قهوة وحظ

12 2 0
                                    

"هل مررت ببالك اليوم "
"لا , فالمرور للعابرين لا للمقيمين"

*

على مقعدها المريح داخل الطائرة، كانت تتكئ بهدوء، تتأمل السحب البيضاء التي تتمايل بلطف في الأفق البعيد، كأنها رقصة هادئة في عالم يختلف تمامًا عما تركته خلفها. في هذه اللحظات، وجدت ملاذًا خاصًا، حيث الهدوء يحيط بها ويسمح لأفكارها بالتحليق بحرية. شعرت بأن روحها تتجدد مع كل دقيقة تمر، وكأنها على أعتاب مغامرة جديدة، تبتعد شيئًا فشيئًا عن ضجيج الحياة اليومية، وتنطلق نحو عالم جديد بآمال مغمورة في رحلتها إلى المجهول.

كان شعرها البني المموج يتدفق حول كتفيها بطريقة غير تقليدية، إذ قررت أن تضفي لمسة من التغيير على مظهرها. في العادة، كان شعرها ينسدل بشكل مستقيم، ولكنها شعرت أن الموجات تضيف شيئًا من المرح والجاذبية. كلما انتقلت إلى مدينة جديدة، كانت تحب تجديد نفسها، سواء من خلال تسريحة شعر مختلفة أو اختيار أزياء تعكس روح المكان الذي تزوره.

لم تكن مجرد عابرة، بل كانت إحدى أشهر كاتبات المحتوى على الإنترنت، صاحبة مدونة يتابعها الآلاف من حول العالم. كانت كلماتها تلهم متابعيها وتعطيهم لمحة عن رحلاتها وتفاصيل حياتها وتجاربها الشخصية.

في تلك اللحظة، حدقت في الشاشة الزرقاء لجهازها اللوحي، حيث تنقل بين ملاحظاتها وتراجع بعض الأفكار لمقال جديد. رغم انشغالها، لم تتوقف أفكارها عن التشعب، فكانت تستذكر كيف بدأت رحلتها المهنية وكيف حققت النجاح بصبر واجتهاد.

لطالما فضلت الرحلات الطويلة، فهي تمنحها الوقت للتأمل والتخطيط لمحتوى جديد. وفي هذه اللحظة، بدأت الطائرة تجتاز عواصف خفيفة، مما جعل قلبها يخفق قليلًا. لكن هذا الشعور لم يزعجها، بل كان يشبه الإثارة التي تشعر بها عند بدء مغامرة جديدة. كانت تعلم أن المخاطر جزء من الرحلة، وأن عليها احتضانها كجزء من تجربة الحياة.

بينما كانت غارقة في أفكارها، اقتربت منها مضيفة الطيران بابتسامة دافئة.
"مساء الخير، سيدة ماريسا. هل تودين بعض النبيذ؟" سألت المضيفة وهي تحمل زجاجة وكأساً.

"نعم، شكرًا لك!" أجابت ماريسا بلطف، وهي تأخذ الكأس وتبتسم.

"هل تحتاجين إلى أي شيء آخر؟" سألت المضيفة بنظرة مشجعة.

"لا، شكرًا على لطفك." ابتسمت ماريسا، وبدا في عينيها امتنان عميق. كانت تحب تلك اللحظات البسيطة من التفاعل الإنساني، التي تجعل السفر يبدو أقل وحدة.

بينما انصرفت المضيفة، استمرت ماريسا في النظر إلى الشاشة، لكن ابتسامة المضيفة جعلتها تشعر وكأنها تركت بصمة لطيفة حتى في رحلة عابرة.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Nov 09 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

AGAPE || أغابيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن