الغريب الحبيب

55 9 7
                                    

صرخة يقتحم صداها الغرفة: "لقد مات"، فتصرخ النساء ملئ حناجرهن بأعلى ما أوتين من قوة، ها هنا زوجته تندب وجهها، ها هنالك بناته يملئن الغرفة نواحا و أولاده يقطع أنفاسهم أنين أليم الرنة، كان جوا مشحونا خانقا، بل و منظرا كئيبا بكل ما تزخر به الكلمة من معاني الحزن و التعاسة.

انخرط الملء في بكاء و نحيب، على جدي الحبيب، من الكبير حتى الصغير، فما كان في وسعي إلا أن أفرك عيني حتى تنهمر دمعة أو دمعتان فأغدو بذلك فردا من هذه العائلة الباكية و أنتمي اليهما خير انتماء. أنا التي زرت الغائب الحبيب بالبادية مرة واحدة حيا يرزق و المرة الثانية لأجده جثتا هامدة.

تجليت النظر في الغرفة المزدحمة بصفوف الباكين المتضرعين باحثة عن أمي، لتقع أخيرا عيناي على هيكلها المتكئ على الحائط، و هو يتمايل بالبكاء و يهتز بتنهداته، اتجهت صوبها لأضع يدي على ضهرها فأربت عليه بكل حنان محاولة أن أؤنسها قدر ما استطعت لذلك سبيلا. و أنا لا أكاد أصدق كيف لرجل ضخم الجثث كجدي, ذو الصوت الأجش الذي سمعته يوما فبدد من  عزيمتي، أن ينفذ اليه الموت فيرجعه أطلال انسان لا غير، علتها مسحة بيضاء مخيفة، لا تنفك أن تتحول الى رماد و دود يسخر من ذلك الانسان الهين أمره .

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Aug 30, 2015 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

الغريبُ الحبيبْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن