خرجت رودين من الحمام، وشعور الانتعاش يملأ روحها، كما لو كانت تحلق فوق السحاب. كانت ترتدي الملابس الحريرية الخفيفة التي انسيبت برشاقة حول جسدها، مما منحها إحساسًا رائعًا لم تعهده من قبل.
عندما لمحها الفتاتان، جوليا ولورينا، انحنيتا بأدب، لكن جديتهما جعلت رودين تشعر ببعض الارتباك. في أعماقها، قالت: "لا أستطيع الاعتياد على هذا الأدب الزائد. يبدو أن المشاكل وسوء الاحترام في عائلتي قد أثرا عليّ."
"آنستي، دعينا نتولى أمر ثيابك، سنغسلها لك," قالت جوليا بلطف. تحمل رودين ثيابها بيدها، بينما سألتها جوليا، "الحقيبة؟"
ضمتها رودين لصدرها كأنها تحاول حمايتها. عندها فتحت لورينا الخزانة، قائلة: "آنستي، يمكنك وضعها هنا. لن يلمس أحد أشيائك الخاصة."
نظرتا إليها بتفهم شديد، وضعت رودين حقيبتها داخل الخزانة، كأنها وضعت قطعة من روحها. أغلقت لورينا الخزانة وأعطت المفتاح لرودين، وكلها نظرات تفهم.
اقتربت منها جوليا بابتسامة دافئة، قائلة: "آنستي، دعيني أسرح لك شعرك." جلست رودين قرب المرآة، بينما أخذت جوليا منشفة وجففت شعرها بعناية. ثم، باستخدام سحر النار والهواء، جففت شعرها كفنانة في صالون تجميل. وعندما انتهت، قامت بعمل تسريحة أنيقة، حيث تم جمع شعرها الطويل إلى الأعلى مع خصلات منسدلة على جانبي وجهها، مما أبرز ملامحها الناعمة وجمالها.
نظرت رودين إلى نفسها في المرآة، وإعجابها بنفسها كان واضحًا. "شعرك جميل جداً، والآن يبدو ملكياً أكثر!" قالت جوليا بفخر.
"شكرًا لك، جوليا. يديك سحريتان حقًا. لم أتوقع أن يبدو شعري بهذه الأناقة."
ابتسمت جوليا بفخر، ثم نادتها لورينا باحترام: "آنستي، تفضلي الغداء، رغم أنه متأخر قليلاً."
لفت نظرها نحو طاولة مملوءة بكل الخيرات، وقد انتشرت رائحة الطعام اللذيذ في الأرجاء. جلست رودين، وقررت أن تتصرف بنبل لتحافظ على صورة أورفين. ولكن فور أن وضعت أول لقمة في فمها، نسيت جميع آداب السلوك. كان الطعام أقل ما يقال عنه لذيذاً، لم تتذوق ألذ من ذلك الطعام من قبل. حتى الخبز العادي كان طعمه لا يوصف. نسيت رودين نفسها في تلك اللحظة، فبدت كمن يأكل لأول مرة في حياته، وشعرت بالفرح يملؤها.
عندما أدركت ما حدث، خجلت، والتفتت لترى الفتاتين، لكنهما لم تزعجاها بنظراتهما. "شكرًا لكما، كان الطعام رائعاً!" قالت رودين، وهي تحاول استعادة بعض من كبريائها.
"يسعدنا أنه أعجب ذوقك. إذا كان لديك أطباق معينة تحبينها، سنوصي الشيف ليعدها لك."
"شكرًا..." قاطعتها جوليا قائلة: "أعذريني، آنستي. نحن هنا لخدمتك، لذا لا داعي لشكرنا في كل مرة. يسعدنا خدمتك."
"حسنًا، ش..." ولم تتمكن من إكمال جملتها قبل أن ينفجر الثلاثة بالضحك.
"أرى أنك انسجمت جيداً هنا."
في تلك الأثناء، دخل أورفين مبتسمًا، لكن تلك الابتسامة كانت غريبة على رودين. نظرت إليه بحماس، وقالت: "أهلاً أورفين، كنت في انتظارك!"
"هل أعجبتك الغرفة؟" نظر إليها من رأسها إلى أخمص قدميها، يتأمل كل تفاصيلها كأنه يراها للمرة الأولى.
"نعم، الغرفة رائعة، والحمام كان مدهشًا، لكن ما كان أروع هو الطعام!" قالتها بنبرة حماسية، كما لو كانت طفلة عادت للتو من المدرسة لتروي تفاصيل أول يوم لها.
ضحك أورفين بسعادة: "يسعدني أن هذه الأمور البسيطة أسعدتك."
فجأة، تحولت نظراته إلى الجادة، وحول بصره نحو الخادمتين اللتين وقفتا باحترام. "أريد الحديث لوحدنا."
"عن إذنك، سموك، آنستي."
خرجت الفتاتان من الغرفة وأغلقتا الباب خلفهما. وجه بصره نحوها كان يحمل تعابير غير مفهومة، ثم قال: "حسنا قبل كل شيء أريد الاعتذار عن الفعل الغريب الذي بدر مني، وسأخبرك بكل شيء."
في تلك اللحظة، شعرت رودين بقلق خفيف يختلج في قلبها من الكلام الذي سيقوله.
أنت تقرأ
أمانيثا
Fantasyفي عالم من الخيال، تجد رودين نفسها تواجه واقعها القاسي بعد معرفتها بمرضها وفقدان صديقتها العزيزة. تُخبرها الأسطورة عن "أمانيثا"، المدينة التي يُزعم أنها تحقق الأماني المدفونة. لكن هل هي حقاً مدينة الأماني، أم أن فيها أسراراً أعمق؟ تنطلق رودين في رحل...