حاول أورفين جمع شتات نفسه، ثم قال بصوت مثقل بالحقائق المريرة: "عندما عدتُ إلى والدي، أخبرني أن أوليريا التي كانت معهم لم تكن إلا نسخة مزيفة. بعد أيّام من هروبي، اكتشفوا أمرها بعد ان عاد شكلها الحقيقي وجدت ميتة ."
نظرت رودين إليه بذهول، وسألته باستغراب: "ميتة!! كيف ؟"
أجابها بتنهيدة عميقة، محاولًا توضيح المعنى: "كما قلت لك، لونا ليست كائنًا حقيقيًا؛ هي صنيعة أوليريا، جزء من طاقتها السحرية. حياتها مرتبطة بأوليريا، لأنها جزء من روحها."
تسارعت دقات قلب رودين، وقالت بارتباك: "لكن… ألم تخسر أوليريا قوتها السحرية؟"
هزّ رأسه مؤكدًا: "حتى وإن فقدتها، ستظل لونا مرتبطة بها. حياة لونا تعتمد على حياة أوليريا، وستظل كذلك حتى النهاية."
تجمدت رودين في مكانها، عاجزة عن الحديث. ثم همست بصوت شاحب: "إذن… هل كشفوا خطتكم؟"
ابتسم أورفين ابتسامة حزينة: "لا، لم يعلم أحد بتورطي معها في خطة الهروب، حتى والدي .لقد تم تكتم على أمر النسخة بانتظار عودتي."
صمت للحظات قبل أن يضيف: "أخذ مبعوث ليبرتا جثة لونا دون أن يلاحظ أحد أنها كانت بلا حياة، ثم أشاعوا أنها عادت إلى موطنها مكسورة الفؤاد لأنني تخلّيت عنها."
نظرت رودين إلى أورفين الذي كان يحدق في الفراغ، حتى نادته برفق: "أورفين؟"
أفاق من شروده وقال بصوت منخفض: "ملك ليبرتا ينوي إعلان وفاتها اليوم… ويرغب بنشر شائعة حول موتها."
"شائعة؟"
"نعم، لديه رغبة ملحة في تشويه سمعة أمانيثا، حتى لو كان ذلك على حساب سمعته وسمعة ابنته."
بدت رودين في حيرة وسألت: "لكن… ألم تكن هناك خطبة بينكما؟ ظننت أن الأمور بينكما طيبة."
ضحك أورفين بمرارة وقال: "طيبة؟ بالكاد كانت هناك علاقة بيننا. واليوم فقط عرفتُ عن بعض الأمور، وأدخلتكِ في مشاكل لا تخصكِ دون تفكير… يا لي من أحمق."
ثم نظرت إليه رودين بقلق وسألته: "ما هي الشائعة التي يرغب الملك في نشرها؟"
تنهّد أورفين وأجاب بصوت مخنوق: "سيشيع أن أميرة ليبرتا من حزنها انتحرت بسبب أمير أمانيثا."
ما إن سمعت رودين كلمة "انتحرت"، حتى شحب وجهها، وعقلها بدأ يسترجع صورًا مؤلمة، وكأنها تُشاهد مجددًا لحظة تلقيها خبر انتحار صديقتها ليلى. همست كمن فقد صوابه: "انتحرت…!"
حاول أورفين تهدئتها قائلًا: "أنا متأكد أن والدها أو الملكة من قتلها و يريدون إلصاق التهمة بي."
لكن رودين كانت غارقة في أفكارها، لا تسمع كلماته، تردّد بصوت يملؤه الإنكار: "لا… لم تنتحر… لماذا قد تفعل ذلك؟ لا… هي لم تفعلها، لن تفعلها."
كانت تتحدث بصوتٍ شاحب وكأنها تائهة بين ذكرياتها. نظر إليها أورفين بقلق وقال: "رودين؟!"
فجأة، انتفضت رودين وأمسكت أورفين من ذراعيه بقوة، تهتف بعينيها الدامعتين: "ليلى لم تنتحر! أنا أعرفها جيدًا، هي لن تفعل ذلك!"
تفاجأ أورفين من ردة فعلها وقال بقلق: "رودين، ما الذي يجري؟"
أجابت وهي تهز رأسها نافية، كأنها تحاول محاربة الصدمة التي تسيطر عليها: "ليلى… لن تفعلها، إنها صديقتي، أعرفها جيدًا."
ثم خيّم الصمت، وبقيت تردد بصوت مختنق: "لا، لم تمت… لا، لا…"
ارتجف أورفين وهو يشاهد الدماء تنساب من أنف رودين، فزعًا مما يحدث. صاح بصوت يائس: "أحدهم، بسرعة! أحضروا الطبيب! رودين، انظري إليّ، أفيقي!"
ولكنها كانت تغرق في عالمها، إلى أن تلاشت قواها وسقطت بين يديه، غارقة في اللاوعي، تاركة أورفين يواجه رعبه وحيدًا، غارقًا في عجزه عن إنقاذها من أوجاعها.
أنت تقرأ
أمانيثا
Fantasyفي عالم من الخيال، تجد رودين نفسها تواجه واقعها القاسي بعد معرفتها بمرضها وفقدان صديقتها العزيزة. تُخبرها الأسطورة عن "أمانيثا"، المدينة التي يُزعم أنها تحقق الأماني المدفونة. لكن هل هي حقاً مدينة الأماني، أم أن فيها أسراراً أعمق؟ تنطلق رودين في رحل...