و عند وصولهم المنزل رافقت ميلانا .أليانا للغرفة لتنام و تهدئ قليلا بعد هذه العواصف النفسية ...
جلست أليانا على السرير رافضة النوم رغم إحمرار عيناها التائهتان في الفراغ، كأنها لا ترى شيئًا أمامها. ضوء الغرفة كان خافت، ولكن في داخلها كان هناك شيء يحترق. كان قلبها مثقلًا بالألم، لا تستطيع تحمّل السكون الذي يملأ المكان. بعد كل ما مرّت به، كان من الصعب عليها تصديق أن الأمور بدأت تهدأ. ورغم أن ميلانا كانت إلى جانبها، إلا أن أليانا شعرت وكأنها بعيدة عن كل شيء، حتى عن نفسها.
همست بصوت منخفض، وكأن الكلمات تخرج بصعوبة شديدة."لا أستطيع أن أصدق ما حدث..."أما ميلانا، رغم قسوتها الظاهرة، فقد كانت تشعر بكل شيء. و أردفت بهدوء "كل شيء سيكون على ما يرام، أليانا. المهم أنكِ بخير."
و من ثم خرجت ميلانا من. الغرفة لتذهب إلى غرفتها هيا أيضا لتنعم ببعض الراحة بعد يوم مليأ بالأحداث السيئة
لم تمضي بضع دقائق وقبل أن تغفو
تفاجأة بدخول أليانا لغرفتها بحركات بطيئة، وكأنها لا تريد أن تشعر بثقل خطواتها. كانت عيونها ضبابية، مليئة بالحزن والضياع. عندما رأت ميلانا جالسة على السرير، ابتسمت بخجل، ولكن الابتسامة كانت فارغة، غير قادرة على إخفاء الشوق والفراغ الذي في قلبها
و أردفت بحزن:" أ يمكنني أن أنام بجانبك اللّيلة!؟
لم تستطع ميلانا رفض طلبها و هيا بتلك الحالة فأجابتها بلطف :"نعم تعالي بجانبي". استلقت أليانا بجانبها، وكأنها تبحث عن الأمان، وكأنها طفلة صغيرة تبحث عن دفء في حضن أمها المفقودة.أغمضت عينيها، ولكن كل شيء في داخلها كان يهتز. مشاعرها كانت كالطوفان، متراكمة، ثقيلة، تعجز عن التعبير عنها بالكلمات. كانت تدفن كل شيء بداخلها، تحاول أن تتجاهل الجرح الذي يعمق في قلبها مع كل لحظة تمر. تنفست بصعوبة، ثم فتحت فمها بحذر، كأنها تهمس أكثر منها تتحدث : أترين هذه الغرفة المضلمة؟ إنها تماما كما ماضيا و حاضري ولا شك أن مستقبلي هكذا تماما ..! لم أنعم بسلام منذ قدومي لهذه الحياة البائسة لا أعلم إن كان هذا قدري لكن تمنيت أن يكون لي سند في كل هذه الأحداث حتى والدي ههه والدي؟؟ لا أعلم إن كان لي الحق في مناداته هكذا أصلا لكنه منذ طفولتي كان كالعاصفة التي لا تعرف الرحمة. كلما اقتربت منه، شعرت وكأنني أدخل إلى عاصفة لا يمكن النجاة منها. كان يعاملني وكأنني لا شيء. ربما أكثر من ذلك، كان يعاملني كعبء ثقيل عليه. و بعد وفاة أمي ضننت أنه سيلين قليلا و يرأف بي لكن ، كان يختار البعد عني كأنني لست ابنته. كان يسير في البيت كظِل، يلتقط الكلمات القاسية ويزرعها في قلبه ليحطمني بها. لم يكن يهتم إن كنت أحترق من الداخل، أو إن كنت بحاجة إلى كلمة طيبة في سن مراهقتي ، لم يكن يبالي. كان يشير إليّ بإيماءات متعالية، وكأنني مجرد وجود عابر في حياته."
كانت دموع أليانا تتساقط بصمت، ولكنها لم تتحرك، كأنها اعتادت على هذا الألم. كانت الكلمات تتدفق من قلبها، تبكي أكثر مما تتكلم:
"لم أكن أحتاج منه إلا القليل من الحب، القليل من العطف، حتى لو كان بسيطًا، لكنه كان يرفض أن يعطيني حتى ذلك. كان دائمًا غاضبًا، دائمًا مشغولًا بهمومه الخاصة. كنت أراه يغضب من أقل شيء، يصرخ، ثم يتجاهلني. كانت معاملته لي تجعلني أشعر وكأنني لا أستحق الحياة، وكأنني لا أستحق أن أكون موجودة في عالمه. كنت أفقد الأمل كل يوم، وأتساءل لماذا أعيش في هذا الجحيم؟"
رفعت أليانا رأسها قليلاً، عيناها مليئة بالألم، لكنها تابعت حديثها بصوت ضعيف، وكأنها تطرد شيئًا ثقيلًا كان يضغط على صدرها:
"كبرت وأنا لا أعرف معنى الأمان. كلما حاولت الاقتراب منه، نفرني بشدة . لم يكن هناك أي احتضان، لم يكن هناك أي أمل. كنت أعيش في عالم لا رحمة فيه. وعندما حاولت الهروب، ظننت أنني سأجد السلام، ظننت أنني سأبدأ حياة جديدة، لكن كل شيء عاد إلى الصفر. كأنني عشت في دائرة مغلقة، وأحلامي كلها كانت مجرد سراب."
انهمرت دموعها بشدة، حتى أن وجهها اختفى في الوسادة، لكن لم يكن هناك من يمسحها.وغطت في نوم عميق لكن . في ذلك الوقت، كل شيء بدا كما لو أن العالم كله قد خذلها، لكنها لم تشعر بأنها وحيدة، رغم أن هذا الشعور كان يرافقها طوال حياتها. كانت ميلانا تضع يدها فوق كتف أليانا لتواسيها قليلا لكن كانت تعرف أنه لا معنى لأي ماستقوله في تلك اللحظة وكل ماكان يمكنها تقديمه لأليانا هوا الإستماع فقط .... كان يشغل بالها كلام ليوناردو و التحليل الجيني كانت أفكارها متضاربة و الأسئلة تملأ عقلها ٫بقيت ليلة كاملة تفكر في ليوناردو و كلامه و هل حقا لديها أخت ؟و هل حقا هوا أباها؟. و ماذا ستفعل في وسط كل هذه الصراعات؟؟ لكن كل ماكنت متأكدة منه هوا أنها يجب أن تبقى بجانب أليانا فهيا المتضرر الوحيد لشيئ لا ذنب لها فيه ...