مرت الأشهر سريعًا، وبدأت آية تشعر بالاندماج أكثر في حياتها الجديدة بالصين. لكن بينما كانت تجربتها تمتلئ بالمغامرات الصغيرة والأصدقاء الجدد، كان والدها يواجه تحديات أخطر وأعقد. كان نجاح شركته واضحًا، لكن نجاحه جذب أنظار منافسين جدد، بعضهم رأى في صعوده تهديدًا مباشرًا لمصالحهم.
في إحدى الأمسيات، وبينما كانت آية تستعد للنوم، سمعت صوت والدها في الطابق السفلي يتحدث عبر الهاتف بقلق بالغ، كان صوته منخفضًا ومتقطعًا، لكنها استطاعت أن تلتقط بعض الكلمات المتوترة. تحدث عن "ضغوط" و"تنازلات"، وعن أن بعض الأطراف يرفضون رؤيته يستمر في النجاح. كانت كلمات غير واضحة، لكن تلك الكلمات زادت من مخاوف آية التي لم تكن على علم بحقيقة التهديدات المحيطة بوالدها.
بعد عدة أيام، وبينما كانت آية عائدة من المدرسة، لاحظت سيارة سوداء تقف على مقربة من مدخل منزلهم. كان بداخلها رجل غريب بنظرات حادة يتابع المنزل بنظرة جادة، وكأنّه يراقب كل حركة تحدث في المكان. كانت آية غير مدركة للسبب، لكنها شعرت بأن هناك أمرًا ليس على ما يرام. تجاهلت الأمر على مضض، وأسرعت إلى الداخل لتخبر والدها عن رؤيتها الغريبة، لكنّه طمأنها قائلًا:
"لا تقلقي يا آية، قد تكون مجرد سيارة عابرة. الأمور بخير."
لكن طمأنته لم تقنعها تمامًا، خاصة بعد أن لاحظت توترًا خفيًا في صوته، وملامح غير مرتاحة على وجهه.
في اليوم التالي، كانت آية تقضي الوقت مع صديقتها ليو، تتبادلان الحديث في إحدى المقاهي الصغيرة القريبة من المدرسة. كانت تحاول إبعاد تفكيرها عن المخاوف التي تحيط بوالدها، لكن قلبها كان مشغولًا بما يجري. فجأة، قررت أن تشارك ليو ببعض مما يثقل صدرها، ربما لأنها شعرت بحاجتها إلى شخص يشاركها هذه المشاعر المعقدة.
قالت آية بنبرة حائرة:
"أشعر أن هناك شيئًا غريبًا يحدث مع والدي. دائمًا منشغل، وهناك أشخاص يبدو أنهم يراقبوننا."
نظرت ليو إليها بجدية وقالت:
"هل أخبركِ بشيء يا آية؟ هنا في الصين، الأعمال الكبيرة والصفقات الضخمة أحيانًا تجر معها مشاكل غير متوقعة. المنافسة قوية، وقد يكون هناك من يحاول الضغط على والدك."
كانت تلك الكلمات صادمة بالنسبة لآية، لكنها جعلتها تدرك أن الوضع أكثر تعقيدًا مما كانت تتخيله. بدأت تدرك أن عالم الأعمال ليس مجرد صفقات ونجاح، بل هو أيضًا صراع غير مرئي، وفي بعض الأحيان قد يكون مميتًا.
في تلك الليلة، وبينما كانت الأسرة تتناول العشاء، قررت آية مواجهة والدها بالسؤال الذي كان يثقل صدرها:
"بابا، هل هناك أحد يحاول إيذاءنا؟ هل نحن في خطر؟"
تنهد يوسف عميقًا، ثم نظر إلى ابنته بحنان وحزم وقال:
"آية، هناك أوقات نتعرض فيها لضغوط وصعوبات، وهذا جزء من الحياة، خاصة عندما نحقق نجاحات كبيرة. لكن أريدكِ أن تعرفي أنني سأحميكِ ووالدتكِ بكل ما أملك."
شعرت آية ببعض الراحة من كلماته، لكنها لم تتمكن من التخلص من القلق الذي بدأ يتسلل إليها أكثر فأكثر. كان هناك شيء في ملامح والدها يوحي بأنه يخفي أكثر مما يقول، وأن التحديات التي يواجهها أكبر بكثير مما كان يظهر.
في الأيام التي تلت تلك المحادثة، بدأت التهديدات تأخذ منحىً أكثر وضوحًا. في إحدى الليالي، وبينما كانت آية نائمة، استيقظت فجأة على صوت والدها يتحدث بحدة عبر الهاتف:
"لا يمكنني التخلي عن كل ما بنيته. إذا كنتم تعتقدون أنني سأستسلم للتهديدات، فأنتم مخطئون."
ارتعبت آية وهي تسمع صوت والدها الغاضب، وقد بدأت تدرك أن الأمور قد تجاوزت حدود المنافسة العادية. في صباح اليوم التالي، استيقظت آية لتجد ورقة صغيرة ملصقة على باب المنزل، مكتوب عليها بخط غير واضح:
"العواقب ستكون وخيمة إذا لم تستجب."
أخذت الورقة وركضت إلى والدها، الذي عبس بوجهه حين رأى الرسالة. فهم من الكلمات أنها تهديد واضح، وأن الأمور قد تصل إلى مرحلة خطرة. شعر بقلق كبير تجاه ابنته وزوجته، ولم يعد بمقدوره إخفاء الحقيقة.
جلس يوسف مع آية ووالدتها سامية تلك الليلة، وقرر أن يخبرهما بكل شيء. كان عليهما أن يعرفا أن شركته تعرّضت لضغوط وتهديدات من منافسين يطالبونه بالتنازل عن المشروع أو مواجهة العواقب. كانت سامية تستمع بصمت، بينما جلست آية تحدق في والدها بعينين مليئتين بالخوف والغضب.
"لكن، بابا، لماذا لا تترك لهم الشركة وتنتهي من هذه المشكلة؟ حياتنا أهم من أي مشروع!"
أجاب يوسف بصوت هادئ لكن مليء بالإصرار:
"يا آية، هناك أشياء في الحياة لا يمكن التنازل عنها. هذه الشركة ليست مجرد مشروع، بل هي حلم عمري، ما أعمل لأجله منذ سنوات. إذا استسلمت اليوم، سأظل أستسلم دائمًا. لكنني أعدكِ بأنني سأفعل كل ما بوسعي لحمايتكما."
في تلك الليلة، لم تنم آية جيدًا، فقد كانت تفكر في كلمات والدها وفي حجم الخطر الذي يحيط بعائلتها. كانت تشعر بغضب عميق تجاه هؤلاء الذين يحاولون تهديد أمنهم، لكنها أيضًا بدأت تدرك أن عالم الكبار مليء بتعقيدات لم تكن تتخيلها.
كانت الأيام التالية مليئة بالترقب والخوف، لكن آية قررت أن تتماسك. كانت تعرف أن والدها يحتاج لدعمها، وأن عليها أن تقف إلى جانبه.
أنت تقرأ
صدى الرصاصة الأخيرة
Actionآية فتاة لطيفة جزائرية 🇩🇿 انتقلت إلى الصين مع والديها بسب صفقة ضخمت لإنشاء شركة سيارات فكيف ستكون حياتها