"أشعر بإحساس غريب جداً ، أشعر بأن جبلاً انزاح من صدري ، أحسست أنني أصبحت أخف لكن هذا الشعور كان يمتزج بالألم والحرقة، صوت صرير خفيف يداعب أذني يروح ويجيء بانتظام، عيني مغمضتين لا أريد فتحهما لا أريد أن أرى ماذا يجري بل لأصدق القول أخاف من رؤية ما يدور حولي . إحساس الألم هذا أعرفه نعم لقد مررت به ذات مرة ، إنه يصطحب معه ذكريات
قاسية ياليتني لم أقدم إلى هنا لم أعد أطيق احتمال
رؤية تلك الذكريات ، إنها تعيد معها شعور الغضب
والحزن لكن جسدي يقشعر هذه المرة أكثر والألم
يتراكم بشكل بطىء لكنه يزيد لذا يجب أن أرى .."هكذا كان ميدو يكلم نفسه وهو جالس على الأرض
تحيطه هالته الحمراء بغير حراك ، وقد مكث على
هذه الحال حتى اشتد عليه الأمر و فتح عينيه فرأى
هالته الواسعة وقد امتدت حول الساحة كلها وكان
يتمعن النظر فيها منبهراً بتلك النقاط البيضاء التي
تمتص وتذهب داخل هالته ، نعم لقد تذكر إنه يعيش
نفس اللحظة التي عاشها حينما تبناه المخلوق
عندما كان صغيراً لكنه الآن كبر وأصبح عاقلاً ولديه
من الإدراك ما يكفي ليفهم أكثر عما يجري فيه
فوقف على قدميه وفتح كفيه ونظر إليهما وتأملهما ، فوجدهما على حالتيهما دون تغيير، وضع يده على
عينه التى تلمع وقد كان يشعر منها بحرقة خفيفة
على عكس عينه الأخرى و بدأ يتلمسها بلطف بإصبعه فلم يحس بشيء غريب ثم تلمس جسده جيداً فلم يشعر بأي شيء مريب سوى إحساس بأن الهالة تخرج من داخله وتتجسد في محيطه، سكن لحظة يبحث في داخله هذه المرة فأدرك أن الهالة أو القوة التي تخرج الهالة تتغلغل في أطرافه وجسمه وأنها تسير مثل الدم في أنحاء جسمه ثم بقي يتفقد نفسه حتى أغمضت عين الشمس ونثر الليل ستارته على السماء فأزاح بنظره إلى الهالة فرآها تصدر صوت صفير خفيف كصوت نسمة هواء ورآها أيضا تلتف حوله بانتظام وتدور وتضيء في وسط الليل بلون أحمر قاني جذاب كأنها شعلة كبيرة حتى أن
بعض الحشرات الصغيرة كالخنافس والفراشات
الصغيرة انجذبت نحو هذا الوهج وتأتي إلى هالته المضيئة ، وكلما دخلت واحدة تحولت إلى نقاط
بيضاء صغيرة ويسقط الجسد الصغير جافاً على
الأرض ثم يتلاشى كالغبار فتذكر ماقاله العجوز حميد
عن خصائص قوته وقد كانت تناقض طاقة الحياة
مع طاقة المادة فأمال نظره إلى الأرض إلى جثة
فراشة للتو قد جفت فعلم أن هالته تمتص الحياة
ممن يدخل إليها كحياة تلك الفراشة وتعطيما إلى
سيدها وهو الآن ميدو ويبقى منها فقط جثة فانية
يلاعبها الهواء كيف شاء، وظل ميدو يراقب الحشرات واحدة تلو الأخرى وقد أنساه ذلك الإحساس بالألم وأشعره ببعض الأنس حتى اقتربت حمامة رمادية من
هالته ودخلت ففزع ولوح بيده وحاول إبعادها لكن
الهالة كانت قد التهمتها بالفعل وسقطت دون
حراك حينها أحس بعظم الضرر الذي تجره هذه الهالة
فاستلقى من فوره حتى يقلص مدى الهالة
ويجعلها أصغر حجماً في محاولة لتخفيف الضرر
الناجم منها ثم بعد سكون دام لدقائق جاءه سؤال من داخله :

أنت تقرأ
لعنة التناقض
Science Fictionلا يمكن جمع الشيء ونقيضه في مكان واحد ... لكن ماذا لو اجتمعا؟؟ النتيجة ستكون مخلوق كونتراست ......