الفصل العاشر (سراب)

189 30 35
                                    

"الفصل العاشر"
"رواية جريمة شقة ١٣"
"سراب"
______________________

في سبل الحياة، نواجه الصعاب؛ بعضها نجتازه، وبعضها يجتاحنا، لكن في النهاية، نتحرر منها بفضل العقل، وقد يصبح العقل أحياناً سلاحاً ذا حدين؛ فهو يستطيع أن يكون مصدر إلهام وإبداع، وقد يكون في الوقت نفسه فخاً نغرق فيه، حين يتلاعب بأمانينا ويدفعنا نحو تصورات زائفة، فالعقل يظهر لنا بوجهين: وجهٌ يبهرنا بحكمته وقدرته على التحمل، ووجهٌ آخر خفي يجيد خداعنا، فيوقع بنا في فخ الطمع، وليس كل الطمع جشعاً للمال؛ فقد نطمع في مكانة، أو في حب الآخرين، أو حتى في الكمال.

فما أعجب العقل البشري! فهو أكبر مخادع في التاريخ، قادر على صنع الأكاذيب المقنعة، ورغم أنه أعمى؛ لا يرى العالم، ولا يسمعه، يختبئ في علبة عظمية، لكنه يمتلك قدرة عجيبة على الإبداع والتفكير وتدبير الخطط، والإقناع، ليخضع الجميع له ويسيروا وفقاً لقوانينه، حيث تتداخل فيه الحقائق مع الأوهام.

هكذا هو الحال بينهم؛ فمنهم من قاده الشره إلى سرب من الأوهام، غارقاً في متاهاتها، يتلذذ بوهمٍ من صنع عقله. ومنهم من اصطدم بواقعه المرير حين زالت الغشاوة، وتحرر من وهم العقل، ليكتشف أن الحقيقة قاسية ولكنها من صنع يده، حيث قادهم العقل إلى مسارات تتشابك فيها رغباتهم مع الأوهام، ليدركوا متأخرين أن ما سعوا إليه لم يكن سوى سراب، فيغرقوا في خيبة الأمل.

فهل نحن ندرك أننا أسرى هذا العقل؟ هل يا ترى، العقل هو المهيمن على أفعال البشر، سواء كانوا جناةً أم ضحايا؟ أم أن قيدانه قد تكون من صنعنا، وأن البشر هم المهيمنون على عقولهم بكامل إرادتهم، يقودونها بذكاء إلى حتفهم أو خلاصهم؟
______________________

عقب رحيل "أواب"، كان كل من "حسام" و"إسماعيل" يجلسان يتناقشان في بعض أحداث القضية، عقولهم غارقة في غياهب تفاصيلها، وبينما كان الجو في الغرفة مشحونًا، قاطعهم صوت طرقات الباب، ليدخل أحد أفراد الأمن ليعلن عن وصول الطبيبة "شيماء عبد الحي"..، تبادل كل منهما النظرات قليلًا، كأنما كل منهم كان يحاول قراءة الآخر، ثم أذن "حسام" لها بالدخول.

بينما لم تكن خطوة "شيماء" سوى مزيج من التردد والقلق، فقد بدت متأثرة بما يحيط بها، فهي تخضع لتحقيق في جريمة قتل، وترددت كلماتها بين الحذر والاضطراب، التقى بصرها مع "حسام" الذي رحب بها في عمليه، لكسر حاجز قلقها قليلًا، ثم شرع في بدء التحقيق:

ــ قولتيلي، عرفتي "ربيع" منين؟

تحدثت "شيماء" بهدوء، لكنه مشوب بتوتر شديد:

ــ أنا معرفش "ربيع" ده أصلاً.. حضرتك، أنا كنت بقول في المستشفي عادي إني محتاجة شقة قريب منها..،  واحدة من التمريض معايا قالتلي إنها تعرف سمسار كويس، ووصلتني بيه.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Nov 11 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

جريمة شقة ١٣حيث تعيش القصص. اكتشف الآن