١٤. خطوات نحو الأمل

4 4 0
                                    

عاد اليكسندر ومعه فيكتور إلى ليون بعد رحلة مضنية وطويلة، ولكن رغم الراحة الظاهرة على وجوههم، كانت القلوب في حالة من الاضطراب. الأمل الذي كان يملأ أعينهم قبل أن يغادروا باريس قد بدأ يتلاشى تدريجيًا، تاركًين وراءهم فراغًا مليئًا بالقلق والمخاوف. كان الكل يعلم أن الأيام القادمة لن تكون سهلة، وأن الهروب من فرنسا بات أمرًا ضروريًا، لكن كيفية الخروج كانت هي السؤال الأكبر.

في قلب ليون، داخل المنزل الآمن الذي رتبه فيكتور، كان الجميع يحاول التكيف مع الوضع الجديد. كان المنزل مكانًا هادئًا وآمنًا، ولكنه لا يوفر أي أمان حقيقي في ظل الأوضاع السياسية المتدهورة في البلاد. كانت الجدران عالية، والنوافذ صغيرة، ولكن خلف هذه الجدران كانت هناك عيون لا تنام.

ألكسندر جلس في غرفة المعيشة، عينيه مشدودتين إلى الخريطة الممددة أمامه على الطاولة. خطوط الطرق والممرات الجبلية، أهوار النهر، والحدود مع دول أخرى كانت تبدو وكأنها معركة أخرى في معركة حياته. نظر في وجه فيكتور، الذي كان جالسًا على المقعد الآخر، لكن صمتًا ثقيلًا كان يحيط بهما، وكأنهما يحملان همومًا أكبر من أن يعبر عنها بالكلمات.

فيكتور كان يبدو شاحبًا، شارد الذهن، يراقب الخريطة بعينين ضائعتين. حتى الحواف اللامعة التي كانت تعكس الأضواء في غرفته بدت باهتة، مثلما أصبح الواقع في ذهنه. لقد كان الرجل الذي يضع دائمًا خطة محكمة لكل خطوة، ولكن الآن، على بُعد خطوات قليلة من الخطر، بدأ يشعر بالعجز.

أخيرا، كسر ألكسندر الصمت قائلاً، "أنت لا تعرف كيف ستخرجنا من هنا، أليس كذلك؟"

كانت الكلمات قاسية، رغم أنها لم تأتِ بصوت عالٍ. فيكتور رفع رأسه ببطء، وتساءل بلغة مليئة بالتردد: "ماذا تعني؟"

"أنت تقول دائمًا إن لديك خطة، ولكن مع كل يوم يمر، تزداد المخاطر. الثوار يقتربون أكثر، والمراقبة تزداد، وأنا لا أريد أن أرى عائلتي في خطر أكبر من هذا."

فيكتور وقف فجأة، وجهه مملوءًا بالتجاعيد التي حفرتها الأيام القاسية. "أنت تظن أنني لا أخاف؟ هل تعتقد أنني لا أفهم المخاطر؟!" هتف بصوت مرتفع، كانت كلمات من قلبه، مليئة بالغضب والحزن. كان يعلم أن ألكسندر لم يكن يشكك في قدراته، ولكن الكل كان يتعامل مع العبء الكبير بطريقته الخاصة. والآن، كان شعور فيكتور بالعجز يراوده.

ألكسندر اقترب منه، ووقف أمامه مباشرة، ناظراً في عينيه. "أنت قلق، وأنا كذلك، لكننا لا يمكننا أن نواصل في هذا الوضع. يجب أن نجد مخرجًا، وإلا فسنخسر كل شيء. لا أستطيع أن أرى عائلتي في خطرٍ أكبر."

فيكتور نظر إلى ابنه، ثم إلى الخريطة، ثم إلى الأرض أسفل قدمه. "أعلم ذلك، ألكسندر. لكن الوضع الآن ليس كما تعتقد. هناك من يراقبنا، ونحن لا نملك الوقت الكافي لتحديد كل خطوة بعناية. الثوار يريدون رؤوسنا، ونحن لسنا بعيدين عنهم. حتى لو هربنا إلى لندن، ماذا سنفعل بعد ذلك؟ هل تعتقد أن الأمر سينتهي هناك؟"

فوضى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن