الخسارة

6 0 0
                                    

فقيدي، يا أعزّ من رحل،
كيف لعيني أن تخون الوفا دمعاً،
وقد كانت لذكراك بحراً لا يجفّ؟

كيف لقلبي أن يعتاد الغياب،
وأنت الغائب الحاضر في كل نبض؟
فغيابك جرحٌ نازف لا يلتئم،
وحزنٌ عميق لا يهدأ ولا يُقاس.

يا من رحلت، ليته الرحيل كان حلماً،
ليته كان وهماً لا حقيقة تُوجع.
أسأل رب العباد أن يجعل روحك هادئة،
في نعيمٍ لا حزن فيه ولا وداع.

دمت سالماً في قلوبنا ،
فاطمة الشيخلي .













يا من رحل يا من انتظرتُ اعتذاره بفارغ الصبر ؛ لكنه أختار الصمت ، و غلق ستائر الحقيقة الى الابد .... الحقيقة التي اندثرت الان معك في التراب .

يا من تهرب عن الحقيقة ... هل كنت ستخسر شيء لو مددت يدك لي بكلمة واحدة ..؟ الآن، وقد صرتَ بعيدًا، أبعد مما تصل إليه يدي .

لماذا لم تقلها؟ كلمة واحدة كانت كافية لتطفئ نيران هذا الألم كنتُ سأغفر ... صدقني، كنتُ سأغفر لو أنك فقط نظرت في عيني ، و قلت: آسف.

لكن الآن؟ الآن لا أملك سوى هذا السؤال الذي لن يُجاب أبحث عنك في رياح الشتاء في ظلال الغروب في ملامح الراحلين الذين يشبهونك علّي أجد شذراتٍ منك تُخبرني لماذا اخترتَ الصمت على الاعتذار.

أيا من غادرت إن كنت تسمعني الآن أرجوك قلها قلها في حلمٍ في همسة ريحٍ في أي شيء لا أحتاج سوى أن أسمعها مرةً واحدة ، و لو من وراء هذا العالم... كلمة واحدة حتى أستطيع أن أُغلق هذا الباب الذي تركته مفتوحًا يصطفق بالذكريات التي لم تكتمل.

هل رأيتني في عزائك؟ كان الجميع يبكي ينهار أمام فقدك إلا أنا ... كنتُ الجبل الذي لم يهتز ... الصخرة التي لم تذرف دمعة واحدة .. ليس لأن غيابك لم يمزقني .. ليس لأنني لم أشعر بثقل رحيلك .. بل لأنني لم أستطع أن أصدقهم.

كيف أصدقهم؟ كيف أصدق أن الموت أخذك دون أن يمنحني فرصة أخيرة لنسمع الحقيقة معًا؟ كنتُ واثقة أنهم يخدعونني .. قلت لنفسي: "سيعود سيأتي بكلمته التي طالما انتظرتها سيقف أمامي وينطق بما لم يستطع نطقه في حياته."

لكن الوقت مضى ، و الوجوه تبدلت ، و شيئًا فشيئًا بدأت أرى الحقيقة كما هي أنت لن تعود رحلت ، و معك كل شيء حتى تلك الكلمة التي كانت ستداوي جروحي رحلت ، و غلقت خلفك كل الأبواب إلا الباب الذي يفتح على ذكرياتنا على صوتك حين كنتَ تنادي باسمي.

أتساءل الآن ، و أعلم أن صوتي يتلاشى في الفراغ: لماذا لم تنتظر؟ لماذا لم تمنحني لحظة واحدة لأسمع منك اعتذارًا؟ أكنت خائفًا؟ أم أنني لم أكن أستحق حتى تلك اللحظة؟

الآن ... ، و أنا وحدي في هذا الصمت الذي تركته خلفك أواجه نفسي أحاول أن أتخيل وجهك للمرة الأخيرة هل كنت تبتسم حين غادرت؟ أم أن الرحيل كان مرًا عليك كما كان مرًا عليّ؟

إن كنت تسمعني الآن ، فأجبني ... حتى لو كان الجواب صمتًا آخر .. صمتًا يحمل في طياته اعتذارًا لم أسمعه يومًا.

ربما أنا أريدك أن تعتذر ؛ لأن الكلمة بحد ذاتها ستغير شيئًا بل ؛ لأنني أريد أن أشعر أنك نادم أريد أن أعرف أنني كنتُ مهمًا بما يكفي ليؤلمك الفقد كما آلمني.

أشعر أحيانًا أنني سامحتك قبل أن تنطق بكلمتك البسيطة .. لكن لماذا؟ هل لأنك رحلت إلى السماء ، حيث لا يعود أحد ، و حيث يصبح الغياب أبدًا؟ أم لأنني ضعفت أمام الذكريات الجميلة ، و جعلت الأيام التي كانت تجمعنا تشفع لك تغفر لك عني ، و أنا ما زلتُ هنا عاجزًا عن النسيان؟

هل تعرف كم أكره نفسي أحيانًا لهذا الشعور؟ أشعر وكأنني أخون غضبي ، و كأنني أبيع ألمي في سوق الحنين لأعود وأقول: "ربما كان معذورًا." لكن الحقيقة أنني لا أملك يقينًا لا أملك سوى هذه الجروح التي تنزف كلما حاولت أن أسترجعك من ماضٍ لا يجيب.

الآن، أنا هنا أقف بين ما كنت ، و ما صرت بين ذاكرتك التي تُنير لي لحظات ، و بين صمتك الذي يخنقني .... أريد أن أفهم أريدك أن تعترف ، و لو بصمت الريح ، أو رائحة التراب أنك نادم أن الأيام الجميلة وحدها لم تكن كافية لتغسل ما تركته خلفك من ألم.

النهوض  من  الرماد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن