ᴵⁿ ᵗʰᵉ ᵈᵉᵖᵗʰˢ ᵒᶠ ᵗʰᵉ ʳᵃⁱⁿ|02|

12 0 0
                                    

الفصل الثاني: لقاء غير متوقع

كان صباحًا رماديًا في باريس، حيث الشمس بالكاد تتسلل عبر السحب الكثيفة. هرولت كاثرين عبر الشارع المرصوف بالحجارة، محاولة اللحاق بالحافلة التي اقتربت من المحطة، ممسكة بكوب قهوة يملأه البخار، وعيناها تركزان على الباص القادم، وكأنها كانت في سباق ضد الزمن. في هذه الأثناء، كان ليو يسير نحو سيارته، يمسك هاتفه بشدة بينما يتحدث بحدة مع مساعده الخاص، غضبٌ غير مألوف ارتسم على ملامحه الباردة كأن شيئًا مهمًا قد أفلت من بين يديه.

في تلك اللحظة، دون وعي، اصطدم الاثنان ببعضهما. تسربت القهوة من كوب كاثرين وسقطت بضع قطرات على معطفه الأسود الفخم. تراجع كل منهما خطوة، عيناها الخضراوان اشتعلتا بالغضب والدهشة، بينما نظراته  الداكنة تبرقت بشيء من الاستفزاز الذي بدا وكأنه متعمد.

قال ليو ببرود، وملامح وجهه لم تتغير
"ألا تنظرين أمامك؟".

نظرت إليه كاثرين بنظرة تحدٍ قبل أن ترفع حاجبها، وقالت بابتسامة خافتة ممزوجة بالسخرية
"أعتقد أنني فضلت إهراق قهوتي عليك على أن أقطع رجولتك بكلمة أخرى".

رفع ليو رأسه، وقد بدت على وجهه لمحة من الغضب الخفيف الممزوج بالإعجاب، لم يكن معتادًا أن يُرد عليه بهذه الطريقة. لكنه لم يترك الأمر يمر مرور الكرام، فأجابها بلهجة حادة
"لو كنتِ تنتبهين إلى الطريق بدلاً من الهروب من كل شيء، ربما لنجوتِ من هذا التصادم."

ردّت كاثرين، وقد ازداد التحدي في صوتها
"الهروب؟ إن كان هناك من يهرب هنا، فهو بالتأكيد ليس أنا. يبدو أنك تفضل إظهار عضلاتك في الكلام بدلًا من إظهار أي ذرة احترام."

لم يستطع ليو كتم ابتسامة ساخرة ارتسمت على شفتيه. وأضاف
"الاحترام شيء يجب أن يُكسب، وأنتِ، على ما يبدو، لم تحصلي على أي منه حتى الآن."

لم ترد كاثرين بكلمات، بل ابتعدت عنه ببطء، ثم ألقت نظرة أخيرة عليه قبل أن تستقل الحافلة، وكأنها تودعه بنظرة تحتوي كل التحدي والغضب المكبوت.

بينما شاهدها ليو وهي تبتعد، شعر بشيء غريب يخترق جدار بروده؛ لم تكن كاثرين مجرد شخص عابر آخر في شوارع باريس المزدحمة، بل كانت شغفًا من نوعٍ آخر، شغفاً مفعمًا بالتحدي والخطر، يعرف جيدًا أنه لا ينبغي عليه الاقتراب منه… لكن شيئًا ما في داخله لم يستطع مقاومة هذا الجذب الغريب.
______________

بعد تلك المواجهة الصباحية، عاد ليو إلى مكتبه في الطابق العلوي من أحد المباني الأنيقة والمصممة بعناية في قلب باريس. كانت شركة ليو متخصصة في الاستشارات الاستثمارية، حيث يضع يديه على صفقات مليئة بالمخاطر، وقد بنى لنفسه سمعة بين الطبقة الراقية بكونه شخصًا يعرف كل شيء عن الجميع دون أن يكشف عن أسراره. كان المكتب فسيحًا وذو طابع حديث، بألوان داكنة ولمسات زجاجية وكرسي جلدي عميق خلف مكتبه الضخم الذي يعكس قوته وشخصيته الحازمة.

𝐈𝐧 𝐭𝐡𝐞 𝐝𝐞𝐩𝐭𝐡𝐬 𝐨𝐟 𝐭𝐡𝐞 𝐫𝐚𝐢𝐧حيث تعيش القصص. اكتشف الآن