الفصل الأول: "ضوء باهت في أعماق النفس"

1 0 0
                                    

كانت الساعة تشير إلى ما بعد منتصف الليل بقليل، حين جلس أندريه على كرسيه الخشبي المتهالك، عينيه تحومان حول تلك الغرفة الصغيرة ذات الجدران الرطبة. بدت الساعة المعلقة على الحائط وكأنها تردد صوت الزمن بصوت أعلى من المعتاد. صوت يثقل صدره أكثر مما تحمله ضلوعه الهشة.

أندريه لم يكن يعرف كيف وصل إلى هذه الحال، لكن الأسئلة كانت تمزق عقله باستمرار: "هل اختار هذه الحياة، أم أن الحياة اختارته؟" كان يغرق في ظلال تفكيره، حيث تسللت الأفكار السوداوية إليه كما تتسلل الأمواج العاتية إلى شاطئ مهجور.

كانت الوحدة قد أصبحت رفيقته الوحيدة، رفيق لم يكن يرحب به لكنه لم يجد مفرًا منه. كلما حاول الهرب منها، وجد نفسه يغرق أكثر في بحرها العميق. تلك الأفكار التي كانت تزوره في الليالي الطويلة، لم تكن إلا مرآة تعكس هشاشته وقلقه من المستقبل. لكنه كان يتساءل دائمًا: "أي مستقبل؟"

جلس في الظلام، وفي أعماق عقله، ظهر له ذلك السؤال المقلق: "هل يستطيع الإنسان أن يعيش دون معنى؟"

أندريه كان يعرف أن العالم حوله يعج بالضوضاء، لكن تلك الضوضاء كانت تخفي وراءها فراغًا قاتلاً. في خضم محاولاته لإيجاد معنى، وجد نفسه محاطًا بأشخاص ضائعين مثله. كان يراهم في الشوارع، في المقاهي، في الوجوه العابرة التي لم تكن تحمل شيئًا سوى انعكاساته الخاصة.

ثم تذكر فيكتور، صديقه الوحيد منذ الطفولة، الذي كان يختلف عنه تمامًا. كان فيكتور قويًا، ممتلئًا بالحياة والطاقة. لكن، رغم كل تلك الحيوية، كان فيكتور أيضًا غارقًا في تساؤلات لا نهائية حول الوجود والمعنى. قال له ذات يوم: "أندريه، نحن جميعًا نعيش كأننا نحمل قناعًا، نخفي وراءه قلقنا وضيعتنا. كلنا نلعب دورًا في مسرح الحياة، لكن من منا يستطيع أن يخرج عن النص؟"

هذه الكلمات كانت تطارد أندريه منذ ذلك الحين. هل هو حقًا مجرد ممثل على مسرح خالٍ؟ وهل يمكن للمرء أن يتمرد على دوره الذي كُتب له؟

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Oct 14 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

ظلال العزلة.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن