وعد النجوم

7 4 0
                                    


--

الفصل الخامس: بين الواقع والوهم
--

استفاق جونغكوك على صوت خطواته الثقيلة على الأرض المبللة، تملؤه الدوخة كأنما رأسه يحترق.
كان الظلام قد بدأ يلف المكان، والمطر الذي لم يتوقف منذ ساعات أصبح الآن يراكم على جسده بقسوة، لكنه لم يشعر به. عقله كان غارقًا في مكان آخر، وكأن كل شيء من حوله كان يذوب في الفوضى. الصوت كان يتردد في أذنه، تلك الهمسات التي لا يستطيع الهروب منها.

-كوك، لماذا تركتني؟

تردد الصوت مرة أخرى، وكأنما يخرج من جوف الأرض نفسها. كانت والدته تهمس في أذنه كما لو أنها تقف بجانبه.

كانت كلماتها واضحة كالصوت الذي ينبعث من بعيد، لكن قلبه كان يعلم أنه
لم يعد بإمكانه العودة إلى تلك الأيام
إلى تلك اللحظات التي كانت فيها الحياة أهون عليه.

أغمض عينيه للحظة، وفتحها سريعًا عندما شعر بشيء ثقيل على قلبه، وكأن قلبه لا يتسع لألمه. هل كان هذا الصوت حقيقيًا؟
هل كان والده يلاحقه في هذا المكان المظلم؟
أم أن كل شيء كان جزءًا من وهم في عقله؟
لم يستطع تحديد الفرق.

حاول أن يبتعد، لكنه شعر بشيء يمنعه. كانت قدمه تجره ببطء نحو الزقاق المظلم الذي يبدو لا نهاية له.

"أنت لا تملك الحق في الهروب. ستظل هنا، محاصرًا بين جدرانك الخاصة."

مرت لحظة من الصمت، شعر خلالها بأن كل شيء يتحطم من حوله، وعيناه تغلقان. لم يكن يعلم إن كان الوقت قد مضى أو توقف. أغمض عينيه ثانية، لكنه شعر بشيء غير متوقع. شيء بارد، شيء طيفي، يلامس ذراعه.

في اللحظة التي عاد فيها الوعي إلى رأسه، شعر بشيء ثقيل يضغط على صدره، كما لو أن روحًا ثقيلة ترفرف فوقه. فجأة، قفز إلى الأمام بسرعة غير مدروسة، وركض عميقًا في الزقاق، حتى بدأ قلبه يخفق بشدة، والألم يشق جسده. لم يكن يرى الطريق أمامه بوضوح
وكانت الأضواء تتداخل مع ظلال الأشجار التي كانت تكسرها الرياح.

ركض دون أن يراقب الأرض تحت قدميه. كانت الأغصان الطويلة واليابسة تعترض طريقه، لتخدشه وتلتف حول معصميه وأعلى ذراعيه، وكأنها تضغط عليه، تقيده. لكنه استمر في الركض، وكأن الهروب هو الحل الوحيد من تلك الأصوات التي تطارده.

ثم توقف فجأة.

كان الهواء باردًا، وعينيه مغمضتان بإحكام، وكأنما حاول أن يهرب من الألم الذي يملأ رأسه. لكنه حين فتح عينيه، شعر بشيء غير طبيعي. لم يكن وحده. كان هناك، في الزقاق المظلم، شيء يلوح له، يكاد لا يصدق عينيه.

Sea crow حيث تعيش القصص. اكتشف الآن