ثمن الظلال

10 3 0
                                    

تحت وطأة الصمت الثقيل الذي خيم بعد اختفاء الحراس، التفت أورفين نحو زيف بنظرة حادة، يشد أعصابه كمن يتأهب لصدمة. قال بصوت منخفض لكنه مشحون بالغضب المكتوم:
"ما ثمنك يا زيف؟ تكلم الآن."

زيف توقف في مكانه، ثم أدار رأسه بخفة، متأبطًا تلك الابتسامة المعتادة التي تخفي أكثر مما تكشف. لكن هذه المرة، كان في عينيه بريق ينذر بحقيقة مخفية. رد بنبرة هادئة، لكنها تحمل شيئًا من العبث:
"الثمن ليس الآن، أيها البطل. ستعرفه عندما يحين الوقت، وأعدك أنك لن تنسى."

قاطعت رودين، التي كانت تمسك بيد ليفيانا كأنها تحاول تثبيتها على الواقع:
"لا وقت لهذا الآن! علينا أن نتحرك قبل أن يعثروا علينا."

أومأ أورفين بصمت، لكنه لم يستطع منع نفسه من إلقاء نظرة تحذيرية أخيرة نحو زيف. قال بلهجة صارمة:
"حسنًا. لكن تذكر، إن ظهرت مشكلتك في وقت خاطئ، فسأجعلك تدفع الثمن أولاً."

زيف، بابتسامة تنضح بالسخرية:
"أوه، كم أنا خائف!"

شق الأربعة طريقهم نحو مدخل النفق الذي تحدث عنه زيف. كان مغطى بالصخور والشجيرات، وكأن الطبيعة تآمرت على إخفائه. تقدم أورفين وأزاح الشجيرات، فيما وقف زيف خلفه كمن يستمتع بمشاهدة فيلم مثير.

قالت ليفيانا، وعيناها تتحركان بحذر:
"هل أنتما متأكدين أن هذا النفق آمن؟"

اقترب زيف منها، وانحنى بجانبها وهو يقول بنبرة ساخرة:
"لقد استخدمته أنا وأخوك سابقًا، وها نحن أحياء. لذا نعم، هو آمن... نسبيًا. لكن إن كنتِ تفضلين العودة إلى القصر، فلن أمنعك."

ردت ليفيانا بحدة غير متوقعة:
"أنا لست خائفة! فقط أريد أن أتأكد."

فتح أورفين المدخل وأشار للجميع بالدخول.

داخل النفق، كان الظلام كثيفًا كأنه كائن حي يبتلعهم، والرائحة خانقة بمزيج من الرطوبة والعفن. أشعل أورفين كرة ضوئية صغيرة، ليكشف بها جدرانًا حجرية متآكلة تروي حكايات الإهمال الطويل.

كانت خطواتهم تصدر صدى غريبًا، كأن النفق يردد صدى مخاوفهم. حاول الجميع أن يبقوا صامتين، لكن الجو كان ينبض بشيء مقلق، شعور ثقيل لا يمكن تجاهله.

فجأة، توقفت ليفيانا وشدت ذراع رودين بقوة.
"أسمع صوتًا... خلفنا."

توقف الجميع، والتفتوا بسرعة نحو الظلام. في البداية، لم يروا شيئًا، لكن سرعان ما شعروا بحركة خفية، كأن الظلال نفسها تتحرك ببطء.

سأل أورفين بصوت يملؤه الغضب المكبوت:
"زيف، هل هذه إحدى ألاعيبك؟"

لكن هذه المرة، لم يبتسم زيف. كان وجهه جادًا وهو يقول بصوت خافت:
"لست أنا. يبدو أننا لسنا وحدنا."

ازدادت الأصوات الخافتة التي بدأت كهمسات، لكنها سرعان ما تحولت إلى ضجيج غريب يقترب من كل الاتجاهات. رفع أورفين خنجره، واستدار ليحمي المجموعة.
"ابقوا خلفي."

أمانيثا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن