الفصل الثاني: "اختبار الصمت"

1 0 0
                                    

مرّت أيام قليلة بعد تنفيذ السهم لمهمته الأولى، لكن راحته لم تدم طويلاً. بل كان يتوقع ذلك، فقد ظهر على جهازه الخاص رسالة عاجلة من "الشبكة الرمادية" تتضمن تفاصيل مهمة جديدة، ولكن هذه المرة كان الهدف مختلفًا تمامًا، شخصية ذات نفوذ وحماية قوية. لم يكن الأمر بهذه السهولة، إذ يتنقل الهدف محاطًا بحراس مدججين بالسلاح وعلى علم دائم بالخطر المحتمل.

لم يكن السهم معتادًا على مواجهة هذا النوع من الأهداف، ولكنه لم يتراجع. بدأ بجمع المعلومات بهدوء. درس روتين الهدف اليومي، نقاط ضعف الحماية المحيطة، وساعات تغيير الدوريات. وجد أن الفرصة الوحيدة له كانت خلال فترة ليلية، حين يعود الهدف إلى مكتبه الخاص لمراجعة ملفات حساسة بعد رحيل أغلب الموظفين.

في تلك الليلة، وبينما المدينة تغرق في الظلام، تسلل السهم عبر الأروقة المعتمة للمبنى الحكومي المحاط بكاميرات الأمن. تجنب نقاط المراقبة بعناية، مستغلًا معرفته الدقيقة بأماكن العتمة والنقاط العمياء. وصل إلى باب المكتب، وأخرج جهاز فتح الأقفال الذي يحمله دائماً، واستغرق الأمر منه بضع ثوانٍ حتى فتح الباب بصمتٍ تام.

دخل السهم المكتب، وكان الهدف جالساً في زاوية الغرفة، منهمكًا في الأوراق المنتشرة على مكتبه، غير مدرك لوجوده. لم يكن الهدف مدركًا، ولا الحراس بالخارج، أن الخطر كان قريبًا جدًا.

أخرج السهم جهازًا صغيرًا يُطلق غازًا منوّمًا، ونشره في الهواء بهدوء. بدأ الهدف يشعر بثقلٍ في جفونه، محاولاً التركيز على ما بين يديه، لكنه سرعان ما شعر بالإعياء، وبدأت الكلمات على الأوراق تتداخل أمام عينيه قبل أن ينهار ببطء، مغمىً عليه.

اقترب السهم وأخذ بضع دقائق لتفحص محتويات المكتب بسرعة. وجد ملفًا يحتوي على أسماءٍ ورسائل مشفرة، من بينها ما يشير إلى وجود عناصر داخلية تراقب كل تحركات الشبكة الرمادية، كاشفةً عن خطر لم يكن متوقعاً. دون أن يتسبب بأي ضجيج، أخذ السهم بعض الصور للوثائق، ليبلغ منظمته فيما بعد بالمعلومات التي اكتشفها.

خرج السهم من المكتب بصمت كما دخل، تاركًا وراءه شخصية لن تستيقظ حتى الصباح، وخطرًا يتربص بالشبكة الرمادية من حيث لا يعلم أحد.

أسرار الظلامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن