حكايات الأجداد و عودته

9 3 0
                                    

جلس لوكاس قرب رودين، بوجه يحمل فخرًا كما لو أن الحديث عن أحد أجداده، وقال:
"رودين، هل تعلمين أن الملك أغسطس أستريان، الذي يُعتبر الملك الخامس لأمانيثا وجدُّ الأمير أورفين، كان صديقًا لأعظم ساحر في تاريخ جميع الممالك؟"
كانت عيناه تتوهّجان، يفيض منهما الاعتزاز، فردّت رودين بدهشة صادقة: "حقًا؟ هذا مذهل."

أومأ لوكاس بثقة وقال: "نعم، بفضل هذا الساحر، عقد الملك معاهدة سلام بين البشر والإيلف، حيث سُمح لهم بالعيش بين البشر بسلام. وعندما سمع الأقزام بهذا الإنجاز، جاءوا طالبين حق العيش هنا، وقد وافق الملك بكل كرم."
تذكّرت رودين جولتها حول المدينة مع  أورفين، وكيف رأت تلك الكائنات الأسطورية تتجول بسلام في شوارع المدينة، همست: "إذن، كان حقًا ملكًا عظيمًا."

تابع لوكاس بحماس: "ليس هذا فحسب! فقد قضى هو والساحر العظيم على كل الوحوش التي كانت تهدد أمن العالم، ليس فقط أمانيثا. ورغم اشتعال نار الغيرة في قلوب الممالك الأخرى، فضلوا الصمت حفاظًا على أوطانهم."
نظرت رودين إليه بإعجاب، قائلةً: "لوكاس، يبدو أنك مثقف حقًا."
شعر لوكاس بالخجل، فاحمرّ وجهه من هذا الإطراء. لكن رودين سرعان ما سألت بفضول: "وماذا عن الملك الحالي؟"

أجاب لوكاس: "جلالة الملك تراجان أستريان حقق إنجازات عظيمة هو الآخر. من ضمنها السماح للعامة بالالتحاق بالأكاديمية، ولهذا أستطيع أن أدرس بحرية. كما أنه دعم الموهوبين، مثل الجنرال كاستوس والطبيب جالينوس، هما من العامة، لكن جلالته منحهم تلك المكانة المرموقة."
ابتسمت رودين وقالت: "يبدو ملكًا مدهشًا."

ابتسم لوكاس بخبث، وقال: "ألستِ حبيبة الأمير؟ ألم تلتقي به بعد؟"
تنهدت رودين وأجابت: "كنت مريضة، كما أن أورفين لم يكن موجودًا، فلم تتح لي الفرصة بعد."
رأت رودين لوكاس يتنهد مثل الكبار، مما جعلها تكتم ضحكتها بصعوبة.

ثم قال لوكاس بتفكير عميق: "أتعلمين، لا أفهم لماذا لم يمنح جلالته منصب ولي العهد للأمير أورفين. لا أقصد أن أقول إن الأمير فابيوس غير كفء، بالعكس، فهو مدهش أيضًا، ولكن العادة تقتضي أن تكون الخلافة للإبن البكر."
فكرت رودين للحظة، ثم أجابت بحكمة: "القادة والملوك يمتلكون رؤية بعيدة قد لا يفهمها الناس العاديون. ربما يخطط الملك لأمر نبيل لابنه الأكبر، من يدري."
هز لوكاس رأسه موافقًا، ثم قال مبتسمًا: "حسنًا، لقد تحدثنا بما يكفي. فلنكمل."

ابتسمت رودين على معلمها الصغير الذي يفيض حكمة ومعرفة، ورغم حداثة سنّه، أدركت أنها تتعلم منه أكثر مما كانت تتوقع.

---

في وقت لاحق، كانت رودين جالسة على كرسيها الوثير، ممسكة بكتابٍ أعاره لها لوكاس، تُحاول تهجئة الكلمات تحت ضوء الشموع. كان الكتاب يتحدث عن قصة خيالية لصبي في رحلة البحث عن أمه المفقودة. وبينما كانت منغمسة في القراءة، شعرت بهمسة لطيفة قرب أذنها: "ماذا تقرئين؟"

انتفضت بتوتر، لتدرك أن أورفين كان واقفًا أمامها، واضعًا يديه خلف ظهره، وابتسامة دافئة تلوح على شفتيه. قال معتذرًا: "آسف، لم أقصد إخافتك."
نظرت إليه بلهفة، متسائلةً: "أورفين… متى عدت؟"
أجاب بابتسامة خفيفة: "الآن فقط."

قالت، متسائلة باهتمام: "هل جئت إلى هنا مباشرة؟"
أومأ برأسه، وقال بصوت هادئ يحمل ندمًا خفيًا: "نعم. أشعر بالخجل لأنني جلبتكِ إلى هنا، ثم تركتكِ وحدكِ كل هذا الوقت."
ابتسمت رودين بتواضع قائلة: "لم أكن وحدي بفضل أورفين."

رفع حاجبه مستنكرًا بمرح: "أتعنين أن وجودي هنا غير ضروري؟"
لوّحت بيديها نافية: "لا، لا، لم أقصد ذلك!"
ضحك أورفين بخفة على رد فعلها، في حين شعرت رودين بنبضات قلبها تزداد، كأن ألعابًا نارية تشتعل في صدرها، لكن تلك اللحظة كانت تحمل سعادة غامرة تدفقت في أعماقها.

أمانيثا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن