الفصل التاسع عشر: ظل الغيرة
بعد الليلة الساحرة بجانب النهر، شعرت ليرين بأن علاقتها بـ سنان تزداد قوة. كانا يتقربان من بعضهما أكثر فأكثر مع مرور الأيام. لكن مع هذا القرب، بدأت تظهر بعض المشاعر الجديدة التي لم تكن ليرين مدركة تمامًا لها.
في صباح اليوم التالي، استيقظت ليرين بروح مفعمة بالطاقة. كانت تحضر نفسها للعمل عندما رن هاتفها. كان مروان، زميلها القديم وصديقها المقرب الذي يعمل معها.
"مرحبًا، ليرين! ماذا عن تناول الغداء اليوم؟ هناك مطعم جديد افتتح بالقرب من المكتب، وأود أن أجربه معكِ." قال بصوته الودود.
ترددت ليرين قليلاً، لكنها وافقت، فهي لم ترَ مروان منذ فترة طويلة بسبب انشغالها بعلاقتها مع سنان. "حسنًا، سأكون هناك."
في الوقت نفسه، كان سنان منشغلًا بعمله، ولكنه لم يستطع أن يتجاهل شعورًا داخليًا غريبًا، كلما تذكر أن ليرين كانت تقضي بعض الوقت مع مروان. كان يعرف أن مروان مجرد صديق، ولكن الغيرة بدأت تتسلل إلى قلبه ببطء، رغم أنه كان يحاول ألا يظهر أي شيء.
وصلت ليرين إلى المطعم وجلست مع مروان. كانت الأجواء خفيفة ومليئة بالضحك. كانا يتحدثان عن الأيام القديمة في العمل والمواقف المضحكة التي مرت عليهما. وبينما كانا يتحدثان، لاحظت أن مروان كان يحدق بها أحيانًا بطريقة مختلفة، وكأن هناك شيئًا غير معتاد.
"أتعلمين، ليرين... لقد كنت دائمًا شخصًا مميزًا بالنسبة لي." قال مروان فجأة، مما جعلها تشعر بشيء من الارتباك.
"شكرًا لك، مروان. أنت أيضًا صديق عزيز." أجابت بابتسامة خفيفة، لكنها شعرت بأن حديثه يحمل معنى أعمق.
لكن مروان لم يتوقف عند هذا الحد. أكمل: "في الحقيقة... كنت أفكر كثيرًا مؤخرًا. لقد كنت دائمًا إلى جانبي، وأعتقد أنني بدأت أرى الأمور بطريقة مختلفة. لا أعرف كيف أقول هذا، ولكن..."
توقفت ليرين عن الأكل، وبدأ قلبها ينبض بسرعة. "ماذا تقصد؟"
تنفس مروان بعمق وقال: "أعتقد أنني بدأت أشعر بشيء أكثر من مجرد صداقة تجاهك. لم أستطع تجاهل هذا الشعور بعد الآن، وكنت أرغب في إخبارك."
كانت ليرين في حالة صدمة. لم تكن تتوقع هذا الاعتراف المفاجئ. كانت تعلم أن مروان صديق مخلص، لكنها لم تتخيل أبدًا أن مشاعره قد تتغير بهذا الشكل.
"مروان... أنا حقًا أقدر صداقتك، ولكن..." توقفت للحظة، وهي تفكر في سنان، وفي ما يعنيه بالنسبة لها. "أنا مع سنان الآن. وهو الشخص الذي أشعر بأنه يكملني."
ابتسم مروان بتوتر وقال: "أفهم، لكنني أردت فقط أن أكون صريحًا معكِ. لقد كنت دائمًا جزءًا مهمًا من حياتي، وأردت أن تعرفي ذلك."
بعد انتهاء اللقاء، شعرت ليرين بالارتباك وهي تعود إلى المنزل. كانت تعلم أن الأمور قد أصبحت معقدة، لكنها كانت متأكدة من مشاعرها تجاه سنان.
في المساء، التقت بـ سنان كما كانا يفعلان كل يوم. لكن سنان كان يلاحظ شيئًا غير عادي في تصرفاتها. كان هادئًا كالعادة، لكن الغيرة التي كانت تشتعل داخله كلما سمع عن مروان جعلته يشعر بعدم الراحة. ومع ذلك، حاول أن يخفي تلك المشاعر، ولم يُظهر أي شيء.
"كيف كان يومكِ؟" سألها بهدوء بينما كانا يجلسان في المقهى المعتاد.
"كان جيدًا. التقيت بـ مروان اليوم، وتناولنا الغداء معًا." قالت ليرين وهي تحاول أن تتحدث بشكل طبيعي.
لكن رغم محاولاتها، شعر سنان بوخزة صغيرة في قلبه. لم يكن يُظهر أي شيء، لكن قلبه كان يحترق من الداخل.
ابتسم بهدوء وقال: "جميل. كيف كان اللقاء؟"
"كان ممتعًا، ولكن..." توقفت ليرين للحظة، ثم قررت أن تخبره بما حدث. "اعترف لي بشيء غير متوقع."
نظرات سنان تغيرت قليلاً، رغم محاولاته للبقاء هادئًا. "وماذا قال؟"
"قال إنه يشعر بأكثر من مجرد صداقة تجاهي. لكنه يعلم أنني معك، وأوضحت له أنني أراك الشخص الذي يكملني."
شعر سنان بمزيج من الغيرة والراحة في الوقت نفسه. كان يعلم أن ليرين تحبه، لكنه لم يستطع التخلص من شعور الغيرة الذي يرافقه كلما تذكر مروان. لكنه كما هو دائمًا، أبقى مشاعره تحت السيطرة، ولم يُظهر أي علامة على التوتر.
"أفهم. شكرًا لأنكِ أخبرتيني." قال بابتسامة هادئة، لكن داخله كان يتصارع مع مشاعره.
مع مرور الوقت، كانت العلاقة بين ليرين و سنان تزداد تعقيدًا، ليس فقط بسبب مروان، ولكن بسبب الغيرة التي بدأت تظهر بين السطور. سنان، رغم هدوئه، كان يشتعل من الداخل، لكنه كان يحاول دائمًا أن يبقى متماسكًا من أجل ليرين.
لكن، هل ستظل الأمور هادئة إلى هذا الحد؟ أم أن الغيرة ستأخذ مكانها الحقيقي في هذه العلاقة؟
أنت تقرأ
ليرين
Romanceليرين ، فتاة بسيطة ولطيفة تعيش في مدينة ساحلية هادئة وتدير مكتبة صغيرة تعشقها. حياتها تسير بهدوء حتى يظهر سنان، شاب وسيم ومغامر يزور المدينة بحثًا عن الاسترخاء والابتعاد عن ضغوط العمل. تجذب ليرين اهتمامه فورًا، لكنه لا يعرف كيف يعبر عن إعجابه بطريقت...