في ضلال الكتب وظلام الليل

4 1 0
                                    


---

الفصل الأول

بعد تخلي الشمس عن السماء ليغزوها الظلام، كانت فتاة تدعى لينا ذات الملامح الهادئة، تبدو كسولة بنظر من يراها، إذ كانت جالسة وضعت رأسها فوق الكتاب وكأنها على وشك النوم. محاطة بالكتب المرتبة على الأرفف، والهدوء يملأ المكان في الوقت المتأخر. وبطبيعتها، كانت المكتبة عالمها الخاص، حيث كانت لينا تغوص في أحداث الكتاب الذي تحكي فيه الحروب والقتالات التاريخية، موضحة كيف أن البشر تخلوا عن إنسانيتهم. تتعمق في الأحداث مع أفكارها وتساؤلاتها التي تتضارب في ذهنها، وكانت عبارة عن:

لماذا لا يفكر البشر فيما ستجلبه الحروب من دمار ومآسٍ؟ الأرض التي ستتحول إلى مقبرة للجثث المتراكمة، والطيور التي تنهشها؟ وسعيهم وراء القوة أو السلطة لظلم الضعفاء أو للتفاخر، لمجرد المتعة أو الطموح؟

تسلل صوتٌ موضعًا حدًا لأفكارها وعالمها الخيالي. كان صوت العجوز، بابتسامته الوديعة ووجهه البشوش، وهو يقول: "ابنتي، المكتبة ستغلق أبوابها الآن."

ادعت لينا العبوس، لكن ذلك العجوز، أفطن منها. نهضت بتثاقل، متمسكة ببقايا استمتاعها المقطوع، وقالت بنبرة متذمرة: "حقًا؟ حسنًا، سأغادر."

ابتسم العجوز بلطف وقال: "أنا لم أقطع متعتكِ، ولكن الوقت متأخر، وهذه الأيام أصبح الخطر منتشرًا في كل مكان. احذري في الطريق، ونومًا هانئًا."

هاجمتها رياح الليل الباردة، التي نالت منها بسبب إهمالها في ارتداء ملابس دافئة. الشارع كان مظلمًا وخاليًا من الناس، ولكن خيوط ضوء القمر الخافتة كانت تضيء الطريق أمامها. كانت في غاية الاستمتاع، فهذه الأجواء الجميلة والظلام حولها كانت تريحها. ولكن هناك شيء تكرهه، وهو انفراد أفكارها بها.

وفي كل خطوة تخطوها، تسحبها أفكارها لزيادة شرودها، حتى أنها لم تنتبه لوجود شخص أمامها، لتصطدم به فجأة.

---



---

وفي اللحظة التي اصطدمت فيها لينا بالشاب، كان الأخير قريبًا من عمرها. وبسبب بنيته القوية، سقطت لينا على الأرض. حاول الشاب مساعدتها على النهوض، مدًا يده إليها. قالت بنبرة غاضبة ومتألمة: "ألا تنتبه؟ لقد تأذيت بسببك."

لكن الشاب أجاب بعد أن ضربت يده التي كانت تمدها لمساعدتها: "أنا آسف، ولكنك كنتِ شاردة."

لم ترد لينا عليه، فهي كانت مشغولة بالنهوض، الذي كان صعبًا بسبب أثر السقوط. لكنه أصر على مساعدتها، ولم تعارضه، فقد كانت في موقف لا حيلة لها فيه ولا قوة. أظهر لنا الشاب بأخلاقه النبيلة التي تمثلت في مساعدتها رغم ردود فعلها السلبية.

بعد لحظات من الوقوف، بينما كانا واقفين معًا، تطوعت لينا بالكلام وقالت: "لا تتوقع مني الشكر."

توتر الموقف بسبب تعامل لينا القاسي معه، لكن الشاب أجاب بلطف، مخالفًا فضاضتها: "أنا آسف، لم أقصد إيذاءكِ."

لترد عليه: "هذا ليس مهمًا."

ثم همت بالمغادرة، لتصل إلى منزلها الذي لم يكن بعيدًا عن المكتبة.

---

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: 5 days ago ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

من هو السفاح؟حيث تعيش القصص. اكتشف الآن