........بعد دقائق من التدريب، كان غوجو يقف أمام ليلاف، يراقب ضرباتها بعناية، فيما بدا وكأنه لا مبالاة معتادة. رفع يده مشيرًا لها بالتوقف.
"حسنًا، لقد رأيت ما أحتاجه."
تنفست ليلاف بعمق، وتراجعت خطوة للخلف. "وما الذي رأيته بالضبط؟"
ابتسم غوجو ومال برأسه قليلاً إلى الجانب. "أنكِ عنيدة. وهذا شيء جيد."
عبست ليلاف ووضعت يديها على خصرها. "هذا ليس مديحًا، أليس كذلك؟"
"ليس تمامًا." أجاب وهو يبتسم بمكر. "لكنكِ تحتاجين إلى أكثر من القوة الجسدية. العالم هنا لا يرحم، والقوة الحقيقية تأتي من قدرتكِ على التحكم في طاقتك الملعونة."
"طاقة ملعونة؟"
أومأ غوجو، ثم جلس القرفصاء على الأرض، وأشار لها أن تفعل الشيء نفسه. رغم ترددها، جلست ليلاف أمامه.
"حسنًا، لنقم بتجربة بسيطة. أريدكِ أن تغمضي عينيكِ."
نظرت إليه بحذر. "ولماذا علي فعل ذلك؟"
"لأنكِ تثقين بي." قال بابتسامة ساخرة.
"أنا لا أثق بك." قالت ببرود، لكنها أغلقت عينيها على أي حال.
"جيد." قال، نبرة صوته فجأة أصبحت أكثر جدية. "الآن، تنفسي ببطء. اشعري بالطاقة داخل جسدك. إنها هناك، لكنكِ لم تلاحظيها من قبل."
ليلاف حاولت التركيز، لكن الفكرة بدت سخيفة لها. لم تشعر بشيء سوى إحباطها المستمر.
"لا شيء يحدث." قالت بعد لحظات.
"لأنكِ تفكرين كثيرًا. توقفي عن محاولة التحكم بكل شيء."
شعرت ليلاف بشيء من الانزعاج، لكنها استمعت إلى كلماته. أبطأت أنفاسها، وحاولت أن تترك أفكارها تتلاشى. فجأة، شعرت بتيار خافت يمر عبر جسدها، كأنه دفء لطيف يتسلل بين أضلاعها. فتحت عينيها بسرعة ونظرت إلى غوجو.
"لقد شعرت بشيء..."
ابتسم ابتسامته الواسعة المعتادة. "ها نحن ذا! أخبرتكِ أن لديكِ إمكانيات."
"وماذا بعد؟" سألت وهي تميل رأسها قليلاً.
"الآن علينا صقل تلك الإمكانيات. لكن قبل ذلك..." وقف غوجو ومد يده نحوها لمساعدتها على الوقوف.
تراجعت ليلاف غريزيًا، رافضة يده. رمقها بنظرة فهم، لكنه لم يعلق.
"كما تريدين." قال بينما وقف بنفسه. "لننهي هنا اليوم. غدًا سنبدأ بشيء أكثر إثارة."
"مثل ماذا؟"
"ستعرفين عندما يحين الوقت." أجاب، قبل أن يدير ظهره ويبدأ بالمغادرة.
"انتظر." قالت فجأة، مما جعله يلتفت إليها بابتسامة هادئة.
"ماذا الآن؟"
ترددت ليلاف للحظة، لكنها جمعت شجاعتها وقالت:
"لماذا تساعدني؟ ما الذي تستفيده من هذا؟"أخذ غوجو لحظة قصيرة قبل أن يجيب، نبرته خالية من سخريته المعتادة.
"لأنني أرى فيكِ شخصًا يحتاج إلى فرصة ثانية. وهذا كل ما في الأمر."شعرت ليلاف بشيء غريب في صدرها، مزيج من الامتنان والحذر. لم تكن متأكدة مما إذا كان صادقًا أم أنه يخفي نواياه الحقيقية. لكنها اختارت ألا ترد، واكتفت بمراقبته وهو يغادر القاعة.
ليلًا...
كانت ليلاف مستلقية على سريرها، تحدق في السقف. تذكرت اللحظة التي شعرت فيها بتلك الطاقة بداخلها. لم تكن متأكدة مما إذا كان بإمكانها الوثوق بغوجو، لكنه كان الشخص الوحيد الذي قدم لها يد المساعدة في هذا العالم الغريب.
"فرصة ثانية..." تمتمت لنفسها. لم تكن متأكدة إذا كانت تستحق ذلك.
أغلقت عينيها، وفي ذهنها تساؤل واحد: هل ستتمكن يومًا من العثور على طريق للعودة إلى حياتها القديمة؟ أم أنها ستضطر إلى مواجهة ماضيها هنا؟
اليوم التالي...
كانت ليلاف تنتظر في القاعة عندما دخل غوجو بابتسامته المعتادة. "مستعدة لليوم؟"
"لست متأكدة." قالت بصدق.
"حسنًا، هذا جيد." قال بابتسامة ساخرة. "لأنه اليوم سنختبر خوفكِ الأكبر."
تجمدت ليلاف مكانها، وبدأت تشعر بالقلق. "ماذا تعني بذلك؟"
"سوف تكتشفين قريبًا." قال وهو يشير لها أن تتبعه مجددًا.
..........
Put a star ⭐
أنت تقرأ
ليلة واحده
General Fiction"في زاوية مظلمة من عقلها، كانت ليلاف تعيش في صراع دائم مع ذكريات ماضٍ أبت أن تتركها وشأنها. الألم كان حاضرًا دائمًا، مثل ظلال طويلة تمتد من أعماق كوابيسها. بعد تلك الحادثة، لم تعد ترى العالم كما كان. الرجال أصبحوا تهديدًا، الثقة أصبحت حلمًا بعيد الم...