نظر هيونجين إلى الشارِع من نافِذة المقهى بتأمل، تذكر لقاءهما الأخير في الثالث من ديسمبر قبل عامين. كان اليوم باردًا، والثلوج تتساقط بهدوء، تزين الشوارع بحلة بيضاء ناعمة. في ذلك اليوم، رأى هيونجين فيلكس لأخر مرة، شابًا بابتسامة خجولة، يرتدي معطفًا رماديًا كبيرًا كان يبدو أنه أكبر من حجمه الحقيقي، وعيناه مليئتان ببريق خاص، كأنهما تعكسان ضوء الثلج.
اقترب هيونجين منه متردداً، لكنه في الوقت ذاته لم يستطع مقاومة دفء مشاعره المتزايدة نحوه. كان يحاول فتح حوار بسيط، لكن كلمات فيلكس وأسلوبه العفوي جذباه بشكل عميق وغير متوقع. هيونجين تنفس بعمق وهو يستعيد الذكريات، وعاد بذاكرته إلى تلك اللحظات التي قضاها مع فيلكس في يوم ديسمبر البارد. بعد أن تبادلا بضع كلمات متوترة، انطلقا في نزهة بسيطة في الحديقة العامة، وكانت الثلوج تغطي كل شيء حولهما، لتضفي على المكان هدوءًا خاصًا.
كانت خطواتهما بطيئة، وأصوات الثلوج تتكسر تحت أقدامهما. كان فيلكس يبدو قلقاً بعض الشيء، لكن هيونجين شعر برغبة في طمأنته. مد يده بخفة، وانتظر أن يشعر برد فعل فيلكس. لحظة تردد قصيرة سبقت لمسة فيلكس لأصابعه، ثم سمح لنفسه أن يمسك يد هيونجين بهدوء، كأن هذه اللحظة بينهما كانت هي الدفء الوحيد وسط برد ديسمبر القارص.
"أتعرف؟" قال هيونجين بصوت خافت، محاولاً كسر الصمت بينهما. "أشعر بأن هذا اليوم سيكون بداية شيء مهم."
نظر إليه فيلكس بابتسامة خجولة، لكنه لم يرد. كان يشعر بنفس الدفء الذي شعر به هيونجين، وكأن هناك شيئًا ما يربطهما، شيء يتجاوز الكلمات أو النظرات. ابتسم هيونجين بلطف وهو يلاحظ الصمت المريح بينهما. لم يكن بحاجة للكثير من الكلمات الآن، فقط وجود فيلكس بجانبه كان كافيًا. كانت يداهما ما زالت متشابكة، وحينما نظر إلى فيلكس، شعر بشيء غريب داخل قلبه؛ شيء لا يمكن تفسيره بالكلمات. ربما كان هو الشعور الذي لا يستطيع كل البشر فهمه، ولكن في تلك اللحظة، شعر بأن هذا اليوم سيظل راسخًا في ذاكرتهم، وسيتغير كل شيء بعده.
"هل تشعر بذلك أيضًا؟" سأل هيونجين بهدوء، وعيناه مشدوهتان إلى وجه فيلكس، الذي كان يعكس ضوء النهار المتناثر على الثلج. كان هناك شيء خاص في عيني فيلكس، مزيج من البراءة والقلق، ولكن أيضًا من الأمل الذي بدأ ينمو تدريجيًا.
فيلكس أجاب بصوت منخفض، كأنه لا يريد أن يكسر السحر الذي أحاط بهما: "نعم، أشعر بشيء غريب. وكأن العالم كله متوقف حولنا."
كان كل شيء في تلك اللحظة، من الثلج الذي يسقط ببطء إلى الهواء البارد الذي يملأ رئتيهما، في تناغم تام. شعر هيونجين بأن هذا الشعور الذي يملأ قلبه لم يكن مجرد إعجاب عابر، بل كان شيئًا أعمق من ذلك بكثير. ومع كل خطوة يخطوها فيلكس بجانبه، كان قلبه ينبض بشدة أكبر، وكأنما يكتشف شيئًا جديدًا في نفسه لم يكن يعرفه من قبل.
أنت تقرأ
ذَكرى دِيسمبر البارِدةَ.
Romanceهل تعتقدَ أننا قادِرون على تغيير شيء في حياتِنا،في هذا العالمَ الذي يرفضُنا أحياناً؟...