الفصل التاسع: اختبار الصداقة
عادت ليرين إلى المنزل بعد يومها الطويل مع سنان وهي تشعر ببعض الهدوء، لكن الحيرة لا تزال تملأ قلبها. كلما فكرت أكثر في اعتراف مروان وفي مشاعرها تجاه سنان، ازدادت تعقيدًا. لم تكن الأمور بهذه الصعوبة من قبل. في الماضي، كانت الحياة أبسط، علاقاتها أوضح، ولكن الآن، تبدو الأمور وكأنها خرجت عن السيطرة.
بينما كانت تستلقي على سريرها في غرفة نومها، سمعت صوت إشعار هاتفها. التقطت الهاتف لتجد رسالة من ليلى.
"هل أنتِ بخير؟ كنتِ تبدين مشوشة الليلة الماضية. أنا هنا إذا كنتِ بحاجة للتحدث."
تنهدت ليرين بعمق. ليلى كانت دائمًا صديقتها المخلصة، لكن حتى هي لم تكن قادرة على مساعدتها في هذا الموقف. قررت الرد سريعًا: "أنا بخير، شكرًا لسؤالكِ. فقط أفكر في الكثير من الأمور هذه الأيام."
بعد لحظات، تلقت ردًا من ليلى: "أتفهم. إذا كنتِ بحاجة لمجرد الابتعاد عن كل هذه الأمور لبعض الوقت، دعينا نخرج ونفعل شيئًا ممتعًا. ما رأيكِ في التسوق غدًا؟"
ابتسمت ليرين، فكرة الهروب من تعقيدات الحياة لبعض الوقت كانت تبدو مغرية. "أحب ذلك، لنخرج غدًا."
في اليوم التالي، كانت ليلى وليرين تتجولان في السوق، تتفقدان المتاجر وتتحدثان عن أمور سطحية للتخفيف عن نفسيهما. كان الجو خفيفًا وممتعًا، لكن رغم ذلك، لم تستطع ليرين الهروب تمامًا من أفكارها.
"أعتقد أنني بحاجة إلى قرار، ليلى. لا أستطيع الاستمرار هكذا، بين سنان ومروان، وكأن حياتي لعبة مشاعر. أشعر بأنني غير منصفة لكليهما." قالت ليرين بينما كانت تقلب فستانًا في أحد المتاجر.
نظرت إليها ليلى بجدية. "أنتِ محقة. لكن لا أحد يستطيع أن يجبركِ على اتخاذ قرار قبل أن تكوني جاهزة. أعلم أن الأمر معقد، لكن عليكِ أن تتبعي قلبكِ في النهاية."
تنهدت ليرين وقالت: "أعلم، لكن قلبي مشوش. كلما قضيت وقتًا مع سنان، أشعر بأنني أقترب منه أكثر، وكلما تذكرت مروان، تعود إليّ الذكريات القديمة. وكأنه جزء مني لا يزال عالقًا في الماضي."
ابتسمت ليلى بلطف وقالت: "أحيانًا، الماضي يبقى جزءًا منا، لكنه لا يجب أن يحدد كل شيء في حياتنا. مروان قد يكون جزءًا مهمًا من ماضيكِ، لكن ماذا عن حاضرك؟ وماذا عن المستقبل؟"
كانت كلمات ليلى بسيطة، لكنها عميقة. شعرت ليرين بأنها بحاجة إلى التفكير بعمق أكثر في هذا السؤال.
بينما كانت ليرين وليلى تتجولان بين المتاجر، فجأة توقفا عندما لمحتا شخصًا يعرفانه. كان مروان، واقفًا في زاوية أحد المقاهي، يبدو وكأنه ينتظر شخصًا. ترددت ليرين للحظة، ثم قررت أن تقترب منه.
"مروان؟" نادته ليرين بهدوء.
التفت مروان نحوها بابتسامة مفاجئة. "مرحبًا، ليرين! لم أكن أتوقع رؤيتكِ هنا."
"أنا وليلى كنا نتسوق. هل أنت وحدك؟" سألت وهي تحاول أن تجعل المحادثة طبيعية قدر الإمكان.
"نعم، كنت أنتظر صديقًا، لكن يبدو أنه تأخر." قال مروان وهو ينظر إلى ساعته.
شعرت ليلى بأنها غير مرغوبة في هذه اللحظة، فقررت التدخل بلباقة. "سأذهب لألقي نظرة على بعض المتاجر الأخرى. سأترككما تتحدثان."
بعد مغادرة ليلى، جلس مروان وليرين معًا في المقهى. كان الجو هادئًا، لكن التوتر بينهما كان ملموسًا.
"كيف حالكِ منذ العشاء؟" سأل مروان بعد لحظة من الصمت.
"أنا بخير، فقط كنت أفكر كثيرًا في كل شيء. اعترافك فاجأني، و... لا أزال أحاول فهم مشاعري." اعترفت ليرين بصدق.
"لم أكن أريد أن أضعكِ في موقف صعب، ليرين. أعلم أنني أتيت فجأة بعد كل هذه السنوات وألقيت كل هذه الأمور عليكِ. لم يكن ذلك عادلًا." قال مروان وهو ينظر إليها بعينين مليئتين بالندم.
"لا، لا تقل ذلك. أنا فقط بحاجة إلى وقت لأفهم ما أريده حقًا. أنت جزء كبير من ماضيّ، ولا أريد أن أخسرك كصديق. لكنني أيضًا... لدي مشاعر تجاه سنان." قالت ليرين وهي تحاول أن تكون واضحة قدر الإمكان.
ابتسم مروان بخفة وقال: "أعلم. وربما هذا ما يجعل الأمور أكثر صعوبة بالنسبة لكِ."
"أشعر بأنني في دوامة، ولا أريد أن أجرح أي شخص. أنت مهم بالنسبة لي، وسنان أيضًا." قالت ليرين وهي تشعر بأن الكلمات لا تعبر تمامًا عن تعقيد مشاعرها.
"أنا لا أريد أن أضغط عليكِ، ليرين. لكني سأكون هنا، سواء كصديق أو أي شيء آخر." قال مروان بصوت هادئ.
بعد لحظة من الصمت، رن هاتف مروان، وألقى نظرة سريعة عليه. "يبدو أن صديقي قد وصل. علينا أن نلتقي مرة أخرى قريبًا، لكن هذه المرة، دعينا نخرج كمجموعة، ربما مع سنان وليلى. قد يكون هذا أفضل."
ابتسمت ليرين بخفة وقالت: "أعتقد أن هذا سيكون جيدًا."
غادر مروان، وترك ليرين وحدها في المقهى تفكر. ربما تكون هذه المحادثة قد ساعدتها قليلاً على رؤية الأمور بشكل أوضح، لكنها لا تزال بعيدة عن اتخاذ قرار نهائي. لكن الآن، على الأقل، تعرف أن مروان يحترم مشاعرها ويمنحها المساحة التي تحتاجها.
في نهاية اليوم، كانت ليرين تعلم أن قرارها سيأتي، لكنه يحتاج إلى وقت، وإلى الاستماع لقلبها بعناية.
أنت تقرأ
ليرين
Romanceليرين ، فتاة بسيطة ولطيفة تعيش في مدينة ساحلية هادئة وتدير مكتبة صغيرة تعشقها. حياتها تسير بهدوء حتى يظهر سنان، شاب وسيم ومغامر يزور المدينة بحثًا عن الاسترخاء والابتعاد عن ضغوط العمل. تجذب ليرين اهتمامه فورًا، لكنه لا يعرف كيف يعبر عن إعجابه بطريقت...