بصباح اليوم الممطر، رن جرس باب شقتي، وها أنا افتح بالباب وجدت خلفه الرجل الذي دمرني ودمر حياتي وبعثرها، الذي لا اتخيل حياتي بدونه وبنفس الوقت اكره نفسي واكرهه ايضا، كيف له ان يكون قاسيا لهذا الحد الذي جعل قلبي ينزف بسبب افعاله السيئة اتجاهي؟، كم كان بريئاً وقتها وهو يحول أنظاره الي اولا ومن ثمها بداخل شقتي، منتظرا مني ان اسمح له بالدخول ولكني سالته: مالذي أحضرك إلى هنا؟؟
" اسمحي لي بالدخول، أنا حقا متعب"
وما ان ارمي نظرة الى ملابسه المح في يداه جنطة صغيرة، تعقدت بحاجبي امامه غير مستوعبة ما احضره إلى هنا ومعه حقيبته، هل كان حقا جديا؟؟!
" ارى بانك احضرت لي طعاما؟"
ابتسم بسخرية وهو يهز راسه وبمكر قال: كلا عزيزتي بل احضرت ملابسي.
" ملابسك؟؟" قلّت بدهشة حتى فزع الرجل من وجهي، وابعدني عن طريقه ودخل بالغصب والقوة.
" اخرج الان خارج منزلي، فليس لك مسموح في البقاء هنا أتسمع" قلت بصراخ الم حلقي
" مالذي يحصل معكي يا بنت؟؟"
" قلت لك اخرس، اذهب إلى إحدى عاهراتك أتسمعني"
" لن اذهب فانا ارتاح هنا بجانبك"
" هل انت مجنون، لك يا رجل مالذي أحضرك إلى هنا"
" عزيزتي، شقتي سوف يصلحونها، قد خربوا الحمام الان والقادم كل الشقة"
" وانا ما ذنبي، لما جئت الي، انت تعلم بان ليس هنالك مكانا لتنام هنا"
" سوف انام على الأريكة، ارتاحي انتي"
" كلا لا مستحيل، لا أطيقك أبدا بهذا المنزل ورؤيتك كل صباح سوف تقتلني"
" سأغير رأيكي وسترين"
" لست راضية بتاتاً" قلت له بنبرة هادئة هذه المرة بعدما ما أعطيته ردة فعل جنونية أحدثت ضجة كبيرة في البناية حيث رن بعدها بعشرة دقايق جرس الباب، أمسكت بيده لكيلا يفتح الباب، نبهته إلا يخرج ويظهر نفسه إلى الجيران لان ان درو فقط بان احدهم يعيش معي في الشقة فسوف يشكون علي وأخسر شقتي.
حين فتحت الباب مرة اخرى، فكانت هذه المرة عجوزة لابسة فستان ازرق من قماش ساتان مرسومة على خدها ابتسامة عريضة، جميلة وجذابة.
" ما كانت هذه الأصوات يا ابنتي؟" تسألني بكلّ براءة ويداها تهتزّ وصوتها المتواضع المميز يرجف بسبب الكبر عليها.
" حبيبتي لا تقلقي ليسو سوى مجرد اصوات الكاسات"
صمتت العجوز اللطيفة ذو خدود رقيقة جدا، ما ان ارادت أن تتحدث، قاطعها رجلي وهو يخرج براسه اليها قائلا: بأنها تكذب
رايت به بحقد، وعلى بالي ان اخنقه الان وارتاح منه للابد، كم انحرجت امام هذه المرأة الان وتمنيت ان تشقه الارض يا الهي مالذي فعلته لكي تضعني كمثل هذا الموقف الاستثنائي.
" ليس صحيح ذلك، انتظر قريبا سوف أتخلص منك"
ضحكت امامنا بكل لطف ولطافة تخبرنا" يا أولادي حبو بعضكم، واحترموا علاقتكم، فالحياة قصيرة ولا تستحق النكد والغضب والزعل، انا وزوجي عشنا حياة طويلة، وسعيدة لا مثيل لها فكان زواجنا من اجمل ما يكون من حياة زوجية رائعة ومميزة، وممتعة، قضينا أوقات لا تنسى ومازلت اتذكر كل حدث وموقف، ولكنه هو..توقفت ولم تكمل حديثها المحزن، فواسيتها وانا أطبطب على كتفها ومن ثمها غمرتها بين أحضاني، متمنية ان لا يموتون يوما هولاء المخلوقات اللطيفه والنادرة وترحل من هذه الحياة، كونهم أبرياء، ونحب ان نتعلم منهم ويعلّمون اجيالنا القادمة.عندما ابتعدت عنها سالتها بتردد: مالذي حصل اليه؟
فهمت مقصدي بكل ذكاء وقالت بنبرة منكسرة وموثرة: قد نسي كل اللحظات السعيدة واصبح يتذكر فقط لحظات خناقاتنا ومشاكلنا السابقة، لذا إبنتي انتبهوا لئلا تخلقون ذكريات مؤلمة بين بعضكما البعض.
تجمعت الدموع في عيني متذكرة كل حدث مولم جرى بيننا أنا وهو، حيث فكرة كلامها آلمتني وغرزت في صدري جروح الماضي، فحين تعود ذاكرته إلى الوراء ويتذكرني بلحظات طفولتنا فسوف أخسره لانه لن يتقبل فكرة بانني كنت سببا في ضياع أيامه الجميلة مع والدته، فهو يعتقد بانني السبب بكل ما حصل له وانا كنت اعلم الحقيقة وخبأتها عليه، كونه كان طفلاً لئيما، وانانيا لا يحب سوى نفسه، لا اعلم حينها كيف علي التعامل مع تلك المواقف البشعة التي سوف تحصل معنا سابقاً؟؟، هذا حقا محزن ما حصل مع هذه العجوز قلبي كسرني، وكلّ مواساتي لها فهي تستحق كل الاحترام بعد هذا العمر نجحت في جميع مراحل حياتها السابقة لحد ما وصلت لمرحلة خسرت اغلى ما تملكه ذاكرة زوّجها، ولكنها كانت متصالحة كليا مع نفسها وجميع ما عاشته في الماضي، فهي مخلوقة ذكية، متقبلة حيّاتها الماضية وذاكرة زوّجها الذي تخلى عن اجمل لحظات حياته الزوجيّة معها فقدهما وكانه ناوي في تجديد مشاكلهما في علاقتهما معا انه لا ينسى تلك المشاكل التي تسببت اليهما مشاكل نفسية ومشاعر مندمجة بين الطرفين من الغضب، والحزن والآلم، حتى اصبحت اكبر جزءا ثقيلا في حياته لحد الان انه لا ينسى ولم ينسى، فكونها امراة ذكية تقبلت ذاكرته المتواضعة الشخصية، على دراية تامة بان لكل حصل معه فكان هو من يتأذى ويتألم وبالاخير ينال الراحة في احضان زوجته.أملأت قلّبي هذه العجوز بالحب والحنان اتجاه الرجل الذي كان واقفاً خلفي يستمع إلى حديثنا بكل شغف.
" لا يوجد كلمات توصف سعادتي فيكي اليوم، هل تودين شرب القهوة"
" وانا بالأكثر ابنتي، ربما يوما آخر"
ابتسمت اليها وقبل مغادرتها أعطيتها عناق سريع متأملة شكلها وهيأتها بكل حب وتقدير لهذه العجوز.اغلقت الباب، مفتكرة في كلام تلك العجوز القصيرة ذات قلباً رقيقاً وجميلاً متشابه بالملاك الابيض الذي كان يجول بين العالم ينشر سلامه العجيب ويرسل رسالته للعالم كله، وهكذا تماما ما فعلته تلك الحبيبة قد نشرت أجمل مقولة لها الينا، أفاقني من عالمي الجميل وهو يلوح بيداه الي قائلا: اتمنى تكونين قد فهمتي الدرس لليوم انسة راتشيل، كوني عاقلة وجميلة لي.
" ليس وقتك الان لتبدأ بمواعظك الشخصية الي، كف عن إزعاجي، فأريد ان ابقى لوحدي قليلا، انت ابقى هنا في الصالون"
" كيف، كيف هكذا، لا لا مستحيل، سوف اضجر لوحدي بين اربعة جدران"
" هذا ذنبك وليس ذنبي، فأنت من ورطت نفسك، وارجوك لا تزعجني مرة اخرى لكيلا اصرخ عليك والتم الجيران علينا".
ضحك بصوت مرتفعا حينما اعطيته ظهري واختفيت من امامه، اردت فقط الهروب من ذلك الرجل حتى انني كنت اعيش في الجحيم دون أن انقذ نفسي منها، ان اخفي عليه الحقيقة كان هذا اصعب ما اقوم به كل يوم، وها اليوم سوف يعيش معي لحد ما يرحل عني، كيف علي تحمل كل ذلك؟، فأنا استسلم لنفسي وله اود إنقاذ نفسي من هذه النار التي أحرقت جلدي، نفسيتي تعبت من كثرة التحليل عما سوف يحدث بعدما عرفني!.
أنت تقرأ
عاقبنيِ عن افعاّليِ
Poetryفي طفولتهما الأولى والراقية، ربطت بينهما صداقة غير متكافئة: فتاة مخلصة، حنونة، طيبة القلب وهادئة المزاج وعاطفية جدا، تحب بلا شروط، وفتى حاقد، اناني وقاس القلب، منذ صغره يحمل أثقال عقده النفسية على كتفيه الصغيرين بسبب مشاكل عائلية دمرت ثقته بنفسه و ز...