المجنونة

1.1K 27 8
                                    

في عالم لم يخلو يوما من النفاق... عاشت هي !
في ارض لم يسلم يوما من الانتهاكات... عاشت هي !
في مجتمع لم يرحم يوما احد ... عاشت هي !
بين ناس لم يشبعوا يوما من الدماء... عاشت هي !
فتاة عشرينية... عاشت في ارض العراق ، في قرية سكانها طيبون او هكذا يتظاهرون !
في بيت جدتها ، هي الوحيدة التي بقت من عائلتها ،
في بيت تقع على طرف احدى روافد نهر دجلة ،
حيث تطل الحديقة الخلفية على النهر .
هناك عاشت المجنونة.

*ــــــــــــــــــــ*

عائدة هي من الصيدلية ، تمسح دموعها بكلتا يديها ،لم يكف احد عن النظر اليها، الجميع ينعتها بالـ " المجنونة " ويسخرون !
لولا ذلك الرجل الطيب الذي ساعدها
لقضت جدتها ليلة اخرى مع الالم .
دخلت المنزل و علقت معطفها خلف الباب ، وتوجهت بهدوء لغرفة جدتها ... ابتسمت رغم عنها وقالت بمرح
-جدتي الجميلة كيف حالك اليوم ؟
- بخير ما دمت اراكِ .
- لقد جلبت لكِ الدواء ، هيا خذيها ستتعافين باذن الله .
-وكيف استطعي دفع ثمنها ،نحن لانملك الا حق الطعام !
- لا تقلقي ، كنت قد ادخرت مالا من اجل العيد ، ولكن صحتكِ اهم .

ضهرت علامات الحزن على وجه جدتها ، بعد ربع ساعة ظهرت اثار الدواء و نامت جدتها.
هي كالعادة توجهت للحديقة الخلفية ، وجلست على كرسيها الهزاز ،
الكرسي الذي يحمل ذكرياتها مع والدها ، اغمضت عينيها لتعود الى طفولتها.
كان والدها يجلس هنا ويقرأ لها القصص ويجيب على كل تساؤلاتها
هي : ابي اين الله ؟
الاب : انه معك يا بنيتي ، في كل مكان .
هي :لما هو يراني وانا لا اراه ؟
الاب : كوني فتاة صالحة ، ستدخلين الجنة و ترين الله هناك .
هي : واين الجنة ؟
الاب : مممممم انه في السماء ، وهي ايضا تحت قدمي امكِ !

رغم الالم الذي في قلبها ابتسمت و تذكرت كيف كانت تنظر تحت قدم امها وتتخيل الجنة هناك!
وكما تفعل كل ليلة... بكت !
بكت عندما تذكرت مقتل والديها امام عينيها !
كيف هجموا على المنزل بغتة، و خربوا الاشياء ، خبأها والدها في مكان امن بسرعة ،
رائتهم هي ، رائتهم عندما هجموا بالسلاح على والديها
وما زالت الى الان تتذكر صوت تلك الطلقة .

"الله اكبر الله اكبر " عم صوت اذان الفجر القرية
مسحت دموعها قامت وجرت جسدها المتثاقل من الهموم تتوضئت و صلت .
دخلت الى غرفتها ، قبلت جبين جدتها و نامت .

*التكملة قريبا ..

المجنونةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن