||•قيود تحت الظلال•||ĐL

الفصل الأول: ظل القائد

كان الليل قد بسط عباءته على المدينة، حيث تلوح أضواء ناطحات السحاب في الأفق كأنها تحرس أسرارًا دفينة. في الطابق الأعلى من مبنى الشركة الفخم، وقف "داتيوس مايكلسون" بجانب النافذة الزجاجية العملاقة، يدخن سيجارًا فاخرًا بنظرة جامدة ترسم خطوطًا من القوة والخطر. بالنسبة للعالم الخارجي، كان رجل أعمال ناجحًا، لكن خلف هذه الواجهة البراقة، كان داتيوس العقل المدبر لإحدى أقوى الشبكات الخطيرة في البلاد.

كانت الغرفة غارقة في صمت ثقيل، يكسره صوت خطوات على الأرضية الرخامية. دخل "ماركو"، مساعده المخلص، وهو يحمل ملفًا أسود في يده، ملامح وجهه تحمل مزيجًا من التوتر والخوف.
"سيدي، لدينا مشكلة"، قال ماركو بصوت منخفض لكنه حازم.

التفت داتيوس ببطء، عيناه الرماديتان تخترقان ماركو كأنهما تبحثان عن أعمق أسراره.
"ما نوع المشكلة؟" سأل بصوت هادئ، لكنه حمل في طياته تهديدًا دفينًا.

"الخائن... إنه بيتر مارلو. حصلنا على دليل أنه نقل معلومات حساسة عن عملياتنا إلى أعدائنا. الأضرار جسيمة، وقد تكبدنا خسائر مالية كبيرة في السوق السوداء."

ساد الصمت لوهلة، ثم ألقى داتيوس السيجار جانبًا وتقدم نحو ماركو بخطوات محسوبة، كأنه يفكر في كل خطوة قبل أن يخطوها.
"بيتر مارلو، ذلك الرجل الذي وثقت فيه؟ الرجل الذي عاملته كأحد أفراد العائلة؟"

"نعم، سيدي. لدينا الأدلة الكاملة."

أدار داتيوس ظهره لماركو ونظر إلى المدينة مجددًا، كأنه يفكر في الخطوة التالية. ثم قال بصوت يشبه الحدة التي تسبق العاصفة:
"أحضروه لي... الليلة."

---

بعد أربعة ساعات، جلس بيتر مارلو في غرفة الاجتماعات الباردة، يحدق في الطاولة الخشبية أمامه دون أن يجرؤ على رفع نظره. الأضواء الخافتة تزيد من توتره، وقطرات العرق تنساب على جبينه رغم برودة الجو. فُتح الباب بقوة، دخل داتيوس بخطى هادئة، لكن كل خطوة منه كانت كافية لتزيد من شعور بيتر بالاختناق.

"بيتر..." بدأ داتيوس الحديث، صوته يبدو كالسيف الذي يمر فوق حنجرة الخائن. "هل تعرف لماذا أنت هنا؟"

"سيدي... أنا أستطيع التفسير... الأمر ليس كما يبدو..." بدأ بيتر بالتلعثم.

ضرب داتيوس الطاولة بيده، فارتد صدى الصوت في الغرفة.
"اصمت. ليس لدي وقت للثرثرة... لقد خنتني، وخنت كل شيء كنت أؤمن به"

بيتر حاول الدفاع عن نفسه، لكن الكلمات تخونه. "أنا... كنت مضطرًا، لقد هددوا عائلتي..."