللي مات؟
- تعالي يا حبيبتي لازم ترتاحي أنتِ لسه خارجة من المستشفى
- أنا مش متحركة من مكاني غير لما أفهم كل حاجة
سقطت دموع والدتي، احتضنت جسدي المنتفض
- ممكن تهدي وأنا هقولك كل حاجة
حاولت لملمت شتاتي،  أغمضت عيني أخرجت زفيرا متقطع في محاولة لتنظيم تنفسي
- هديت اهه ممكن بقى حد يفهمني في ايه
نطقها والدي بحروف متقطعة
- شدي حيلك يا بنتي يحيي وأمان ماتوا في الحادثة
سقطت كلماته على رأسي كحمم النيران، مسكته من تلابيبه غير مصدقة يا يقوله
- أكيد ده كدب، أنتو كذابين، يحيي قالي أنه مش هيسيني، أمان ده ملاك صغير ازاي يبعدوا عني
- استغفر الله العظيم، وحدي الله يا بنتي ده قضاء ربنا وقدره
- لا لا أكيد ده كابوس
قلتها وأنا أهز رأسي نفيا ثم سقطت أرضا مغشيا علي، لا أصدق ما يقال، لا أعلم كم مضى من الوقت وأنا على هذا الحال استيقظ اصرخ بأسمائهم ثم أسقط في بئر الحزن مرة أخرى، حاولت والدتي ووالدي إخراجي من هذا الألم والحزن الذي يسحقني بين راحتيه كل يوم لكن بلا فائدة، اتصلت والدتي بصديقتي المقربة إيناس تطلب منها مساعدتي والتخفيف عني، حضرت إيناس فورا تلقفتني بين ذراعيها مواسية
- خففي على نفسك يا ياقوته ده أمر ربنا ولازم نرضى بيه
- مش قادرة يا إيناس صدقيني مش قادرة، ليه يا ربي خدتهم وسيبتني أعيش لوحدي بنارهم
- استغفري ربنا يا حبيبتي قومي اغسلي وشك و توضئ وصلي وادعي لهم بالرحمة، أنتِ كده بتعذيبيهم
- استغفر الله العظيم، استغفر الله العظيم
سمعت ما قالته إيناس وصليت لله ليرحمهما ويلهمني الصبر في مصيبتي، مسحت على رأسي مرددة بعض آيات القرآن الكريم حتى سكن جسدي من البكاء
- أيوه اهدي كده يا حبيبتي، ده قضاء ربنا وقدره ومفيش في أيدينا حاجة نعملها غير أننا ندعي لهم بالرحمة، لازم كمان ترجعي شغلك ده هيخرجك من قمقم حزنك
- مش قادرة يا إيناس
- لا لازم تقدري، أنا الصبح همر عليكِ ونروح مع بعض الشغل
حاولت الاعتراض إلا أنها أنهت النقاش على وعد بلقائنا غدا للعمل ، اغمضت عيني استجدي النوم عله يحملني إليهما، وجدت يحيي يضم أمان ويلوحان لي ملابسهما بيضاء وجههما منير، اقترب أمان يمسح دموعي
- ليه الدموع دي يا ماما أنتِ عارفة أنا مش بحب أشوفك زعلانة
أجبته من بين شهقاتي
- غصبن عني أنت وحشتني اوي وباباك كمان وحشني
- أنتِ كمان وحشاني اوي بس أنا بشوفك كل يوم وبحضنك قبل ما أنام بلاش تزعليني منك
- حاضر مش هزعلك بس اوعدني كل يوم تزورني
- حاضر
قالها ثم طبع قبلة على وجنتي ومن بعدها اختفى استيقظت ابحث عنه بأرجاء الغرفة لكنني لم أجده، صدح صوت أذان الفجر يملأ الأرجاء، توضأت وصليت فرضي وبداخلي أمل أن أراهما مجددا، ما أن نثرت الشمس أشعتها الذهبية لتنير الأرض حتى قمت بتجهيز نفسي استعدادا للذهاب إلى العمل، اشرق وجه والداي عندما وجداني استعد للذهاب إلى العمل، وصلت إيناس لتجدني في انتظارها، بعد وصولنا للشركة وقيام كل من بها بتعزيتي اتجهت إلى مكتب رئيسي في العمل
- صباح الخير يا أستاذ فاروق
- صباح النور يا مدام ياقوته، البقاء لله، الخبر كان صدمه علينا كلنا يحيي كان مهندس شاطر ومحبوب من الكل
- الله يرحمه ويغفر له، كنت عاوزه اطلب من حضرتك طلب
- تفضلي خير يا ياقوتة، أنتِ عارفة أنك في معزة سارة بنتي
- ده شرف كبير ليا أني اكون زي بنت حضرتك، أنا كنت شغالة من فترة مع مجموعة من زملائي على نظارات الجيل الرابع vr
- أيوه أنا عارف
- أنا كنت محتاجة أعمل تعديل على واحدة منهم حتى لو أتكلفت ثمنها كله
وافق على طلبي ومنحني تلك النظارة عملت خلال يومين على إضافة بعض التعديلات عليها وبرمجتها مستهدفة أماكن معينة، أشخاص معينة، حان وقت تجربتها ولجت إلى الحاسوب وقمت بتوصيل النظارة إليه ثم قمت بتحميل بعض الملفات إليها عند الانتهاء من التحميل وضعتها أمام عيني وضغطت على زر التشغيل تهللت اساريري وعادت الحياة لي عندما رأيت أمان ويحيي أمامي داخل حديقة منزلنا، تحدثت معهم فأجابوني هرولت نحو والدتي ووالدي وجعلتهما ينظرنا إلى أمان فمؤكد أنهما اشتاقا له كثيرا، سقطت دموعهما وهما يقرأن له الفاتحة ويدعون له بالرحمة حملت النظارة مرة أخرى وقمت  بارتدائها انتقلت حينها إلى عالمي الخاص عالم يجمعنا نحن الثلاثة فقط، ولأول مرة أنام قريرة العين بعدما طلبت من يحيي أن يضمني ويقص علي أحدى قصصه التي اعتاد أن يقصها على أمان، انزوت داخل غرفتي لا أكلم أحد كل ما أفعله هو التحدث مع يحيي وأمان كنت اشاركهما كل ما يمر علي، اضحك معهما، ألعب مع أمان، زهدت الطعام كنت اتناول بعض اللقيمات الصغيرة حتى لا توبخني والدتي، اتصلت بإيناس صدقتي وطلبت منها أن تقدم طلب اجازة باسمي لان والدي مريض ويجب أن أكون بجواره وافقت وهي تدعو الله أن يشفيه شكرتها وعدت فورا إلى نظارتي فقد اشتقت ليحيي وأمان ، مر شهر وأنا على هذا الحال اضع النظارات طوال الوقت ارفض الجلوس مع والداي، أغلقت هاتفي وقمت بفصل الهاتف الأرضي من غرفتي ، زاد قلق والدي من تبدل حالي وهزلان جسدي تحولت عيناي إلى عيون باندا تحاوطها الهالات ،انطفئت لمعتها وكأنها فقدت الحياة، طلب والداي مني مرافقتهما إلى شقتنا بالإسكندرية لإنهاء بعض أعمال الصيانة بها تحججت بأن هناك أمر طارئ جد بالشركة لذا لن استطيع مرافقتهما، حاولت اظهار الصدق في كلماتي حتى صدقاني وسافرا على وعد بالعودة بعد الانتهاء من كافة الإصلاحات ودعتهما وعدت فورا لغرفتي وضعت النظارات مرة أخرى وأنا أخبر يحيي بما حدث وعن سفر والداي وأنني سوف اظل معهما دون أي بُعد خلال هذه المدة، حاول والدي الوصول إلي عدة مرات للاطمئنان على حالي لكن بلا فائدة فبعد سفرهما قمت بفصل الهاتف الأرضي نهائيا انشغل قلبه وزادت حيرته بعدما اتصل بإيناس لسؤالها عني وأخبرته أنني لم اذهب إلى الشركة منذ أخر مرة من حوالي شهرين وأن المدير مستاء من غيابي ويفكر في فصلي
- بالله عليكِ يا إيناس روحي البيت اطمني عليها هي سمعت لكِ المرة  اللي فاتت، أنا خائف عليها جدا دي من يوم ما جابت النظارة دي وهي مش بتقلعها
- نظارة إيه يا عمي؟
- فاكره لما جيتي بعد وفاة يحيي وأمان و أقنعتها ترجع الشغل
- ايوه
- يومها رجعت و معها نظارة تشبه البوكس فضلت يومين حابسة نفسها في غرفتها لحد ما طلعت اليوم الثالث وهي فرحانة زي الأطفال وبتقدم ليا النظارة دي لما لبستها شفت يحيي وأمان وكانوا ب يتكلموا معايا كأنهم أحياء مش ميتين، في الاول قولت فترة وتعدي ومش مشكلة طالما هترجع لحياتها وشغلها بس بعدها فوجئت أنها بتسرق صحتها وعمرها، أنتِ لو شفتيها مش هتصدقي أن دي ياقوتة اللي كانت كلها نشاط وحيوية وضحك انطفت بقت شبح طول الوقت حابسة نفسها في غرفتها، بتسهر باليومين والثلاثة ، بقت عصبية جدا ، واخيرا بقت  ب تكذب الحقي ياقوته يا بنتي محدش هيعرف يرجعها عن الطريق ده غيرك
- حاضر يا عمي أنا هروح لها بعد الشغل علطول بس هدخل ازاي طالما مش بترد على التليفون اكيد كمان مش هتفتح الباب
- بصي يا إيناس جوا التابلو الخاص بالكهرباء في مفتاح للشقة تحت العداد من جوا أنا كنت حطه للطوارئ
- حاضر يا عمي
أنهت إيناس المكالمة ثم جمعت اغراضها سريعا للاطمئنان على حالي، بحثت عن المفتاح الذي أخبرها به والدي ثم دلفت إلى الشقة بحثت عني بكافة الارجاء ثم وجلت إلى غرفتي فوجدتني كما وصفني أبي بل أسوء، ملابسي مهملة، شعري غير مرتب نزعت عني تلك النظارات رفعت عيني وأنا اصرخ بوجه من فعل هذا لأجدها هي
- أنتِ أزاي تعملي كده مين سمح لك تدخلي غرفتي وإذا تخدي النظارة كده رجعيها تاني
- لا مش هرجعها، أنتِ كده بتدمري نفسك
- محدش له دعوة، أنا حرة
- لا مش حرة، لو كنت أعرف أنك هتستخدمي العلم في كده وتحبسي نفسك جوا الصندوق ده عمري ما كنت هوافقك ولا كنت هسمح لحد يساعدك أنك تخديه
اقتربت منها بعصبية
- قولت لك هاتي النظارة
- لا، مش هديها لك لو على جثتي
حاولت سحبها عنوة من يدها لكنها تشبثت بها أكثر، التفت حولي أبحث عن شيء قوي يساعدني لتصبح لي الغلبة عليها فجسدي أصبح هزيل لا استطيع هزمها، وجدت أحد التماثيل النحاسية التي تضعها والدتي بغرفتي حملته مسرعة وهويت به على يدها في محاولة مني لسحب النظارة لكنها سقطت أرضا مرتطمة بالأرضية الرخامية، برغم الألم الذي شعرت به في يدها إلا أنها تغاضت عنه واسرعت تمسكها قبل أن أصل إليها ثم هرولت بها إلى خارج الغرفة لحقتها وأمسكتها من ذراعها
- هاتي النظارة بقولك
دفعتي بعيدا عنها لأسقط أرضا وهي تردد
- أنا أسفة بس لازم افوقك لازم اخلصك من شرها وأكسرها
قمت من الأرض مسرعة احاول الوصول إلى يدها التي تمسك النظارة قبل أن تقوم بكسرها والقاءها من النافذة الموجودة بجانب المنضدة، وجدت سكين يقبع داخل طبق الفاكهة حملته بسرعة وهويت به على جسدها امزقه، طعنتها عدة طعنات سقطت أرضا على أثرها وبجانبها النظارة رفعتها سريعا أمام وجهي لكنها تضررت لم تعد تعمل، حاولت عدة مرات إعادة تشغيلها لكن عدستها انكسرت ولم تعد تعمل ، دلف أحد الجيران إلى الشقة بعدما سمع صوت التكسير والمشاجرة ليجد إيناس غائصة داخل بركة من الدم وأنا بجانبها ابكي ما حدث لنظارتي أتصل فورا بالشرطة والإسعاف، لم تنجو إيناس وماتت قبل أن تصل إلى المستشفى فأحدى الطعنات مزقت كبدها بينما أنا تم ايداعي بأحد السجون لحين محاكمتي، صرخت بهم
- اسجنوني لكن اعطوني نظارتي
لم يعرني أحد اهتمام زجتني السجانة داخل غرفة مظلمة لن ارى بها يحيي أو أمان
النهاية...

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Oct 12 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

vrحيث تعيش القصص. اكتشف الآن