في يومٍ من الأيام، جلس الصغير فوق جرةٍ صدئة، يحلم في عالمه الصغير الذي لم يتجاوز حدود الماء المترقرق أمامه. كانت الغيوم فوق رأسه تمطر بحزن لا يشبه شيئًا إلا روحه المثقلة. نظر إلى قاربه الورقي المتهادي على سطح الماء، وبدأ يُحاور نفسه.
"لماذا أشعر بهذا الثقل في صدري؟"، تساءل بصوتٍ خافت. "أليس من المفترض أن يكون عالمي صغيرًا وسعيدًا؟ لكن لماذا أجد الغيوم لا تفارقني؟"
صمت لوهلة، ثم أجاب صوت داخلي، صوت أشبه به لكنه بدا أكثر نضجًا: "ربما لأنك جعلت هذه الجرة موطنك الوحيد، وخفت أن تنظر إلى ما وراء العشب الذي يحيط بك. ألم تسأل نفسك عن العوالم الأخرى؟ عن السماء الزرقاء التي تتجاوز الغيوم؟"
أخفض رأسه أكثر، يلمس الماء بأطراف أصابعه. "لكن هذا الماء يواسيني، وهذه الغيوم تعرف حزني. لا أريد أن أتركهما، ربما هناك راحة في البقاء هنا."
رد الصوت بحكمة: "لكن الماء الذي تسكنه صغيرٌ، لا يتسع لأحلامك. والغيوم التي تراها، ليست سوى جزءٍ من الحقيقة. لن تعرف الدفء إلا إذا واجهت العواصف، ولن ترى قوس قزح إلا إذا تجرأت على الخروج."
أغمض عينيه وتخيل نفسه يرفع القارب الورقي الصغير ليضعه في بحرٍ واسع، حيث تُقابله الأمواج وتملؤه الأمل. لكن حين عاد إلى واقعه، وجد نفسه ما زال في ذات الجرة، وتحت ذات الغيوم.
"لكن كيف أبدأ؟"، سأل نفسه بصوت متردد.
أجاب الصوت داخله: "الخطوة الأولى هي أن تؤمن بأن الجرة ليست كل شيء. امسك قارِبَك وامضِ، حتى لو كانت الأمطار فوق رأسك. الأمطار تغسل الروح، والمجهول يوسّع الأفق."
في تلك اللحظة، نهض الطفل، مد يده إلى القارب الورقي، نظر إليه بحبٍ ثم حمله. كانت الغيوم ما زالت تمطر، لكنها لم تكن تبدو حزينة كما كانت. بل كانت تهمس له: "انطلق، فأنت جزء من سماء أكبر مما تتخيل."
أنت تقرأ
الحلم في عالم صغير
Fanfiction"الحلم في عالم صغير" هي قصة قصيرة تُعبِّر عن رحلة داخلية لصبي يواجه تحديات في فهم نفسه وأحلامه. يعيش الصبي في عالم محدود، محاطٍ بالماء والغيوم، حيث يجد الراحة في مكانه الصغير، لكنه يشعر في نفس الوقت بثقل داخلي يعيقه عن التقدم. من خلال حوار داخلي مع...