نسيم الصباح يداعب أوراق الشجر، واشعة الشمس تنتشر بالارجاء المحيطة بها، وبجانب تلك الأشجار كانت تقف فتاة بانتظار صديقتها،،
سما،، سمااا،، سمووويه،، صوت ينادي من بعيد..
تلتفت سما لمصدر الصوت وتقول: حلا،، أهلا بك يا عزيزتي،،
تقف حلا بعيداً عن سما وتقول مع نظرة حاذقه: : الله بصباح خير،، تونا قايمين من النوم،، جايه تتكلمي عربي فصيح،، خلا يا الله خطفي قدامي،، المحاضرة بتبدا تو..
سما مع ابتسامة رقيقة: حسنا حسنا لا داعي لدفعي هكذا(حلا كانت تدفع سما من الخلف)،،
اسرعت الصديقتان للقاعة الدراسية وجلستا في مقدمة القاعة،، حينها حظر الأستاذ والقى محاضرته،،
بعد ساعة ونصف من بداية المحاضرة،، كانت حلا تشعر بضجر شديد من المحاضرة المملة،، وبدأت دردشة ورقية مع سما،، فكتبت:( سما ياخي ملل متى ناوي يخلص ذا الأستاذ؟!) ،،
ردت سما وكتبت:(ما بالك يا حلا اتشعرين بالضجر!؟ )،،
تغيرت ملامح حلا أثناء كتابتها بالعربية الفصيحة وكتبت ردا على كلامها :(تو اقولش مليت، جالسه تتفلسفي فصيح ليش؟! لا تلوعي بكبدي طفران نوبه ذا_كانت تقصد الأستاذ_)
ابتسمت سما وكتبت مجدداً لحلا:(اتشعرين بالغثيان من ثرثرة الأستاذ يا حلا ؟!)
أمسكت حلا يد سما وشدت عليها قليلا وقالت بصوت خافت: لا تتكلمي فصيح يكفي هو يتكلم من ذيك الساعة لاعت كبادنا حشى،،
قالت لها: أريد أن أفهم ما المزعج في تحدثي للعربية الفصيحة ؟؟؟
حينها اشتعلت حلا غضبا ووقفت ولم تدرك أنها في منتصف المحاضرة وتهم بالصراخ على سما قائلة: اقوووول لا تتكلمي كذااااا
فجأة سكت الأستاذ والتفت هو وباقي الطلبة باتجاه حلا التي كانت في موقف لا تحسد عليه
كتمت سما ضحكتها وكانت حلا محرجة جلست واعتذرت على تصرفها الغير لائق،،
حينها أكمل الأستاذ محاضرته ولم تنطق حلا بأي كلمة،، وانتهى وقت المحاضرة تلك الأثناء ،،خرج الجميع عدا حلا وسما اللتان كانتا تعتذران من الأستاذ وقد طلب منهما عدم تكرار ذلك التصرف وخرج عنهما،،
حينها انفجرت سما ضاحكة : ههههههههههههه لما غضبتِ يا حلا هههههه لقد كان موقفًا محرجًا لك حقًا هههههه ،،
حلا ترد على سما: كله منش جالسة تبقبقي فصيح طول الوقت ،، وبعدها تضحك..
ظلت سما تضحك وتزعج حلا بذلك الموقف لنهاية الدوام وعادت كلتاهما إلى منزليهما ،،
حلا تدخل للمنزل: السلام عليكم ،، وين أمي
مااااه.. مااااه.. أمي اميييي ..
أم حلا: خير خير،، أنا ف المطبخ مو عندش!؟؟
حلا: توني جايه واشتقتلش ،،
أم حلا: عن المكر ،، كلي وسيري ارتاحي وراش مذاكرة بعدين،،
حلا بعد أن قصفت جبهتها: انزين تو بجي،،
تناولت حلا وجبة الغداء ،، وذهبت لغرفتها لتنال قسطاً من الراحة..
وهناك،،
حيث كل مستحيل يحدث،،
حدث ما لا يصدق،،
يا ربي! وين تو أنا ؟؟ ويش ذا المكان؟!(حلا تتساءل)
واجد ظلام ما اشوف زين..حد هنا؟؟! اووووي هينكم ؟؟ مااااه وين أنت ؟؟
ظلت تنادي وتنادي ولا أحد رد عليها،،
شعرت بالخوف قليلا ..
فجأة سمعت صوت خطوات على الأرض
زاد خوف حلا كثيراً،،
التفتت للوراء،،
ولم ترى شيئاً،،
بدأت الشكوك تراودها،،
ظنت أن هناك من يريد قتلها،،
نظرت للأمام،، عاد الصوت مجدداً،،
فهمّت بالفرار وبسرعة إلى أن ارتطمت بشيءٍ عملاق سد عليها الطريق،،
ااااخ تعورت (قالت حلا متالمه) ويش تو ذا؟
فويش أنا جالسه أحس برطوبة تحت ،، ماي ذا واموه؟؟(بعد الاصطدام سقطت حلا ع الأرض وكانت مبلوله)
فجاة بدأ الظلام يتلاشى،،
وبدأ المكان يتضح شيئا فشيئاً،،
أول ما رأته كان خطوط ومنحنيات اتضحت أنها حروف عربية مرسومة في الجدران المحيطة بها بطريقة غريبة وموحشة ،، كانت لتلك الحروف ملامح حزينة،، وكأنها تبكي،،
نظرت حلا أمامها وقد اتضح فيما بعد أن ما اصطدمت به كان كتاباً عملاق،،
والرطوبة التي احست بها كانت دماء ،،
صرخت بأعلى صوت: اااااااااااه ددد.. ددد.. دددددددم
من ويييييين!!!
الكتاب فيه دم!!!
كيييييييف
بدأت حلا ترتجف من الخوف،، وفي ذهنها الف سؤال وسؤال،، حينها تحرك الكتاب قليلاً،، وانحنى باتجاه حلا،،
هناك بدأت حلا بالصراخ: لاااااااااااا لا لا لا لا تقرب خلك بعييييد لاااااا..
أثناء صراخ حلا سقطت من الكتاب قطرة عملاقة على حلا الخائفة،، وغطتها بالكامل..
حينها توقفت حلا عن الصراخ وقالت: ويش ذا،، يع مالح،، من وين جاني ذا الشي ..
رفعت حلا رأسها ونظرت نحو الكتاب مباشرة،، في تلك الأثناء تلاشى شعور الخوف من حلا وبدأت تتساءل عن سبب ما رأته،، فقد كانت ملامح الكتاب حزينة جدا..
فقالت بتردد واضح على وجهها: ويش فيك؟! مالك تبكي؟!
فرد الكتاب عليها بصوت حزين: وهل يهمك الأمر؟؟ ورجاءً تحدثي باللغة العربية الفصيحة حتى افهمك جيداً..
حلا في داخلها( أفتك من سما ويجي ذا الضخم ويتكلم فصيح )
سأل الكتاب حلا: ما بالك صامتة!؟
ردت حلا بسرعة: لللللا لا شي مطلقاً،، اعتذر منك سأتحدث بالفصيح حتى تتمكن من فهمي،،
ثم قالت في سرها(تو مو ذا اللوعان أنا آخر شخص توقعته يتكلم فصيح )
قال الكتاب: ما الفائدة من تحدثك الآن لي بالفصيح.. أنا بدأت اتلاشى بسبب أمثالك،، لِمَ تمقتون اللغة العربية الفصيحة؟؟
حلا مندهشة من كلامه: صبر صبر تو ما.. أقصد لحظة،، هدِئ من روعك،، وأخبرني لِمَ تتهمني هذا الإتهام!؟
قال الكتاب: اوتنكرين ما كنت تقومين به خلال الأيام الخوالي؟!!
حلا وقد بدأ الخوف يتسرب لقلبها : ممم.. ما الذي تقصده!! أأأ..أنا لم أقم بأي عمل خاطئ..
رد عليها الكتاب: أنت سفاحة وقاتلة،، أنت مجرد مجرمة أنت وامثالك ستقضون علي
شعرت حلا بألم بداخلها.. كأن كلام الكتاب على حق،، سألته بعد أن اعتذرت منه: أنا اعتذر منك،، لا أعلم ما الذي ارتكبته،، ولا أفهم ما تقوله الآن،، ولا أعرف من تكون حتى!
قال الكتاب بصوت أليم: أنا اللغة العربية الفصيحة،، لغة القرآن الكريم،، لغة الأنبياء والمرسلين،، أنا التي تمقتينها دوماً أنا التي لا تروق لك ولا لأمثالك،، أنا المتألمة من أمثالك،،
تفاجأت حلا من كلام الكتاب: حقاً،، أنا.. أناااا.. أنا اااسفة،، لم أعلم أني قد اسبب لأحدهم بآلام ولم أعلم اني قد اجرح أحدا ما ححح حقاً أنا اعتذر ..
رد عليها الكتاب: بِمَ يفيدني اعتذارك الآن انظري حولك،، الحروف مجروحة،، وجراحها تنزف ولن تبرأ قط،، أنت السبب بهذا كله،، أنت السبب،،
كانت الجدران تنزف دمًا أو بالأحرى تلك الحروف الموجودة على الجدران هي التي تنزف،،
قالت حلا: أرجوك سامحني،، لم أعلم أنني أقوم بعمل خاطىء،، أخبرني كيف أصلح خطئي وسافعل كل ما باستطاعتي،،
رد عليها الكتاب: كوني فخورة بلغتك العربية،، ولا تمقتيها،، كلما كانت مشاعرك صادقة كلما تحسنت جراحنا،، وإن كنت تنافقين تعلنين محبتك لنا وتخفين كراهيتك ومقتك لي لن يفي ذلك بالغرض ،، لن يفي ذلك بالغرض ،، لن يفي ذلك بالغرض ( صوت صدى الكتاب)استيقظت حلا من نومها مذعوره ،، التفتت حولها ورأت أنها قد عادت لغرفتها،،
مكثت حلا جالسةً على سريرها تفكرت للحظات عن سبب ما رأته في منامها ،، ولِم كان ما رأته أشبه بالكابوس المخيف،،نهضت حلا من فوق السرير وهمت بالركض خارج غرفتها متجهةً إلى غرفة المعيشة حيث والدتها تجلس
رمت نفسها بحضن والدتها وقالت: ماه بس شويه..
كانت أم حلا متعجبة من تصرف حلا المفاجئ ولم تدفعها بعيداً بل قامت بالمسح على ظهرها بكل رقة حتى تهدأ ،،بعد أن هدأت حلا رفعت رأسها ونظرت لأمها وقالت لها: ماه،، شي مر عليك يوم من الأيام أو فترة من الفترات قلتي حاجات ما المفروض تقوليها وكانت تجرح شخص ثاني بدون ما تحسي أنك جالسة تجرحيه!
ضحكت أم حلا وقالت: ما أظن ،، وحتى لو صار كذا وعرفت بعد فترة اني جرحت حد بصلح الخطأ اللي سويته بأي طريقة مناسبة،، فهمتي حبيبتي..
ارتسمت على شفتي حلا إبتسامة عريضة،، ثم قبلت جبين والدتها وقالت: أيوه فهمت ،، شكراً ماماتي أحبش ❤،،
ردت أم حلا: وأنا بعد احبش يا العيارة ،،
قالت حلا: اه صح من اليوم بتكلم عربية فصحى تمام؟
قالت أم حلا متعجبة من ابنتها التي تعرف أنها لا تحب التحدث بهذا الشكل : سبحان مغير الأحوال ،، اللي تشوفيه بنتي،، أقصد لا بأس يا حبيبتي
توجهت حلا إلى غرفتها ،،وهمت تقرأ الكتب والمجلات حتى تعتاد على التحدث باللغة الفصيحة،، وحتى أنها قامت بمشاهدة البرامج التي تعرض باللغة العربية الفصيحة والمسلسلات المدبلجة باللغة العربية الفصيحة ،، بعدها بفترة ليست بالطويلة ،، التقت بصديقتها سما،، التي كانت تنتظرها حتى يذهب كلتاهما للقاعة المحاضرة،،
سما: صباح الخير يا حلا كيف حالك؟
حلا صباحك أسعد يا صديقتي العزيزة أنا بخير والحمد لله ،، ما هي أحوالك أنت ؟!سما بتعجب : هاااااااااا !! ك ك ك كيف لك أنت تتحدثي هكذا دون أن تشعري بالاشمئزاز كما هي عادتك!!!
قالت حلا : كنت كذلك أما الآن فأنا من عشاق اللغة العربية الفصيحة ،، وسأكون ممن يسهمون باحيائها ،، (كانت تتحدث وتمشي بنفس الوقت)
سما قد تجمدت في مكانها من الصدمة،، وبعدها نادتها حلا وعادت لتدفعها من الخلف وذهبت كلتاهما للمحاضرة ،،بعد عناء يوم طويل عادت الفتاتان لمنزليهما ،،أخذتا قسطاً من الراحة،،
وقد كانت المفاجأة ،، عادت حلا للمكان الذي كانت فيه قبل مدة لكن الأمر الجميل أن الكتاب والحروف كانت بلا جروح وبلا دماء كانت جميلة تتراقص على أنغام الفصاحة،،
شعرت حلا بالفرح وهمت ترقص بسعادة معهم وقد كانت فخورة بنفسها لما قامت به من تقدم..#معا_لإحياء_لغة_القرآن_الكريم
جمـــــ الشفق ــــــــٱل