part 1

6 2 0
                                    

                                    

"في كل همسة غياب، أستشعر ثقل الذكريات، وكأن عبء الماضي يعيد تشكيل حاضرٍ مكسور "

☆☆☆

                                                ...............

في ظلام الليل، كان الهدوء يثقل الأجواء وكأن الوقت قد تجمد. جلست في ركن الغرفة، تتنفس بصعوبة، كل شهيق يخرج من صدرها كأنه جرح يتجدد. جبينها كان يقطر بالعرق، وتشعر بأن الألم لا ينتمي فقط إلى ذاكرتها، بل إلى كل ذرة في جسدها.

في تلك اللحظات، كانت أصوات صراخ وبكاء تتردد في أذنيها، كأنها تعيد تجسيد اللحظات القاسية التي شهدتها. كل صرخة كانت تشق صمت الليل، تغرس خنجراً في قلبها. حاولت أن تضرب أذنيها لتبتعد عن تلك الأصوات، لكن لا شيء يمكنه أن يهرب بها من هذا الكابوس المتكرر.

تجمدت، عاجزة عن الحركة، بينما قلبها ينبض بجنون، كأنه يحاول الهروب من ذلك الحاضر الثقيل. كل زاوية في الغرفة كانت تحمل أثقال الماضي، وكل ظلام يحيط بها كان يذكرها بأن السلام بعيد. كانت الغرفة تزداد برودة مع مرور الوقت، والظلام يزحف على كل شيء من حولها. تحركت قليلاً في مكانها، محاولة أن تحس بشيء يعيدها إلى الواقع، لكنها لم تشعر بشيء سوى بالبرودة.

بينما هي تائهة في أفكارها، لمحت في زاوية مظلمة من الغرفة صورة ممزقة. زحفت ببطء نحوها، وبيدين مرتجفتين رفعتها. كانت صورة قديمة تعود لسنوات طفولتها، يظهر فيها وجهها البريء وعيناها الخائفتان. لم تستطع تمالك دموعها؛ شعرت كأن تلك الطفلة كانت تحاول التواصل معها من خلال الصورة، وكأن شيئًا في تلك اللحظة أصرّ على تجديد الألم.

أبعدت نظرها عن الصورة، وصوت خطوات بطيئة بدأ يقترب. تسمّرت حين سمعت صرير الباب يُفتح ببطء، طغى بداخلها مزيج من الخوف والمرارة. لم تكن بحاجة لتُدير رأسها لتعرف من القادم. تلك الخطوات الواثقة، الصارمة، لا يملكها سواه. وقفت عيناها المرهقتان تراقب ظلّاً يظهر شيئاً فشيئاً، حتى تجسدت أمامها هيبة ذلك الوجه الصلب، بملامح لا تملك إلا قسوة وهدوءاً مُريباً.

توقف على بعد خطوات منها، صامتاً، كأن صمته وحده كان يكفي ليزيد من وطأة الألم داخلها. حدّقت في الأرض، عاجزة عن رفع نظرها، تتصارع في داخلها صرخات الماضي التي تجددت مع حضوره، وذكريات الطفولة التي دمرها بيديه، وتساءلت كيف لإنسان أن يقسو لهذا الحد، أن يتحول إلى كابوس يقبع في زوايا حياتها.

كسر الصمت بصوت منخفض لكنه قاسٍ، حاملاً بين كلماته شظايا الغضب القديم. "ظننت أنني علّمتكِ كيف تسيطرين على مخاوفك، ولكنكِ خذلتني كالعادة، كما كنتِ دائماً."

ارتجف جسدها برد فعل تلقائي، وكلماته كانت تزرع في روحها شظايا لا تستطيع استئصالها. شعرت وكأن الغرفة ضاقت، وأن الهواء بات يزداد ثقلًا، ليخنق أنفاسها. تذكرت شيئًا من الماضي، لحظات قاسية، وصرخات صغيرة من طفلة كانت تحاول النجاة، وكأن الماضي يعود ليحاصرها.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Nov 16 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

𝕯𝖆𝖗𝖐 𝕳𝖊𝖑𝖑  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن