الفصل العاشر: اضطراب وسكن

54 4 6
                                    

إنه لا يشبه أي أحد..لا يشبه إلا نفسه..فكرت في رسمه ولكن كيف سيصف القلم سحر نظراته ،كيف ستبوح الأوراق بلحن صوته ورقة كلماته..انه خالدي وعشقه في قلبي كالسهم.. لقد أبدع في أن يكون عليَّا في قلبي ..فجعل من نفسه شخصية خالدة لا يمكن لغيره أن يأخذ مكانه..

كان صباحاً مزدحما للجميع وخاصة محمد الذي يحاول إتمام ورق مشروعه الأخير قبل إلتحاقه بفريقه في بطولة كأس السوبر المصري والتي جاءت بعد فوز النادي ببطولة كأس السوبر الافريقي بعد تأجيل مباراة المنتخب الودية ، ولأن وقته ضيق اعتمد على ريان لمتابعة شركته حيث بدأ الأخير بالعمل معه بعدما دخل شريك في المرحلة الثانية من الشركة ، وقام الأول بالعمل مكان والده ، ولأنه يجب أن يلتحق بحافلة النادي للسفر إلى أبو ظبي ؛ لم يكن لديه أكثر من ساعتين..
رنّ هاتف محمد في هذه اللحظة برقم من الصعب ألا يجب عليه مهما كان وقته ضيق.. ، في نفس اللحظة دخلت عليه خديجة بأعين ذابلة بعدما قضت ليلتها في إنهاء تقريرها.. ووقفت أمامه بانتظار أن ينتهي من مكالمته ، أجاب محمد ببهجة :
_ حبيب قلبي يا علولو .. كان نفسي تكون معانا في النهائي والله.. الحمدلله على كل حال.. ان شاء الله تتحسن عن قريب و تكتسح الملاعب تاني ..
الاسم لفت انتباهها رغم عنها وانتابتها الشكوك حوله.. علولو ؟!.. هذا لقب لاعبها المفضل علي معلول ؟!..
أنهي محمد المكالمة مع الرجل ، ثم نظر إليها وسأل :
_ صباح الخير يا خديجة !..
قالت بابتسامة صافية:
_ صباح الخير.. أنا خلصت الريبورتاج..
أخذه محمد منها وألقي عليه نظرة مبدئية ، قائلاً :
_ تمام قوي.. اديه لسي....
تذكر أنه سيف نفسه؛ فتوقف وصحح :
_ أنا.. أنا هديه لسيف.. علشان اللجنه تراجعه وان شاء الله بعد يومين النتيجة..
قالت ببهجة :
_ تمام قوي.. صحيح.. طه قالي عندك ماتش مهم بعد بكره..
تراجع إلي الوراء ، قائلاً بابتسامة :
_ بقي ليكي في الكورة دلوقتي يعني..؟!
حمحمت بحرج :
_ على قدي.. اممممممم ..كابتن محمد هو أنا ينفع اسألك سؤال ومتعتبرنيش متطفلة..؟!
_ قولي..!
_ هو حضرتك كنت بتكلم مين من شويه .. أصل أنا بصراحة مش عارفه أصدق وداني وألا أكدبها !
رمقها باستغراب ، وقال ببساطة :
_ كنت بكلم علولو.. قصدي معلول..
اتسعت حدقتيها وقالت بذهول :
_ معلول مين ؟!.. علي معلول بتاعنا.. قصدي اللاعب ..
_ أيوه..!!
فقالت بصدمة:
_ نعم ؟!.. يعني حضرتك كنت بتكلم علي معلول ؟!.. وأنا واقفة جنبك وانت بتكلم علي معلول ؟!.. وأنا معرفش إنك بتكلم علي معلول ؟!.. ومكلمش علي معلول ؟!..
قالت جملتها الأخيرة بقهر وملامح باكية ؛ فقال بعجب :
_ إيه كل ده ؟!..
فاقتربت من المكتب تقول برجاء :
_ أصل حضرتك متعرفش هو بالنسبة لينا إيه ؟!.. ممكن تكلمهولي بعد إذنك.. رن عليه..
_ أرن عليه ؟!..
_ عشان خاطري.. قوله انت الأهلي بالنسبة لنا.. وان شاء الله هو هيكون كويس ويرجع لينا بالسلامة.. أو اديهولي أكلمه.. هو ٠١٢ وألا ٠١٠ ؟!
_ باين عليكي فاضيه يا خديجة ؟!
سألها بجدية ، فقالت :
_ لأ مش فاضيه قوي.. انت متأكد إنه علي معلول نفسه ؟!.. ما هو أكيد نفسه مفيش منه نسخه تانيه للأسف..
قال بضحك :
_ إنتي بتقولي إيه بس ؟!
_ طب ممكن تقدملي معروف.. وتجبلي التيشرت بتاعه ؟!..
ابتسم بعجب :
_ التيشرت بتاعه ؟!..
فأشارت بيدها في الهواء وكأنها تكتب :
_ عليه إمضته..
_ خير يا خديجة.. ده انتي معملتيهاش معايا.. !
_ والله لو تديني الاتنين يبقي كتر ألف خيرك.. أعلقهم في أوضتي..
_ خديجة.. بصي أنا على أخري ومعنديش وقت.. فانصرفي بقي من قدامي..
لاحظت خديجة انشغاله ولكنها شعرت بالحزن كونها لن تراه إلا بعد عودته..؛ فقالت بهدوء :
_ احم هو حضرتك ماشي حالا ؟!..
_ برافوا بتفهميها وهي طايره..
قالها بسخرية ، ولكنها سألت :
_ وهترجع امتي ؟
أجاب بهدوء مماثل :
_ يعني بكره التمرين وبعده الماتش وبعده هرجع.. ان شاء الله..
هل هذا معناه أنه سيغيب ثلاثة أيام ؟!.. ، قالت بحزن لم يخفى عليه.. :
_ ربنا معاك يا كابتن...
لم يفهم سبب حزنها ولكنه بداخله تمني لو بإمكانه أن يأخذها معه!.. ، تنهد وقال :
_ خدي بالك من نفسك يا خديجة.. ومتآمنيش لحد وخاصة شيري..
نظرت إليه نظراته الدافئة تسحرها ، وبعد لحظات أومئت له إيجاباً فابتسم.. وجبرت نفسها على الخروج..
ᡴꪫ.ᡴꪫ.ᡴꪫ.
في منزل الزهيري..
تابعت كارما تمريناتها الرياضية بينما نزل حسام إلي الطابق الأسفل وارتمي علي الأريكة بجواره بأعين نصف مفتوحة ينظر إليها باستغراب.. لا يعلم من أين يأتيها هذا النشاط في الصباح ؟!.. ، وبعد لحظات أنهت تمرينتها وجلست أمامه تجفف عرقها ، قائلة بعجب :
_ يا ستار يارب.. إيه يا آبيه !.. مكشر وشك كده ليه على الصبح ؟!..
_ أنتي إللي فرداه إزاي على الصبح ؟!.. ده أنا بحتاج ساعتين على ما افتكر أنا مين !..
_ كفاية كسل بقي وفوق كده.. بشمهندسة چنان زمانها جايه..
استعاد نشاطه الذهني والجسدي في لحظة عقب تلفظها باسمها ، فنهض جالساً ، قائلاً بتركيز :
_ قولي والله !
_ والله !!!
_ امتي ؟!..
نظرت إلي ساعة الحائط ، وأجابت:
_ بعد ساعة !..
قفز من مكانه وصعد درجات السلم ، وهو يقول :
_ حبيبة قلبي يا كارما.. انتي عارفه ان إنتي حبيبتي والا لأ ؟!
نظرت إلى أثره بابتسامة متعجبة ، ثم قالت بصوت مسموع :
_ عارفه.. !
أخذ حمامه بسرعة وتأنق بملابس كلاسيكية.. قميص أبيض وبنطال بيج ، مشط شعره الأسود الكثيف إلى الوراء وهندم لحيته ، ثم وضع من عطره المفضل..
، نظر إلى نفسه باستحسان في البداية ، وقال بثقة :
_ إيه يا حسام يا زهيري ده ؟!.. طب وربنا الكاريزما لا تليق إلا بك.. لما نشوف بنت رمضان قمر الدين هتتقل عليك إزاي بعد كده.. !
رن جرس الباب فانتبهت جميع حواسه وخرج من غرفته ، ثم أطل برأسه من الاعلي ورآها تدخل المنزل وكارما تستقبلها ، فسقط قلبه إليها ؛ ان كان هو يجرح.. فهي تحرق! .. بجمالها البسيط وأخلاقها العالية ، لذا تمتم دون وعي منه :
_ يلاهوي!.. ده أنا إللي هتقل عليكي إزاي بعد كده ؟!..
نظرت إلى المكان حولها ، بدا أنيقاً ومع ذلك فهو يحتاج إلي مزيداً من العمل ، اتفقت مع كارما على السعر ومضت معها العقد بعدما شرحت لها كارما ما تريده ، وبعدما تركتها الأخيرة ؛ لتعد لها الضيافة أخذت تتجول في صالة المنزل ، ثم جذبت انتباهها صورة لامرأة جميلة محجبة ، بقيت تتأمل الصورة للحظات بابتسامة..
_ دي أمي.. ماتت من خمس سنين..
قاطع صوته تفكيرها ، فالتفتت إليه بتفاجؤ ، ثم قالت بصدمة :
_ حسام ؟!.. انت بتعمل ايه هنا ؟!
أجاب بهيام :
_ قوليها تاني كده ..!
_ أقول إيه ؟!
_ حسام.. أول مرة أعرف ان اسمي حلو قوي كده..
انتبهت إلي ما تفوهت به ؛ فقالت :
_ أستاذ حسام.. مينفعش تيجي ورايا في بيوت الناس..
_ ليه أستاذ يعني ؟!.. ده أنا مصدقت إنك قلتيها.. لازم تقطعي عليا اللحظه..
_ أستاذ حسام ؟!..
_ يعني مصرة ؟!.. على العموم براحتك بس أنا الاوبشن ده مبوفرهوش لحد.. عدي الجمايل بس..
تنهد بنفاذ صبر :
_ بعد إذنك أنا هنا بشتغل.. وميصحش إللي انت بتعمله ده..
_ هو إيه اللي ميصحش ؟!..
قالها برواق وهو يجلس علي الأريكة ويتناول من طبق المقرمشات التي تركتها أخته ؛ فنظرت إليه صاحبتنا شذراً :
_ أنا بحذرك.. لو ممشتش من هنا دلوقتي مش هيحصلك كويس..
_ والله !.. هيحصل إيه يعني ؟!..
_ انت إيه البرود إللي انت فيه ده.. ؟!..
في هذه اللحظة دخلت إليهما كارما التي قالت :
_ أعرفك يا آنسة چنان.. حسام الزهيري أخويا الكبير..
طالعتها چنان بصدمة ، ثم عادت تنظر إليه قائلة :
_ أخوكي ؟!..
غمز إليها دون أن تراه كارما، وأكد :
_ أخوها..
فنقلت نظرها بينهما وقد ألجمت الصدمة لسانها.....
ᡴꪫ.ᡴꪫ.ᡴꪫ.
قبل سنوات في مكان حسبته أنه سيكون عشهما السعيد ، قالت له برجاء :
_ انت بالذات مينفعش تكسرني.. أنا وقفت قدام الكل علشانك..
تناول يدها وقبّلها برقة أذابت قلبها :
_ وتفتكري أنا أقدر.. إحنا خلاص من دلوقتي بقينا واحد...
والآن.. كانت ضربات قلبها ترتفع وأنفاسها تتسارع حينما أخرجتها جويرية من هوة ماضيها قبل أن تسقط فيها ، قائلة :
_ حور ؟!.. حور يا حبيبتي مالك انتي كويسة..
رمشت حور باستيعاب لواقعها، ثم حاولت تنظيم أنفاسها ، وقالت بهدوء :
_ أيوه يا بنتي كويسة.. بس بالي انشغل بحوار الشغل ده..
تنهدت جويرية ، قائلة :
_ ياستي سبيها على الله .. صدقيني أنا متفائلة خير ان ربنا هيدبر الأمر..
_ يارب.. حلهالي من عندك يارب دنا وليه غلبانة..
قالتها بملامح باكية ؛ فضحكت الأخري وهي تنهي العصير الذي وضعه النادل أمامها قبل دقائق ، قاطع ضحكاتها تغامز شابين على الطاولة المجاورة ، غضت جويرية طرفها عنهما في حياء من نظراتهما وكلامهما الموجه إليها ، أما حور فرمقتهما للحظات و غضبها يتصاعد ، ولكن مع تطاولهما في الألفاظ البذيئة والرخيصة لم تستطع حور التماسك أكثر ، فنهضت -بعدما استطاعت التخلص من يد الأخرى - ووقفت أمام طاولتهما ، ثم قالت بهدوء :
_ خير يا نجم ها ؟!.. شكلك واخد حبايتين شجاعة وقلبك مطاوعك..
قال أحدهما :
_ اه يا حلوه قلبي مطاوعني..
ثم نظر إليها من رأسها حتي قدميها ، وقال باستهزاء :
_ سوري دنا قلت حلوه !.. نعمل ايه في التعود بقي مش واخدين علي الأشكال إللي زيك..
ابتسمت حور بشر ، وقالت بكل هدوء واستفزاز :
_ آه !.. وماله !.. انت استعجلت الأذية.. وأنا بصراحة بقي بحبها !..
نهضت بكل شموخ ورواق ، رفعت كأس المياة وارتشفت منه القليل ثم ألقت بباقي المياه في وجهه مما جعل الرجلان يستشيطا غضباً وقبل أن يهبط الرجل بيده على كتفها ، كانت هناك يد تمنعه ولحسن حظها أو سوءه كان صاحبها ريان ، وبينما هي في وضع الاستعداد لمواجهة الرجل قطبت حاجبيها باستغراب حينما رأت من يحول بينها وبين الرجل الآخر ..
_ بيتهيألي كده.. أنا جيت في الوقت الصح..
قالها ريان والشرار يتطاير من عينيه ، فقالت بلامبالاة :
_ مش قوي يعني ..
_ طب إيدك بإيدي بقي..
صاح بها ريان قبل أن ينقض علي الرجل الذي أمامه وهي تكفلت بالرجل الآخر..، وبعد عدة دقائق من العراك فرَّا الرجلان من أمامهما ، ثم نظرا حور وريان كل منهما إلي الآخر بابتسامة نصر ، قبل أن يقترب منها ، قائلاً بدهشة :
_ هممم.. يعني ليكي في الفنون القتالية ؟!..
فقالت بلامبالاة مضاعفة :
_ حاجة زي كده.. !
ضحك باستغراب من ردود أفعالها المستفزة ، وقال :
_ طيب يلا على البيت.. عمتي بعتاني ليكوا مخصوص علشان تليفوناتكم خارج التغطية.. قال إيه هتتخطفوا.. أنا أصلا قايلهم انتي بالذات ملكيش خروج الشارع محدش صدقني..
_ ليا وألا مليش .. شيء ميخصكش..!
تملكه الغيظ من برودها فعض على شفته السفلى بغيظ ، ثم قال :
_ ماشي يا روح.. أنا مش هرد عليكي.. علشان هو فعلاً شيء ميخصنيش.. بس يلا علشان عمتوا وطنط نوال قلقانين عليكم..
قالت ببرود مضاعف :
_ اسمي حور..
_ لا.. مش راكب عليكي خالص.. انتي روح شريرة ربنا طالقها علينا..
ابتسمت باستفزاز ، والتفتت الي جويرية التي كانت تراقب كل ما حدث من بعيد ، ثم أخذتها وخرجوا من المطعم ، أما هو نظر إلي أثرها بغيظ.. هذه الفتاة تثير حنقه عليها يوماً بعد يوم.. ، قاطع تفكيره مدير المطعم وهو يقول بلطافة أزادت غيظه :
_ بونوي يا فندم.. تحب حضرتك تضيف تمن الحاجات إللي اتكسرت علي حسابك وألا الدفع كاش ؟..
التفت ريان ناظراً إليه بصمت.. في محاولة للحفاظ على هدوءه..!
ᡴꪫ.ᡴꪫ.ᡴꪫ.
خرجت من المنزل بغيظ وقامت بتشغيل سيارتها ولكنه لحق بها قبل أن تركبها ، قائلاً :
_ يا آنسة چنان !.. يا آنسة !.. استني بس..
للحق راقها أنه للمرة الأولي ينطق اسمها بالطريقة الصحيحة وبجدية بعيداً عن هزله المعتاد ؛ لذا توقفت والتفتت إليه ، فقال :
_ اسمعيني بس.. انتي ليه مش راضيه تشتغلي معايا ؟!.. هو أنا زعلتك في حاجه ؟!..
تنهدت بغيظ :
_ أظن حضرتك فاكر إنك سألتني قبل كده وأنا رفضت..
_ أيوه ليه بقي ؟!
_ يعني تقدر تقول كده بشتري دماغي..
_ ليه خير ؟!.. إيه دخل دماغك في الموضوع..؟!
قالت بصراحة:
_ علشان معنديش استعداد أخلص شغلي من هنا وحضرتك تغتت عليا من هنا.. لأ ده وحش لأ ده مش عارف إيه...
ورغم انفعالها بدت جميلة جداً في نظره لدرجة أنه شعر بأنها المرة الأولي التي يتعامل فيها مع الجنس الناعم..؛ لأنها ناعمة كقطعة كريز نبتت في صحراء قاحلة..!
_ أنا غتت ؟!
قالها بتلاعب؛ فتداركت ما قالته :
_ مش قصدي.. قلتها بعفوية..
أدار وجهه للناحية الأخري.. يكبح ابتسامته بصعوبة ، ثم تنهد ونظر إليها قائلاً :
_ مش صح أبدا على فكرة إنك تحكمي بشكل سابق علي العملا بتوعك.. يعني جربيني الأول وبعد كده قرري تتعاملي معايا تاني وألا لأ..
نظرت إليه مجيبة بغيظ :
_ من غير ما أجرب.. العينة ماشاء الله باينه..! .. عن إذنك..
قالتها وقبل أن تركب سيارتها ، استوقفها بتأثر مصطنع :
_ صدمتيني فيكي يا آنسة چنان .. حقيقي صدمتيني !.. كنت فاكرك بروفيشنال أكتر من كده!
فالتفتت إليه ، متسائلة:
_ نعم ؟!..
_ يعني انتي المفروض تفصلي حياتك الشخصية عن الشغل.. يعني حتى لو انتي واخده موقف مني .. ده مالوش علاقة بالشغل.. رغم اني مش عارف انتي واخده موقف مني ليه ؟!.. كل ده علشان اتلخبطت في اسمك ؟!.. وألا علشان ناديتك باسم عيلتك ؟!.. مع إني أقدر وأحترم إنك من عيلة قمر الدين ..!
ازداد غيظها :
_ شفت ؟!.. مفيش فايده !..
استوقفها مجدداً قبل أن ترحل ،قائلاً بجدية :
_ طيب طيب خلاص.. اسمعيني بس.. انتي نرفوزه كده ليه ؟!..
قالت بحزم :
_ أستاذ حسام أنا مش هغير رأيي.. !
" هي مالها ضلمت كده ليه ؟! ".. قالها بداخل نفسه ، ولهذا تمتم بعدما توصل لحل مثالي يستخدمه دائماً في أوقاته الصعبة.. " على رأي يوجين.. استعنا بالحُنين " ، ثم رسم علامات الحزن على وجهه ، وقال بتأثر وهمي :
_ آنسة چنان أوعدك ان أنا مش هضايقك طول فترة شغلك معانا.. والحقيقة السبب ورا إصراري على حضرتك هو أختي كارما..
طالعته بعدم فهم ، فاستطرد موضحاً بنفس طريقته :
_ كارما في حالة اكتئاب مستعصية.. فاقترحت عليها نغير ديكور البيت وهي أصرت عليكي.. يعني اعتبريها حالة إنسانية..
تغيرت ملامح وجهها من الغيظ إلى الحزن على الفتاة التي ضايفتها من قليل بكل ذوق ولباقة ، راقب ملامحها وعندما رأى تأثرها، قال كمن يطرق على الحديد وهو ساخن :
_ مش حرام عليكي بعد ما عشمتيها ونفسيتها راقت شوية تخلي بيها..
أطرقت بوجهها تفكر بحزن على حال الفتاة ، فكبح ابتسامته.. كم تبدو بريئة وكأنها طفلة كبيرة.. أعدك بأن تكوني طفلتي ! :
_ على العموم لو اختي حالتها انتكست أنا مش هسامحك..
نظرت إليه بحزن واستدار بجسده مبتعداً عنها وهو يكتم ضحكاته ، فاستوقفته هي :
_ خلاص.. أنا موافقة ..
التقت كلمتها والتفت إليها ، قائلاً ببهجة :
_ بجد.. ؟!
_ بجد.. بس علشان خاطر كارما..
_ وماله.. منا وكارما واحد..
بعد لحظات دخلت إلى كارما وهو وراءها ، فنهضت إليها الأخيرة وهي لا تفهم أي شيء مما يدور حولها ، نظرت إليها چنان بود وضمتها فجأة ؛ فنظرت كارما بصدمة إلى حسام - الذي وضع كفة يده على فمه يواري ضحكاته - وتشير إليه بيدها بمعني ما الذي يحدث ؛ فأشار إليها بأنه لا يعرف.. وهو يمسك بطنه من الضحك..
ᡴꪫ.ᡴꪫ.ᡴꪫ.
مرّ يومان بسلام على الجميع وجاء يوم المباراة.. الجميع في تأهب في المدرجات والشوارع والمقاهي والمنازل ، جلست خديجة أمام التلفاز مع الجميع ، أما طه كان على عكس المعتاد يجلس بينهم ولكنه ليس معهم.. عقله وقلبه مع ندى .. تملكه الإحباط والشوق لدرجة جعلته ينطوي على نفسه بوضوح ؛ لذا جذبنه الفتيات بالقوة ليجلس وسطهن ويتابع معهن الحدث ، وانطلقت المباراة..
بعد غياب يومين كانت صاحبتنا تلاحق محمد بنظراتها والابتسامة لا تفارق وجهها.. حتى عندما تبتعد الكرة عنه .. تراقبه هو بأعين حالمة.. ، مضى الشوط الأول والثاني والنتيجة صفر صفر ، بدا الإجهاد والضيق على صاحبنا ، المباراة مهمة جداً والفوز فيها خيارهم الوحيد .. الجميع في حالة توتر ، والمدرب يلقن اللاعبين تعليماته ، ثم بدأت الأشواط الإضافية والتي كانت عبارة عن احتكاك وتصادم بين اللاعبين وكروت صفراء من الحكم ، وبالنهاية انتهت الأشواط الإضافية دون أهداف ، وهذا ما وضع كلا الفريقين أمام ركلات الحظ كما تُسمى ، الجماهير في كل مكان في حالة ترقب وسكون ، ثم أقام الحكم " القرعة " بين الفريقين وجاء نصيب الفريق الآخر بالبدء ، فتجهز حارس مرمى الأهلي ووقف أمامه اللاعب ، ثم أحرزها ، ومحمد يتابع ما يحدث بقلق ويحفز اللاعب الذي أعطى له المدرب الأمر بالتسديد ، فأحرزها وهكذا أصبحت نقطة أمام نقطة من أصل خمس نقاط ، وجاء دور الفريق الآخر فتقدم اللاعب وأحرزها ، وكذلك لاعب الأهلي ، ثم في الركلة الثالثة وقف اللاعب أمام المرمى ولكن بدا عليه القلق فاستغل حارس المرمي قلقه وصد الكرة ، وهنا ارتفعت صيحات جماهير النادي الأهلي ببهجة واحتفل اللاعبين بحفاوة أما اللاعب فوضع يديه خلف رأسه بحزن وهو لا يصدق أنه بالفعل أهدرها ، ثم أحرز لاعب الأهلي الركلة وبهذا أصبحت النتيجة نقطتين مقابل ثلاثة ، ثم أحرز كلا الفريقين الركلة الرابعة ، وفي الركلة الأخيرة أحرزها لاعب الفريق الآخر وبقيت الكرة التي من شأنها أن تكتب لفريق النادي الأهلي الفوز أو تقلب النتيجة رأس على عقب ، وهنا نظر المدرب إلى محمد وأشار إلى المرمي ، قائلاً :
_ أنت الكابتن..
أي أنه حان دور كابتن الفريق لتحمل المسئولية وسط رفض العديد من اللاعبين بسبب قلقهم ، ولا ينكر محمد بأنه كان مثلهم.. صحيح أنها ليست المرة الأولى التي يسدد فيها ركلة ترجيح ولكنه لم ينجح في جميعها ، ولأنه مثلما قال المدرب هو الكابتن ، ويجب أن يتحمل مسؤولية فريقه أياً كانت النتيجة ، تقدم ووقف أمام المرمى وتنفس بعمق ، فقالت خديجة التي كانت تنظر إليه عبر الشاشة بقلق :
_ ربنا معاك يا كابتن..
التفت إلى الناحية الأخرى والتقطت الكاميرا وجهه وكأنه ينظر إليها ، ثم تراجع خطوتين وركل الكره..
لحظات وانفجرت صيحات جماهير النادي الأهلي بعدما أعلن الحكم بصفارته عن انتهاء المباراة بفوز النادي الأهلي بكأس السوبر المصري ، فانطلق لاعبي النادي للاحتفال معه بينما هو صرخ من الفرحة وخديجة في المنزل تتراقص بفرح مع بنات عمتها ، ورغم حزن طه أدخل فوز فرقته المفضلة بعض من السعادة إلى قلبه ، وبعد استلامهم الكأس احتفل به محمد كالمرة الماضية ، ومرت الليلة هانئة على الجميع....
ᡴꪫ.ᡴꪫ.ᡴꪫ.
في اليوم التالي عادت خديجة مع طه بعدما أملت رؤيته ولكنه عاد للتو من رحلته كما علمت من الأخبار ولابد له أن يرتاح ، ارتمت على الأريكة بجوار عمتها بينما كانت حور جالسة بجوار حنان ، أما طه فدخل غرفته ليبدل ثيابه ، لاحظت حور شرودها ؛ فقالت بمجاكرة :
_ يا لطيف يارب.. ما تقولوا احم وألا دستور.. ده حتي السلام لله..
رمقتها خديجة بهدوء، فنظرت إليها الأخري بمعني ما بك ؟، رفعت خديجة حاجبيها وقوست شفتيها بمعني لا اعلم ! ، أما نوال فقالت وهي تداعب خصلات شعرها بعدما نامت صاحبتنا على قدمها :
_ بس يا بت.. تلاقيها يا حبة عيني جعانة ..
_ لا يا عمتو لسه واكله أنا وطه..
غمغمت بها بإرهاق بعدما قضت يوماً طويلاً في العمل ، فقالت حنان :
_ أنا مش عارفه ربنا هيتوب عليكي من الشغل عند الناس امتي !!..
أجابها طه بعدما خرج من غرفته وجلس وسطهن :
_ انتي محسساني انهم بيجلدوها هناك.. الحاج عبدالرحيم راجل طيب جداً ومحترم .. وكابتن محمد طالعله.. واسألي خديجة..
شردت مجدداً وارتسمت على وجهها ابتسامة صافية وقد عادت ابتسامته تلوح أمامها من بعيد ونظرته الأخيرة حينما قال " خدي بالك من نفسك يا خديجة " ، ثم أجابت :
_ كابتن محمد ؟!.. كابتن محمد ده غير أي حد يا ماما..
لاحظت ما قالته ؛ فقالت :
_ قصدي إنه زي ما طه قال.. ده غير إنه مبيجيش على حد.. وذوق جداً .. ومحترم ..
قالت حنان :
_ يا بنتي أنا نفسي أشوفك مرتاحة متستتة في بيت جوزك.. إحنا ياما تعبنا وشقينا واحنا بنات وعارفين يعني إيه شغل عند الناس..
_ متقلقيش عليا يا ماما أنا قدها وقدود..
أضافت حور :
_ انتي متعرفيش يا مرات خالوا.. خديجة بتشتغل سوبر هيرو بعد العصر..
ضيقت خديجة حدقتيها ، قائلة :
_ مبلاش انتي.. !
_ إيه يا حبيبتي ؟! .. مالي بقي ان شاء الله ؟!
_ كفاية العلقة إللي ادتيها للراجل في المطعم.. أقولهم بقي ريان مسميكي ايه ؟..
نهضت الأخري من جلستها وهي تقول بغيظ :
_ عارفه لو نطقتي يا أم أربعة وأربعين..
_ هقولهم..
ركضت حور خلفها ، ثم وأخيراً انفردت بها في الشرفة ، حيث رمقتها خديجة باستغراب عندما رأتها تستند علي سور الشرفة ، وغمزت قائلة :
_ احكيلي بقي..
وقفت بجوارها ، قائلة :
_ احكيلك على ايه.. ؟!
_ على اللي شاغلك ومخليكي سرحانة بقالك كام يوم..
تلبكت صاحبتنا :
_ سرحانة إزاي يعني..؟!
_ أصلك مشوفتيش نفسك.. إحم.. كابتن محمد ده غير أي حد يا ماما.. ايه الصنارة غمزت وألا إيه ؟!..
_ إيه إللي انتي بتقوليه ده .. عادي يعني شخص أكرمني فبجيب سيرته في الخير..
ضحكت حور وقالت :
_ خير.. آه.. كل خير ان شاء الله..
ارتبكت خديجة، فقالت :
_ بقولك إيه أنا جعت.. ماما عامله أكل ايه ؟
تقبلت حور هربها بابتسامة الخبير ، وقالت :
_ معملتش جابت أكل من بره..
تركتها خديجة وخرجت إليهم ، لم تجد حنان ؛ فعلمت أنها في المطبخ ، نظرت إلي الطريق المؤدي إليه.. لقد حان الوقت لتخبر والدتها بما حدث معها هي وبنات عمتها عندما أُخطتفت حور وليحدث ما يحدث ! ، ولكنها صرخت برعب عندما رأت والدتها أرضاً تتلوي من الوجع ، لحظات وتجمع كل من بالمنزل حولهما ، وحنان تتمتم بآهة مكتومة :
_ بطني.. إلحقوني بموت!
ᡴꪫ.ᡴꪫ.ᡴꪫ.
خرج محمد من الحمام وشعره يقطر مياه ، ثم جلس على طرف السرير ولا يستطيع التوقف عن التفكير فيها ، تلك المجنونة التي تريد تيشرت علي معلول ، ابتسم وبدأ قلبه ينبض بشكل غير منتظم ، تباً لهذا ! ، لقد اشتاق إليها ويعترف بأنها ليست كأي فتاة مرت عليه في حياته ، تنهد بعمق .. يريد أن يراها وأن يطمئن عليها ويستمع إلى ثرثرتها المعتادة وبراءتها اللطيفة ، فتح هاتفه فتح تطبيق الواتساب.. فتح صورتها الشخصية.. وتنهد مجدداً ، واللعنة يا محمد ما الذي تفعله ؟!.. ولكنه لا يستطيع الانتظار للصباح ، دخل إلى المحادثة بينهما وكتب " أخبارك ايه ؟! " ، فزجر نفسة بأي صفة يسألها عن أخبارها ؟! ، ثم محى الرسالة واستغفر ربه ، هذا لا ينفع ! ، لا يجب أن يفعل هذا ، هل سينسى مبادئه بهذه الطريقة ؟! ، زفر محمد وفكر ، حسناً لم لا يهاتف طه ؟!.. بأي حجة ؟ .. سأقول أنه عن طريق الخطأ ربما يخبرني بشىء عنها !.. ستكذب يعني ؟!.. ، ترك محمد الهاتف من يده واستغفر ربه مراراً وتكراراً...
ولكن في هذه اللحظة ارتفع رنين هاتفه باسم طه ، فأجابه على الفور ، وسمع صوته مضطرباً يطلب منه سلفة على مرتبه ؛ فقال :
_ إللي انت عايزه يا طه.. بس قولي إيه اللي حصل ؟.. صوتك ميطمنش..
وصله صوته مختنقاً :
_ أمي.. في المستشفي.. عندها حالة تسمم غذائي.. وهيعملولها غسيل معده وكده..
نهض محمد ؛ ليبدل ثيابه ، قائلاً :
_ انت في أنهي مستفى ؟!
أخبره طه المكان ، وبعد دقائق انطلق بسيارته ، وبعدما وصل رأى ريان ينزل من سيارته مع والديه وساروا جميعاً في طرقات المشفي حتى وصلوا إلى غرفة العمليات ، رآها محمد من بعيد جالسة أرضا أمام الباب تنظر إلى الفراغ أمامها وكأنها في عالم آخر ، ودموعها تتساقط بصمت ، حتى أنها لم تشعر بهم عند قدومهم ، وراقب ريان بكاء حور بصمت وهي تحتضن ذراع خديجة ولسانها لا يتوقف عن الدعاء ، أما الباقين كانوا في حالة خوف وقلق تام ، شكر طه محمد على قدومه والآخير دعا لوالدته بالشفاء مشيراً أنه لا مشكلة ، وعاد رغماً عنه يراقب خديجة وشيء بداخله يريد أن يشاركها وجعها ، بل لو استطاع ليأخذه عنها .. انتابته غصة في قلبه وهو يرى دموعها ، يتمني لو باستطاعته محوها.. لا ينكر الآن أنها مهمة لديه.. مهمة جداً..!
بعد برهة خرج الطبيب ، وهنا عادت خديجة إلى الواقع حينما سأله طه برجاء :
_ دكتور.. ماما أخبارها ايه ؟
خلع الرجل عويناته ، قائلاً :
_ الحمدلله.. الحالة مستقرة.. بس انتوا لازم ترفعوا قضية على المكان إللي أكلت من عنده.. وكويس قوي انها سبقتكم.. والا كان زمانكم كلكم زيها دلوقتى ..
قالت خديجة برجاء :
_ ينفع أشوفها ؟
_ هي كده كده هتتنقل لغرفة تانيه.. وهناك تقدروا تشوفوها.. عن اذنكم..
انطلقت ألسنتهم تبتهل بالدعاء والشكر إلى الله ، وبعد قليل نقلوا المريضة إلى غرفة أخرى ، سألت خديجة الممرضة وهي تحقن السائل الوريدي :
_ هي ممكن تفوق امتي.. ؟
أجابت الأخري بابتسامة صافية :
_ متقلقيش يا جميل كلها شويه وتفوق من البنج..
شكرتها خديجة وقبَّلت يد والدتها ، وهنا تحدث طه مع محمد :
_ أنا مش عارف أقوللك إيه.. مكنش فيه داعي يعني تتعب نفسك وتيجي..
_ متقولش كده يا طه.. وبعدين إحنا بقينا اصحاب خلاص واللي يخصك يخصنا..
ابتسم ريان ، ونظرت خديجة إلي من يتحدث معه طه بعدما انتبهت أخيراً لما يدور حولها ، وفجأة سقط قلبها وهتفت بلهفة :
_ كابتن محمد ؟!!
نظر إليها بدفء ، وقال بلهفة مماثلة ولكنه حاول كبحها :
_ أيوه يا خديجة ؟!
تلعثمت، وقالت بنبرة حاولت أن تبدو طبيعية :
_ حضرتك تعبت نفسك ليه..؟!
_ متقوليش كده تعبكم راحة.. وان شاء الله هي تبقي كويسة..
خفق قلب خديجة بعنف ، ثم جلست بجوار والدتها بانتظار استفاقتها...
بعد فترة بدأت حنان تستفق ولكنها كانت لاتزال تحت تأثير البنج ، فقالت :
_ خديجة !.. بت يا خديجة !
انتفضت صاحبتنا، قائلة بلهفة وابتسامة واسعة :
_ أيوه يا ماما.. أنا جانبك يا حبيبتي..
قالت والدتها وهي لا تعي بما تقوله :
_ اطفي على البوتجاز يا بت.. قومي اتحركي بدل ما انتي قاعده زي خيبتها طول النهار كده..
اتسعت حدقتي خديجة و نظرت إلي من حولها وخاصة هو ، قائلة بابتسامة حرجة :
_ ماما مش في وعيها بس.. أنا والله شاطره جداً..
كبح محمد ضحكته بصعوبة ، وأردفت حنان :
_ واد يا طه..
قال طه بمرح :
_ خير يا أمي ؟!.. أظن ان أنا الحمدلله في السليم.. بجبلك الطلبات وبرميلك الزبالة..
_ البت الهبلة إللي انت عايز تخطبها دي هتأكلها عيش وفلافل والا هتجبلها كرواسون.. ؟!
ضحك جميع من بالغرفة ، فقال بحرج :
_ احم.. هو انتي مبيخفاش عليكي حاجة.. ؟!
استكملوا ضحكهم ، وقالت :
_ فين البت حور ؟!
فأشارت لهم حور خارجة :
_ طب سلام أنا بقي..!
فقال ريان :
_ استني هنا !.. وألا خايفة تقول حاجة وتفضحك ؟!
توقفت ، وردت عليه بغيظ :
_ أيوه وانت مالك يعني ؟!
وقبل أن يرد عليها ، قالت حنان :
_ اسمعي يا حور.. انتي تفضلي معانا هنا وأنا هجوزك الولا ريان..
اعتلت الصدمة وجهيهما بينما ضحك الجميع ، فقال :
_ أفندم ؟!
و أكملت حنان :
_ هو أهطل صحيح.. بس صدقيني قلبه أبيض.. هيحبك ويخاف عليكي..
تواصل الضحك، فقال :
_ أهي فضحتنا كلنا والحمدلله..!
وتعالت ضحكات أمير الذي انضم إليهم مجدداً ، فرمقه بغيظ قائلاً :
_ بتضحك على إيه ياض انت..؟!
_ شكلك بقي وحش..
قالها أمير وهو يمد في نطق الكلمة الأخيرة ، وتعالت ضحكاته مجدداً ؛ فقالت حنان :
_ سكتوا ال/حمار إللي بيجعجع ده !
وقع الجميع في نوبة من الضحك ، أما أمير صاح قائلاً وسط ضحكه :
_ ده أنا يا سلوي مفيش حد غريب..!
ᡴꪫ.ᡴꪫ.ᡴꪫ.
في اليوم التالي ، تحسنت حالة حنان قليلا وكانتا خديجة ونوال برفقتها بعدما عدن الفتيات إلي المنزل للراحة ، وذهب طه لعمل ضروري في الشركة..
وفي الشركة ، انتهي طه من عمله ، ثم طرق باب مكتب محمد ودخل ، فقال الأخير :
_ تعالى يا طه..
_ أنا خلصت الشغل.. ممكن استأذن واروحلهم المستشفي.. لأن زي ما انت عارف الدكتور كتب لماما على خروج.. فهروح اساعدهم..
_ خروج ؟!.. كان مفروض تفضل في المستشفي النهارده كمان على الأقل !
تنهد طه :
_ منا عارف.. بس هي اللي طلبت كده.. مبتحبش قاعدة المستشفيات..
فكر محمد ، ثم قال :
_ طب استنى أنا جاي معاك..
ورغم دهشة طه ، قال :
_ طب والشغل.. ؟!
أجابه محمد وهو يأخذ مفتاح سيارته:
_ يلا بس..
بعد برهة وصلا إلى المشفى وبعدما وانتظر اذن طه الإذن بالدخول مراعياً حرمة والدته ، دخل قائلاً بابتسامة :
_ ألف ألف سلامة على حضرتك.. كده تقلقينا عليكي..
ارتسمت ابتسامة عريضة على وجه خديجة وهي تضب اشياء والدتها وملابسها التي بدلتها في الحقيبة ، في هذه اللحظة دخلت جويرية التي كانت تشتري الأدوية ، وقالت حنان :
_ الله يسلمك يابني.. مكنش فيه داعى تتعب نفسك..
وافقتها نوال :
_ والله يا حنان فضل معانا امبارح طول الليل مروحش الا متأخر.. كتر ألف خيرك..
ابتسم محمد :
_ متقولوش كده هزعل والله.. أنا زي طه مش كده وألا إيه..
قالت نوال وخديجة تُلبسها حذاءها :
_ طبعاً يا بنى.. كلكوا عندي زي طه ..
فقالت جويرية بعفوية :
_ انتى متعرفيش يا مرات خالوا هو ساعدنا قد إيه.. حتى لما حور اتخطفت هو كان معانا..
وكزتها خديجة بغضب التقطتا حنان ونوال ما تفوهت به ، ولعنت جويرية غباءها ، قالت نوال بعدم فهم :
_ حور اتخطفت.. ده إزاي وامتي ؟!..
وضع طه يده على رأسه داعياً أن تمر الليلة على خير وفهم محمد بأنهما ليس لديهما علم بما حدث ، نظرت حنان إلى خديجة ، وقالت :
_ تعاليلى هنا..
علمت ما معني هذه النظرة من والدتها ، فازدردت ريقها بخوف وتقدمت ببطء ، وقفت أمامها وقالت الأخري :
_ إللي حصل ده صح.. ؟!
تلعثمت ، وقالت بخوف :
_ أنا.. كنت هقولك يا ماما..
_ احكيلي اللي حصل بالتفصيل..
حكت لها كل ما حدث ، فقالت حنان :
_ همممم.. واحنا ملناش لازمه بقى في حياتكم.. إحنا طيشة.. شوية عواجيز..
_ يا ماما أنا والله كنت هقولك..
تملك الغضب من والدتها ؛ فصفعتها ، شهق محمد بوجع وكأنه هو من تلقاها وقبل أن يقترب جثت خديجة أرضا وتمسكت بقدميها، وهي تقول :
_ حقك والله يا ماما تعملى أي حاجة.. بس أنا والله معرفتش اقولك لأنك كنتي تعبانه.. بالله عليكي متزعليش مني..
قالت نوال بغضب من بناتها :
_ إزاي.. إزاي تخبوا عننا حاجة زي دي.. وبناتي التلاته يخبوا عليا .. دي آخرة تربيتي فيهم..
قال طه :
_ يا عمتو حور كانت خايفه تعرفي وترجعيها مصر..
_ انت بتقول فيها.. ماهو ده إللي هيحصل..
قالت له حنان :
_ وانت كمان كنت عارف ؟.. كنتوا مستغفلينا ؟!.. بقى دى آخرة تربيتي فيكم..
قبلت خديجة يد والدتها التي كانت تشيح بوجهها بعيداً عنها :
_ أنا آسفة والله يا حبيبتي.. ما هنكررها تاني يا ماما..
_ ابعدي.. أنا مش أم حد..
_ لأ.. بالله عليكي يا ماما.. اعملى فيا إللي انتي عايزاه .. بس متخاصمينيش .. علشان خاطر ربنا..
_ لما نروح نبقى نشوف الموضوع ده.. لينا بيت يلمنا..
عادو بسيارة محمد خديجة تجلس بجواره أما حنان ونوال تجلسان في الخلف ، وطه تكفل بتوصيل جويرية التي كانت تلعن نفسها طوال الطريق لأنها كشفت الأمر..
اختلس محمد نظرة منها ليجدها لاتزال تبكي وتجفف دموعها بين الحين والآخر ، لحظات جعلته يشعر بالعجز يريد مواساته ولكنه لا يستطيع !، لابد وأن يجعل لهذا الاضطراب نهاية.. ويعتقد بأنها ستكون سكنه..

أنا بعتذر جدا جدا على تأخيري وان شاء الله أقدر اعوض التأخير ده الفترة إللي جايه ❤️‍🩹
وبوعدكم ان شاء الله البارت الجاي هيكون تحفه 🔥
بعد اذنكم تدعموني بفوت 🩷

أنا بعتذر جدا جدا على تأخيري وان شاء الله أقدر اعوض التأخير ده الفترة إللي جايه ❤️‍🩹وبوعدكم ان شاء الله البارت الجاي هيكون تحفه 🔥بعد اذنكم تدعموني بفوت 🩷

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.
خديجة Where stories live. Discover now