الفصل الأول: خيوط الغموض
•
تتواجد نابولي في أقصى جنوب إيطاليا، حيث تتلألأ أشعة الشمس فوق البحر التيراني، وتنساب الأزقة الضيقة بين البيوت الملونة كالأفكار في رأس تاليا. كانت المدينة مليئة بالحياة، مع أصوات الباعة الذين ينادون وزحام السياح الذين يستكشفون كل زاوية. في قلب هذه الفوضى الجميلة، كان فندق "كابري" ينمو بهدوء، متميزًا بفخامته وجاذبيته.
عملت تاليا في الفندق كخادمة نادلة، منذ سنة، بشرتها الفاتحة وشعرها الداكن وابتسامتها الودودة جعلتها محبوبة من قبل الجميع. لطالما كانت تاليا شخصية مرحة، تستمع إلى الآخرين وتساعدهم. ولكن خلف تلك الابتسامة، كانت تخفي سراً مظلماً.
توجهت تاليا إلى غرفة الاستقبال، حيث كانت تعمل جنبًا إلى جنب مع صديقتها لورا. وكانت قد تعرفت عليها عندما اتت الى الفندق اول مرة. كانت لورا دائمًا مفعمة بالطاقة، وتميل إلى الانخراط في المحادثات مع الضيوف وتقديم النصائح. ومع ذلك، كانت تاليا تعرف أن هناك حدودًا لما يمكن أن تخبره.
"هل رأيتِ الزبون الجديد؟" سألت لورا، عينيها تتلألأ فضولًا.
"أي زبون؟" ردت تاليا، وهي تنظف الطاولات.
"الذي جاء اليوم. يبدو مختلفًا. لا أعتقد أنه من هنا." قالت لورا، بينما كانت ترتب الأطباق.
"أحيانًا يأتي الناس من بعيد، ربما هو سائح." أجابت تاليا، محاولةً أن لا تظهر الاهتمام بهذا الامر.
لكنها كانت قد سمعت بعض الأحاديث في الفندق عن زبون غامض جاء في نفس اليوم. لم تكن تلك مجرد شائعات، بل كانت تهديدًا. شعرت أن هناك شيئًا غير عادي حول وجوده، خاصة عندما تم ذكره باسم جونغكوك.
في تلك الأثناء، دخل رجل طويل في بدلة سوداء. كانت هيئته جادة للغاية، ووجهه خالٍ من أي تعبير. جونغكوك، الذي عُرف بأنه رجل بارد ولا يتحدث كثيرًا، كان يراقب كل شيء حوله بعناية. لم يكن هناك ما يدل على أنه قد جاء هنا للمتعة، بل كان وكأنه يبحث عن شيء.
توجهت تاليا نحو الطاولة التي جلس عليها جونغكوك، بينما كانت تحاول أن تظهر بابتسامة ودودة، رغم شعورها بالترقب.
"مرحبًا، ماذا يمكنني أن أقدم لك؟" سألت، محاولةً أن تُظهر له جانبها الودود.