الفصل السادس: لمحات من الماضي
اليوم في المكتبة كان مختلفًا عن كل الأيام السابقة. بعد زيارة ليلى بالأمس، بدأت ليرين تشعر بأن حياتها تتغير بسرعة كبيرة. لم تكن تعلم أن هذه الصديقة القديمة ستفتح بابًا جديدًا من الذكريات، وتعيد معها أحداثًا لم تكن تتوقع أن تعود إلى حياتها.
بينما كانت ليرين جالسة على طاولتها المعتادة في المكتبة، تتابع ترتيب الكتب بهدوء، دخلت ليلى فجأة بصوتها العالي كعادتها، ممسكةً بكوبين من القهوة.
"أحضرت لكِ شيئًا لتقوّمي يومك!" قالت وهي تضع كوب القهوة أمام ليرين وتجلس بجانبها.
ليرين ضحكت وقالت: "شكرًا، كنت بحاجة فعلًا إلى شيء ينعشني اليوم."
جلست ليلى بجانبها وقالت: "أنتِ لا تعرفين ما حدث لي اليوم. قابلت شخصًا من الماضي، ولن تصدقي من هو."
رفعت ليرين حاجبيها بفضول. "من؟"
"صديق قديم لنا، كان يأتي معنا دائمًا إلى المكتبة أيام المدرسة. أتعرفين من هو؟" قالت ليلى وهي تنظر إلى ليرين بنظرة ماكرة.
بدأت ليرين تبحث في ذاكرتها. "هل هو... مروان؟"
"نعم!" قالت ليلى بصوت عالٍ وهي تضرب الطاولة بخفة. "لقد قابلته بالصدفة في المقهى. كان يجلس هناك وكأنه لا يزال يعيش في نفس الزمن الذي تركناه قبل سنوات."
شعرت ليرين بمزيج من الذكريات والمشاعر عندما سمعت اسم مروان. كان مروان صديقًا قديمًا مقربًا، وكان لديهم الكثير من الذكريات المشتركة في المكتبة وأيام المدرسة، لكنه اختفى فجأة بعد أن أنهوا الثانوية، ولم تسمع عنه شيئًا منذ ذلك الحين.
"هل تحدثتِ معه؟" سألت ليرين وهي تشعر ببعض القلق.
"بالطبع تحدثت معه! لم يكن لدي خيار آخر. وقد أخبرني أنه عاد للمدينة للعمل، ويريد رؤيتك. لقد دعوته إلى العشاء الليلة." قالت ليلى بابتسامة بريئة.
"ليلى! لم تسألي إن كنتُ أريد رؤيته!" قالت ليرين وهي تشعر بالارتباك.
"أوه، تعالي. سيكون الأمر ممتعًا، ولن يكون عشاءً رسميًا. مجرد لقاء بين الأصدقاء القدامى." قالت ليلى بمرح وهي تحتسي من قهوتها.
بينما كانت ليرين تحاول استيعاب الفكرة، دخل سنان إلى المكتبة كعادته. رأى ليلى تجلس بجانب ليرين وابتسم لهما قبل أن يتوجه نحو ليرين.
"مرحبًا، ليرين. كيف حالك اليوم؟" قال وهو يقف بجانب الطاولة.
"أنا بخير، سنان. فقط... لدينا بعض المستجدات." قالت وهي تشير إلى ليلى بابتسامة خفيفة.
ليلى لم تفوت الفرصة. "أوه، سنان، كنت أخبر ليرين عن صديقنا القديم مروان. سنلتقي معه الليلة على العشاء. ربما تود الانضمام؟"
تفاجأ سنان قليلاً من الدعوة المفاجئة، لكنه حافظ على هدوئه وقال بابتسامة: "أعتقد أنني قد أكون مشغولاً، لكن شكرًا على الدعوة."
بعد لحظة قصيرة من الصمت، قرر سنان تغيير الموضوع قليلاً. "ليرين، ما رأيك في أن نخرج لاحقًا؟ هناك مكان جديد افتتح قريبًا، وقد يكون مثاليًا لقراءة هادئة."
كانت ليرين تشعر بالارتباك بين العشاء المقرر مع مروان والاقتراح اللطيف من سنان. لكنها شعرت بحاجة إلى التفكير في الأمر. "ربما غدًا؟ لدي بعض الأمور الليلة مع ليلى."
ابتسم سنان وفهم الأمر بسرعة. "بالطبع، متى تشائين."
بعد مغادرة سنان، شعرت ليرين ببعض القلق يتصاعد بداخلها. كان مزيجًا من القلق حول رؤية مروان من جديد، وأيضًا حول تأثير كل هذه الأحداث على علاقتها بـ سنان.
في المساء، عندما كانت تستعد للقاء مروان وليلى، لم تستطع منع نفسها من التفكير في احتمالات عديدة. كيف سيكون اللقاء؟ هل سيعود مروان ليكون جزءًا من حياتها اليومية من جديد؟ وهل سيؤثر ذلك على مشاعرها تجاه سنان؟
توجهت إلى المطعم، حيث كان اللقاء مقررًا. عند دخولها، رأت مروان يجلس على الطاولة، يبدو أكثر نضجًا مما تتذكره، لكنه كان يحمل نفس الابتسامة التي لطالما عرفتها.
"ليرين!" ناداها بحماسة وهو يقف لتحيتها.
تقدمت نحوه بابتسامة خفيفة وقالت: "مروان، لم أكن أتوقع رؤيتك بعد كل هذا الوقت."
جلسا معًا، وانضمت ليلى إليهما بعد لحظات. بدأ الحديث يتدفق بينهما، وكأن السنوات التي مرت لم تترك أثرًا كبيرًا. لكن في كل مرة كانت ليرين تشعر بشيء غريب، كانت تتذكر سنان، وكيف أن حياتها معه كانت أكثر هدوءًا واستقرارًا.
بينما استمر الحديث في التدفق، بدأت ليرين تشعر بأن هذه الليلة قد تحمل لها إجابات عن مشاعرها الحقيقية، وأن وجود مروان قد يعيد إحياء أمور لم تتوقعها.
أنت تقرأ
ليرين
Roman d'amourليرين ، فتاة بسيطة ولطيفة تعيش في مدينة ساحلية هادئة وتدير مكتبة صغيرة تعشقها. حياتها تسير بهدوء حتى يظهر سنان، شاب وسيم ومغامر يزور المدينة بحثًا عن الاسترخاء والابتعاد عن ضغوط العمل. تجذب ليرين اهتمامه فورًا، لكنه لا يعرف كيف يعبر عن إعجابه بطريقت...