بداية

9 0 0
                                    


2017

"أنس، استيقظ! لقد حان وقت الذهاب."

صوت أمي يخترق الجدران مجددًا، يناديني من وراء الباب. حان وقت الذهاب، ولكن لا طاقة لي حتى لأرفع جسدي من السرير، أو حتى أن أرفع الهاتف المعلق بيدي. تنهدت ببطء وقررت النهوض. يوم آخر من الروتين الممل الذي يبدو بلا نهاية. لا أفهم الفائدة من الذهاب إلى المدرسة، لكنه ما يفعله الجميع، فلماذا أكون المختلف؟

"حسناً، أنا قادم!"

صرخت بذلك حتى تتوقف أمي عن طرق الباب بلا هوادة. جررت نفسي للاستحمام. ربما يكون الوقت مناسبًا لتقديم نفسي؟

أنا أنس، الأصغر في عائلتي. لدي العديد من الإخوة، ولكن الفرق العمري الكبير جعلني دائمًا وحيدًا. وجدت نفسي متعلقا بهاتفي، أبحث فيه عن حياة أخرى. حياة لا تشبه حياتي هذه، وإن كان بإمكاني، لتخليت عن كل شيء هنا وانضممت إلى تلك العائلة الخيالية داخله. قد أبدو مدللًا في نظر الآخرين، لكن الحقيقة أنني نشأت وسط حطام. والدي محطم، والدتي محطمة، وحتى إخوتي... جميعهم محطمون. وكأن لعنة ما طالت هذا المنزل بأكمله، واتبعتني أنا أيضاً. أصبحت أنا الآخر محطماً مثلهم.

أصدقائي؟ قليلون، ومعظمهم داخل هاتفي. لكني مرتاح أكثر معهم، فنحن لن نلتقي أبداً. لن يروا أنس المحطم. سيرون فقط أنس السعيد، المبتهج، الذي أخفيه خلف الشاشة.

الثامنة صباحاً

دخلت إلى فصلي متأخراً. كالعادة. ولكن من يهتم؟ لا أحد يراقبني على كل حال. أحياناً أشعر وكأنني شبح. لا أحد يلاحظ وجودي في الواقع.

قررت التركيز على درس الأحياء. ولكن تلك النظرات المزعجة اخترقتني. أعلم تمامًا من صاحبها. دعوني أعرفكم على رامي، زميلي الذي يبدو أنه لا يستطيع أن يقاوم مضايقتي.

انتقلت إلى هذه المدرسة حديثًا، هربًا من المضايقات المستمرة في مدرستي السابقة. كنت الذكي المنبوذ دائماً، وقررت هذه المرة تغيير هذه السمعة. لكن هذا اللعين، بنظراته الغريبة وتعليقاته السخيفة، لا يساعد.

استدرت نحو صديقي عمر، الذي لاحظ توتري وابتسم لي، ضاغطًا على يدي بخفة. كان يعرف أنني أكره هذه المواقف الصغيرة مع رامي. تلك اللمسة البسيطة من عمر طمأنتني قليلاً، لكنها لم تمحِ تمامًا الخوف الذي يرافقني.

انقضت الحصص ببطء، كأن عقارب الساعة تتعمد الإبطاء لتعذبني أكثر. الأحياء، الرياضيات، التاريخ... كلها مواد بدت وكأنها تتكرر بلا نهاية. جلست في مكاني المعتاد قرب النافذة، غارقًا في أفكاري، مستغرقًا في رسم دوائر على الورقة أمامي. لم يكن هناك شيء يثير اهتمامي أو يستدعي انتباهي.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: a day ago ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

Imprints of usحيث تعيش القصص. اكتشف الآن