في صباح يومٍ هادئ، تمايلت أشعة الشمس على نوافذ المنزل العائلي الدافئ حيث تقيم آية مع والديها. كان الهواء يحمل نسمات خريفية ناعمة، ولم يكن يُسمع سوى ضحكات أطفال يلعبون خارجًا، وأصوات أمهات ينادينهم للعودة إلى المنزل. آية، ذات الأربعة عشر عامًا، كانت جالسة على الشرفة الصغيرة، تراقب الشارع بينما تقرأ أحد كتبها المحببة. كان الكتاب قديمًا ومهترئ الغلاف، لكن محتواه كان يفتح لها آفاقًا واسعةً، ويساعدها على الحلم بمستقبل كبير.
كانت آية فتاة مميزة، فضولية ومتفانية، تتابع باهتمام تفاصيل عمل والدها، يوسف، الذي يعمل بتصميم وتطوير السيارات في شركته الناشئة، ولكنه لم يكن كغيره من الآباء. كان يؤمن بأن المثابرة والتطوير هما السبيل للنجاح، ولم يرضَ أبدًا بالاقتصار على ما يعرفه. ولطالما زرع في ابنته الطموح والشغف. في تلك الأيام، لاحظت آية أن والدها مشغول أكثر من المعتاد، وكان يقضي ساعات طويلة في مكتبه، بين الأوراق والمكالمات، وكأنه يسابق الزمن لتحقيق شيء كبير.
في مساء ذلك اليوم، عندما اجتمعت العائلة حول طاولة العشاء، حاولت والدتها، السيدة سامية، أن تخفف من توتر الأجواء بجوّها الهادئ وابتسامتها الدافئة. كانت تعرف أن يوسف مرهق من العمل، لكنها شعرت بأن هناك شيئًا مختلفًا هذه المرة. ربما كان شيئًا أكبر من مجرد صفقة أو مشروع، فقد لاحظت أيضًا لمعة القلق في عينيه. وبينما كان الجميع يتناول العشاء، رفعت آية رأسها ونظرت إلى والدها متسائلة بفضول:
"بابا، ما هي الخطوة الكبيرة التي تعمل عليها الآن؟ تبدو منشغلًا ومهمومًا."
نظر والدها إليها بحنان، ثم أجاب وهو يحاول أن يبدو مطمئنًا:
; "يا صغيرتي، أحيانًا تأتي فرص في الحياة تجعلنا نعيد التفكير في كل شيء. هناك فرصة لنقل عملنا إلى مستوى آخر، مستوى عالمي، لكن هذا يتطلب منا ترك الكثير خلفنا."
أثار هذا الكلام فضول آية أكثر، فبادرت بسؤاله بنبرة خجولة:
; "هل يعني ذلك أننا سنغادر الجزائر؟"
تنهد يوسف، ثم قال بصوت منخفض:
; "ربما يا آية، سننتقل إلى الصين. هناك مستقبل جديد ينتظرنا، وتحديات لم نكن نتصورها من قبل."
ساد صمت بين أفراد العائلة، بينما كانت آية تحاول استيعاب فكرة الانتقال إلى مكان بعيد وغير مألوف. كان قلبها مليئًا بالتساؤلات: ماذا ستفعل في مدرسة جديدة؟ وكيف ستتأقلم مع ثقافة جديدة؟
في تلك الليلة، لم تتمكن آية من النوم. كانت تتقلب في سريرها، تفكر في كل شيء؛ أصدقاؤها، ذكرياتها في هذا المنزل، وحدائق الحي التي طالما أحبت اللعب فيها. أحست بقلق عميق، لكنها في الوقت نفسه، شعرت برغبة في خوض هذه المغامرة الجديدة، لكونها فرصة لم تكن لتتخيلها.
مع بزوغ الفجر، لم تلبث طويلاً حتى قررت أن تخرج إلى الحديقة الخلفية، حيث كان والدها يجلس مستغرقًا في قراءة أوراقه الخاصة بالمشروع. اقتربت منه، وأخذت تتأمله بصمت، ثم همست قائلة:
; "أعدك يا بابا، سأقف بجانبك مهما كان الثمن. سننجح معًا في الصين.
وضع والدها يده على كتفها بابتسامة فخر، وقال: "أنتِ شجاعة يا آية، ولا أريدك أن تنسي أبدًا أن كل خطوة جديدة تحمل في طياتها دروسًا وقوة لم نكن نعرف أننا نملكها."
كانت تلك اللحظة نقطة تحول كبيرة في حياة آية؛ من طفلة تتشبث بذكرياتها إلى فتاة قوية وشجاعة، مستعدة لترك كل ما هو مألوف والانتقال إلى عالم جديد، بعقل وقلب مفتوحين.
-
أنت تقرأ
صدى الرصاصة الأخيرة
Actionآية فتاة لطيفة جزائرية 🇩🇿 انتقلت إلى الصين مع والديها بسب صفقة ضخمت لإنشاء شركة سيارات فكيف ستكون حياتها