نار الغيرة

3 0 0
                                    

الفصل العشرون: نار الغيرة

مرت أيام قليلة منذ اعتراف مروان بمشاعره تجاه ليرين، لكن التوتر الخفي لم يختفِ تمامًا. كانت ليرين تشعر بأن الأمور لا تزال هشة، ورغم تأكيدها على حبها لـ سنان، كانت تتساءل عما إذا كان هذا التوتر سيؤثر على علاقتهما.

في هذا اليوم، اتفقت ليرين مع سنان أن يلتقيا بمجموعة من الأصدقاء، من بينهم مروان، في مقهى جديد في وسط المدينة. أرادت أن يكون اللقاء جماعيًا، لتهدئة الأجواء وجعل الأمور تبدو طبيعية قدر الإمكان. كان سنان موافقًا، رغم أن داخله كان يشتعل من الغيرة.

عندما وصلوا إلى المقهى، كان الجو مريحًا وخاليًا من التوتر في البداية. كان الأصدقاء يضحكون ويتحدثون بصخب، بينما جلس سنان في هدوء كعادته، مبتسمًا قليلاً، لكنه مراقب لكل حركة، خاصة تلك التي تحدث بين ليرين و مروان.

في لحظة ما، قررت المجموعة تقسيم نفسها والذهاب إلى الألعاب الموجودة في الطابق السفلي للمقهى. بقي سنان و ليرين معًا، في حين ذهب البقية. وبينما كانا جالسين وحدهما، بدأ سنان بالتحدث بصوت هادئ ولكن بحزم:

"هل تشعرين أن الأمور عادت لطبيعتها بعد ما قاله مروان؟" سأل وهو ينظر إليها بنظرات هادئة لكنها تحمل في طياتها الكثير.

نظرت إليه ليرين بتعجب، وأجابت: "أعتقد أن كل شيء على ما يرام. كنت صريحة معه، وأعتقد أنه فهم موقفي."

ابتسم سنان قليلًا، تلك الابتسامة الهادئة التي تخفي ورائها الكثير من التساؤلات. ثم قال بنبرة هادئة: "أنا أثق بكِ، لكن يجب أن أكون صريحًا. غيرة قد تسيطر عليّ أحيانًا عندما أراكِ تتحدثين مع مروان."

صُدمت ليرين بصراحته المفاجئة. لم يكن من المعتاد أن يعترف سنان بمشاعره بهذه الطريقة. "غيرة؟" سألته بهدوء وهي تحاول فهم ما يدور في عقله.

"نعم، لا أحب أن أراكِ معه. أعلم أنه مجرد صديق، لكنني لا أستطيع التخلص من هذا الشعور. أريدك أن تعرفي أنني أحبك، وأنني سأحترم كل ما تشعرين به، لكن الأمر صعب أحيانًا."

شعرت ليرين بمزيج من الحنان والحزن. لم تكن تتوقع أن سنان، بصفته الشخص الهادئ والمتزن دائمًا، يمكن أن يشعر بمثل هذه الغيرة العميقة.

"أنا أقدر صراحتك، سنان. وأفهم مشاعرك. أعلم أنه ليس من السهل عليكما أن تتعايشا مع هذا الوضع، لكن مروان هو صديق قديم. لن أترك أي شيء يؤثر على علاقتنا." قالت وهي تمسك بيده بلطف، محاولة أن تطمئنه.

في تلك اللحظة، شعر سنان بالدفء يجتاحه، لكنه لم يكن قادرًا على تجاهل شعوره بالغيرة كليًا. كان يعلم أن هذه المشاعر هي نتيجة حبه العميق لـ ليرين، ولكنه أيضًا كان يخشى أن تسيطر عليه الغيرة وتفسد ما بينهما.

في المساء، عندما انضم الجميع من جديد، بدأوا بالحديث والضحك. مروان كان جالسًا بجانب ليرين، يتحدثان عن مواقف العمل المضحكة. وبينما كانت الأمور تبدو طبيعية، كان سنان يراقب بصمت، محاولًا السيطرة على مشاعره.

فجأة، اقترح أحد الأصدقاء أن يتوجهوا إلى مكان آخر للاستمتاع بالسهرة. وافق الجميع، بما في ذلك سنان و ليرين، وقرروا التوجه إلى متنزه قريب للاستمتاع بالهواء الطلق.

بينما كانوا يسيرون في الحديقة المليئة بالأشجار المضاءة بأنوار خافتة، اقترب سنان من ليرين. أمسك بيدها بلطف، وكأنه يحاول أن يؤكد لها أنه لا يزال بجانبها رغم كل شيء.

كانت تلك اللمسة الصغيرة كافية لتُشعر ليرين بالطمأنينة. وبينما كان الجميع يتحدثون ويلهون، قرر سنان أن يأخذ لحظة لينفرد بها مع ليرين.

سحبها بلطف بعيدًا عن المجموعة، إلى زاوية هادئة في الحديقة. جلسا معًا على مقعد خشبي، والهواء البارد يحيط بهما.

"أريدك أن تعرفي شيئًا، ليرين." قال بصوت منخفض وهو ينظر في عينيها. "بغض النظر عما يحدث، أنا دائمًا هنا من أجلك. حتى لو شعرت بالغيرة أحيانًا، فهذا لأنني أحبك بشدة. لكنني سأعمل على التحكم في مشاعري، لأجلك."

شعرت ليرين بدموع صغيرة تتشكل في عينيها، لكنها لم تخرج. كانت تلك اللحظة تحمل مشاعر عميقة، مزيجًا من الحب والاعترافات التي لم يكن أحدهما قد قالها من قبل.

ابتسمت وقالت: "وأنا أقدر كل شيء فيك، سنان. أنت الشخص الذي أريد أن أكون معه، وأعدك أنني سأكون دائمًا صريحة وواضحة."

في تلك اللحظة، اقترب سنان أكثر وضمها إلى صدره بلطف. كانت تلك العناق مليئة بالحب والراحة، وشعرت ليرين بأن كل شيء سيكون على ما يرام طالما أن سنان بجانبها.

---

لكن، بينما كانت تلك اللحظة الرومانسية تجمعهما، كانت الأمور تتصاعد في مكان آخر. مروان، رغم محاولاته لإخفاء مشاعره، كان لا يزال يشعر بالغيرة والخسارة. كانت مشاعره تجاه ليرين أكبر مما كان يتوقع، وهو الآن في صراع داخلي كبير.

هل سيتحكم مروان في مشاعره؟ أم أن هذه الغيرة ستؤدي إلى تصادم كبير بينه وبين سنان في المستقبل؟

ليرينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن