البارت العشرين ☄️

13 2 0
                                    

ظلال الماضي

كان الليل عميقاً، والهدوء يغمر الأرجاء، إلا من صوت الهاتف الذي كسر صمته.
استيقظ ليو على رنينه المتواصل.
فتح عينيه بتثاقل ونظر إلى الساعة التي تشير إلى الثالثة صباحاً، ثم إلى شاشة الهاتف التي تشع برقم غريب.

رد بلهجة حذرة، فجاءه صوت يعرفه جيداً، لكنه لم يكن يتوقع سماعه في هذا الوقت:
"ليونارد، أريد مقابلتك."

تنفس ليو بعمق ليهدئ من انزعاجه قبل أن يجيب بحنق:
"بربك يا فلاد، ألا تملك ساعة في منزلك؟ أهكذا توقظ الناس؟"

رد فلاد بنبرة متوترة، وكأنه يقاتل صبره:
"أنا أنتظرك أمام البحيرة. كن هناك."
أغلق الخط دون انتظار رد، تاركاً ليو يلعن نفسه واليوم الذي اضطر فيه للجوء إليه.

بعد نصف ساعة،
كانت سيارة ليو تتوقف بعشوائية على جانب الطريق قرب البحيرة.
ترجل بخطوات سريعة ورأسه يضج بالأفكار.
هناك،
وسط السكون،
كان فلاد جالساً على صخرة كبيرة، عيناه مثبتتان على انعكاس القمر في الماء.

اقترب ليو منه وجلس بصمت. مرّت دقيقة بدت وكأنها دهراً، حتى قطع فلاد السكون بصوت هادئ، لكنه يحمل توتراً خفياً:
"لقد قبلت الاتفاق يا ليو."

رفع ليو حاجباً ساخرًا وقال:
"تبدو متحمسًا للغاية."

تجاهل فلاد سخريته، ونظر إليه بغيظ مكبوت قبل أن يرد بنبرة هادئة لا تعكس العاصفة بداخله:
"لكن لدي شرط."
نظر إليه ليو ببرود، فأكمل فلاد بحزم:
"أريد أن تخبرني كل شيء... لماذا وكيف وصلت إلى هذا الطريق، يا ليونارد؟"

زفر ليو طويلاً، وكأنه يحاول طرد ثقل الكلمات التي تحاصره. أجاب أخيرًا بنبرة غامضة:
"ستعرف كل شيء... لكن في وقته."

انتفض فلاد بغضب، وقف فجأة، وصاح:
"لا، يا ليو! ستخبرني الآن!"
ثم بصوت مخنوق، تابع:
"هل تعرف كم عانيت وأنا أطارد صديق طفولتي؟ صديقنا... الذي قتل ألكسندر، وكأنه لم يكن هناك شيء بيننا؟ أتعلم أنه كان يؤمن بأنك ستترك هذا الطريق يومًا؟ لكنه لم يعلم أن موته سيكون على يديك!"

تقدّم فلاد باندفاع، أمسك بياقة ليو بعنف وسحبه ليجبره على الوقوف.
كان ليو جامداً، لا يدافع عن نفسه. عيناه مثبتتان على الفراغ، وعقله غارق في دوامة من العار، الندم، والحنين.

رفع ليو رأسه أخيرًا لينظر في عيني فلاد، اللتين كانتا تلمعان بدموع تتشبث بالكبرياء كي لا تسقط. وفي تلك اللحظة، اندفع ذهنه إلى الماضي... إلى ذلك اليوم المشؤوم.

فلاش باك

كان ليو يستعد مع وحدته بقيادة سيرجي لمهمة جديدة:
نقل شحنة سلاح عبر الغابة.
كان يبدو غير مبالٍ بخطورة المهمة أو حتى حياته. وقف سيرجي أمامهم يشرح الخطة بعناية، بينما كان ليو يستمع ببرود، ينظر إلى اللاشيء.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: 2 days ago ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

مـــــــابــيـن الـرصــاص و الـصـلـــوات  Between bullets and prayers حيث تعيش القصص. اكتشف الآن