وسط الحقول الخضراء التي تهامس لها الرياح بنسائمها العذبة، يقف منزل خشبي دافئ، محاطًا بحزام من الزهور البرية التي تتراقص بلطف حوله. أشجار الصنوبر والبلوط تطوّقه من كل مكان، وعطر الخبز الطازج يتسلل من المدفأة ليغمر المكان بعبق يبعث السكينة في القلوب. على مقربة من المنزل يتراءى إسطبلٌ يضم الخيول والماعز، ونهرٌ متلألئ يعانق المروج الخضراء بأطياف من الجمال الطبيعي الساحر.من بعيد، تسمع ضحكات فتاة تتردد في الأرجاء، لتملأ الأجواء بالحياة والبهجة. جمالها الفاتن يشعّ كالشمس، وعينها اللوزيتان تأسران كل من يلتقي بهما. شعرها الأسود، الذي كان ينساب مع الرياح ببهاء، يتناغم مع جمال الريف المحيط بها. كان اسمها "جوري" تيمّنًا بالوردة الحمراء التي ترمز للحب والعاطفة والقوة.
بينما كانت جوري تلهو مع حصانها "فرانك"، فجأةً، سمعَت نداء أمها يناديها بحنان:
- "جوري، حبيبتي، إنه وقت الغداء!".
ابتسمت ابتسامة دافئة، ثم جمعت باقة من الزهور البرية بأيدٍ صغيرة، وزخارف الطبيعة تضيء وجهها، وانطلقت نحو المنزل في سرعة، يملؤها الفرح.
داخل المنزل، كانت الأم مشغولة في خبز كعكة عيد الميلاد. الأب يزين أرجاء البهو بالزهور الملونة ويضع الأقحوان في الزوايا. المكان ينبض بالحياة، يعجّ بالحب والضحك، كأن الوقت نفسه يتراقص مع سعادة العائلة. كان الجميع يستعد للاحتفال بعيد ميلاد جوري السادس عشر، لكن هذا الهدوء لم يستمر طويلاً.
في لحظة، انفجر الصمت بألم رهيب. صرخة مدوية من المطبخ، تهزّ أركان المنزل
ركض الأب بفزع نحو مصدرالصوت، وقلبه يخفق بعنف. وما إن دخل المطبخ حتى كانت النيران تلتهم كل شيء. ألسنة اللهب العالية كانت تحيط بالأم، التي كانت عالقة تحت المنضدة التي سقطت على قدميها.
"ماري !" صرخ الأب، لكن النار كانت أسرع. اختلطت صرخاته مع صوت الألسنة المتأججة التي ابتلعت كل شيء في طريقها.
في الخارج، كانت جوري تلهو في الإسطبل، ضحكاتها تملأ الجو كما هي العادة. لكن فجأة، شعرت بشيء غريب، وكأن قلبها بدأ ينبض بطريقة لم تعهدها من قبل، وكأن هناك شيئًا يقترب منها.
أنت تقرأ
جوري عبر مرآة الكوكب الذري
Fantasyبعد أن فقدت والديها بشكل مأساوي، تجد "جوري"، الفتاة ذات الستة عشر عامًا، نفسها تنتقل للعيش في ميتم منعزل، باحثة عن مأوى يعيد لحياتها شيئًا من الأمان. لكنها تكتشف سريعًا أن هذا الميتم يخفي سرًا مظلمًا؛ إذ يتضح أن صاحبته ساحرة شريرة تمتلك مرآة سحرية،...