كانت السماء ملبدة بالغيوم الرمادية حين هبطت الطائرة في مطار روما الدولي. حملت حسناء حقيبتها الثقيلة وهي تشعر بمزيج من الترقب والقلق. "إيطاليا"، همست لنفسها، كأنها لم تصدق بعد أنها قطعت هذه المسافة الطويلة من سوريا لتبدأ رحلة جديدة في أرضٍ غريبة. كان حلمها بدراسة الطب يراودها منذ صغرها، ولكنّ الغربة بدأت تجعله يفر منها منذ الخطوة الأولى لها هناك.
"سأصمد... من أجلهم." قالت لنفسها بحزم، وهي تتذكر والدتها التي ودعتها بدموع ساخنة، ووالدها المريض الذي كان يعاني في صمت، وأختها الصغيرة التي كانت تنتظر عودتها يومًا محملة بالنجاح.
خرجت من المطار بخطوات واثقة، لكنها كانت تدرك جيدًا أن شيئا ما هنا سيكون مختلفًا. لم يكن من السهل عليها أن تترك موطنها وأهلها، ولكن العلم والطموح كانا يدفعانها إلى الأمام.
بعد يومين من وصولها، وجدت نفسها في شقة صغيرة بالقرب من الجامعة مع زميلاتها الجديدات، اللواتي تعرفت عليهن في أولى أيامها هناك. كانت الشقة مليئة بالحياة والضحك، وكأنها جنة صغيرة وسط غابة من التحديات. منال، الفتاة المغربية التي كانت تهوى تصميم القفاطين التقليدية المغربية وتبيعها للسياح، كانت أكثرهن نشاطًا. خلود، الطالبة الأردنية التي تعمل نادلة في مقهى ليلي، كانت تحمل معها طاقة لا تنضب. أما اسمهان، فكانت عاشقة للغناء، وقد وجدت فرصتها في إيطاليا للانضمام إلى فرقة موسيقية. ثم هناك سارة، الفتاة المقعدة التي كانت تبقى في الشقة معظم الوقت، لكنها كانت مصدر إلهامهن بحكمتها وروحها المرحة.
"يجب أن نجد لكِ عملًا، يا حسناء، الحياة هنا مكلفة جداً" قالت منال بابتسامة وهي ترتشف قهوتها الصباحية.
"أعلم، لكن لا أعرف من أين أبدأ..." أجابت حسناء وهي تجلس بجانب النافذة، تراقب زخات المطر وهي تتساقط بخفة على الزجاج.
"لا تقلقي، ستجدين شيئًا مناسبًا. كلنا بدأنا بنفس الطريقة،" قالت اسمهان وهي تتكئ على البيانو الصغير الذي كانت تعزف عليه كل مساء.
لكنّ حسناء كانت تشعر بالثقل. رغم الجو المرح الذي يعم الشقة، كانت تواجه صراعًا داخليًا بين حلمها الكبير وصعوبة الحياة في الغربة. حاولت في البداية العمل في أحد المقاهي، لكن شجارًا بينها وبين إحدى الزبائن جعلها تُطرد في اليوم الأول. منذ تلك اللحظة قررت أن تبحث عن عمل لا يتطلب منها التعامل المباشر مع الزبائن.
في مساء هادئ، خرجت حسناء وحدها، تمشي تحت المطر الذي يغسل أحزانها. كانت السماء ترسل رذاذًا خفيفًا، وكأنها تبكي معها في صمت. تساءلت: "هل كانت هذه الخطوة صحيحة؟ هل سأتمكن من تحقيق حلمي؟ أم أنني سأعود إلى وطني خالية اليدين؟"
ثم فجأة، لفت انتباهها إعلان صغير على نافذة مخبز قريب. "مطلوب موظف للعمل." كانت الكلمات تبدو كأنها فرصة أخيرة للنجاة. توقفت للحظة، شعرت بالتردد؛ هل تدخل وتسأل؟ العمل في مخبز ربما كان بعيدًا عن طموحها، ولكنه قد يساعدها على تحمل تكاليف الدراسة.
"من أجل أمي وأبي، سأحاول." تمتمت لنفسها، ثم خطت نحو باب المخبز بخطوات ثابتة.
"هل أنتِ متأكدة من هذا؟" سألت خلود عندما عادت حسناء إلى الشقة وأخبرتها عن قرارها بالعمل في المخبز.
"ليس لدي خيار آخر،" أجابت حسناء وهي تحاول إخفاء قلقها.
في اليوم التالي، ارتدت حسناء مئزر العمل وبدأت أول يوم لها في المخبز. كل شيء كان جديدًا ومختلفًا: رائحة الخبز الطازج التي ملأت الأجواء، الزبائن المتنوعون الذين كانوا يأتون باستمرار، وزملاء العمل الذين رحبوا بها بلطف.
لكن بالرغم من كل شيء، كانت تشعر بشيء غريب يراودها. ربما كان التغيير المفاجئ في حياتها، أو ربما كان ذلك الإحساس الغامض بأن شيئًا غير عادي ينتظرها قريبًا.
02-30-2016
في تلك الليلة، وبينما كانت الفتيات يتحدثن ويتبادلن الضحكات في غرفة الجلوس، رن هاتف حسناء فجأة. لم تكن تتوقع مكالمة، خاصة في هذا الوقت المتأخر. عندما نظرت إلى الشاشة، لاحظت أن الرقم مجهول.
ترددت للحظة قبل أن تجيب: "مرحباً، من معي؟"
صمت لحظات ثم جاءها صوت عميق وجوهري: "حسناء، بلا شك ستكونين أنتِ..."
ارتبكت، ورمقتها الفتيات بنظرات قلق، لكنها تجاهلتهن وذهبت إلى غرفة أخرى، تحاول أن تفهم ما يحدث.
"من أنت؟ كيف تعرفني؟" سألت بحذر.
"سنعرف بعضنا جيدًا غدًا في المخبز... كنتِ جميلة اليوم." قال المتصل بصوت مخيف.
انقطع الاتصال، تاركًا حسناء في حالة من القلق والارتباك. من هذا الشخص؟ وكيف يعرفها؟ ولماذا تحدث إليها بهذه الطريقة؟
[ ⚠️ شباب وصبايا please بدي دعم كثير للرواية لانها تستحق كثير النمو والنجاح ... 🥺 لا تخيبوا ظني فيكن ... ]
من هو هذا الشخص الغامض الذي اتصل بحسناء؟ ولماذا يتحدث عنها بهذه الطريقة المقلقة؟
أنت تقرأ
فن السادية
Bí ẩn / Giật gânعندما استجابت دعوة الفنان alberto المشهور، لم تكن تعرف أن دخول عالمه سيفتح أبوابا مظلمة ستغير حياتها إلى الأبد. في لحظة واحدة، أصبحت ضحية للوحات تشكيلية تخفي خلفها أسرارا وصراعات غير متوقعة