part 1

144 11 7
                                    

التصويت يساهم في تحفيزي على كتابه المزيد
(لاتنسو متابعتي)

الهواء كان يتلاعب بخصلات شعر الرجل الطويلة، يجعلها تتطاير حول وجهه بينما يركض خلف ابنه، أبرهام، الطفل ذو الثلاث سنوات. كانت خطواته الصغيرة تثير التراب على الأرض، وعيناه المختلفتان، واحدة ذهبية والأخرى سوداء، تلمعان تحت أشعة الشمس. شعره الأسود يتمايل مع حركة الرياح، ويداه الصغيرتان ممدودتان إلى الأمام كأنه يحاول الطيران، وهو يركض هنا وهناك، يضحك بصوت طفولي مليء بالبراءة.

"بابا، لن تستطيع الإمساك بي!" صرخ أبرهام، صوته مليء بالفرح والتحدي، بينما يغير اتجاهه فجأة، يركض نحو شجرة صغيرة ثم يلتف بسرعة إلى الجهة الأخرى.

الرجل كان يضحك بصوت خافت، يحاول ملاحقته، لكنه يتوقف بين الحين والآخر ليلتقط أنفاسه، ينظر إلى ابنه الذي يبدو كأنه كتلة من الطاقة لا تنضب. "أبرهام، انتظر قليلاً، قد تتعثر وتسقط!" قال الرجل، لكن الطفل كان مستمتعًا بحرية الركض، غير مبالٍ بأي شيء آخر.

وصل أبرهام إلى تل صغير يطل على الحقل، ووقف للحظة، يلتفت إلى والده بابتسامة واسعة وقال بصوت مليء بالحماس: "انظر، أستطيع الركض أسرع منك!"

ابتسم الرجل وقال: "حقًا؟ إذن لنرى!" وانطلق يركض بكل طاقته نحوه، محاولًا الإمساك به. أبرهام بدأ يصرخ ويضحك، يركض بكل قوته، لكن خطواته الصغيرة لم تستطع مجاراة والده الذي أمسك به أخيرًا، رفعه عاليًا بين ذراعيه، والطفل يضحك بشدة، صوته يملأ المكان.

"أمسكتك! الآن إلى أين ستذهب؟" قال الرجل وهو ينظر إلى وجه ابنه المليء بالفرح.

ضحك أبرهام وقال: "أريد أن أركض مرة أخرى!" ثم مدّ يديه الصغيرتين نحو الأرض، يطالب بالنزول ليكمل لعبه، وكأن العالم بأسره لا يكفيه ليستكشفه.

ضحكات أبرهام كانت تتعالى وهو بين ذراعي والده، يحاول الإفلات بلا جدوى. والده، بابتسامة عريضة مليئة بالحب، اقترب من وجه طفله حتى أوشك على التهام خدوده الممتلئة. عضّ على خده بخفة، وكأنما يعبّر عن حبه بطريقة مرحة، ثم أمطره بوابل من القبلات الصغيرة التي جعلت الطفل ينفجر ضحكًا.

"بابا، توقف! هذا يضحكني!" صرخ أبرهام وهو يحاول تغطية وجهه بيديه الصغيرتين، لكن والده لم يتوقف.

"لا أستطيع! كيف يمكنني أن أتوقف وأنت لديك هذه الخدود اللذيذة؟" قال الأب بينما يطبع المزيد من القبلات على وجنتي ابنه. كان ينظر إليه بين كل قبلة وأخرى، يتأمل وجهه الصغير بتفاصيله المميزة: عينه الذهبية التي تتألق مثل شعاع الشمس، وعينه السوداء التي تذكره بالسماء في منتصف الليل.

جسار 2حيث تعيش القصص. اكتشف الآن