قصة بين السطور

1.6K 58 18
                                    

هي حياة واحدة لكن لا نعلم الى أين سوف تأخذنا ... في كل خطوة قد نخطيها الى الامام هناك مئات من الاسئلة لا نعلم لماذا وكيف حدث ما حدث!
ربما تكون حقائق موجعة بين تلك السطور التي نتغاضى عنها لكن هي تلك التي تجعلنا نعلم ما يدور حولنا!
كذبة قد نكذبها على أنفسنا بأن هذا العذاب سوف ينتهي لكن هي ليست الا كذبة قمنا بتصديقها حتى فقدنا الأمل بعدها!
فكيف لي ان اشعر وانت لست بجانبي؟ اصبحت بعيدا بسبب غلطة لا نعلم صحتها .. بعيدا عن من احببت واحبوك حتى اصبح الالم كقصة روتينية تعاش وحتى تلك الدمعة التي ذرفت قد جفت تماما!
فلم يكن ذنبي وذنبك الا ونحن كتب لنا العيش في وطن قد حطم مافي داخلنا قبل ان يحطمنا!
"سألت نفسي اي شيء يا فؤادي تشتهيه؟
أوطانك الخضراء أجهضها .. خريف القهر .. والزمن السفيه!" #فاروق جويدة

كنت جالس أتصفح الانترنيت منتظرا قبولي في أحدى الجامعات الامريكية حتى اتتني تلك الرسالة التي لطالما انتظرتها!
ناديت والدتي بصوتا فرح، "يمة ابشرج قبلوني."
سمعت صوت امي الفرح وهي تهلل كوني ذاهبا الى هناك وذاك المستقبل سوف يفتح ابوابه لي. قبلتني من وجنتي محتظنة لي وانا لا أزال اشم رائحة عطرها الجميلة، "الف مبروك يمة ويارب يوم الي تتخرج وازفك لبنت الحلال."
قبلت رأسها، "ان شاء الله ادعيلي."
كنت أشعر بألم فراق والدتي وجميع أهلي كوني ذاهبا بعيدا لكن ذاك الحلم الذي في داخلي لم استطع منعه من الذهاب لذا قررت الرحيل الى هناك!
بعد دراسة دامت خمس سنوات في تخصص الجينات واصبحت من الطلاب المتفوقين عدت أخيرا الى أرض الوطن وانا رفعت رأس لهم.

لم يكن في العراق معمل يخص كشف الحمض النووي وعن من يكون آب ذاك الطفل الذي كان نتيجة زنا قد مارست لوقت قصير كما في دول الغرب وبعض الدول العربية حتى فتح واحد!
كوني متخصص في دراسات الجينات قمت بتقديم شهادتي التي حصلت عليها حتى قاموا بقبولي كمسؤول عن القسم كوني من المتفوقين.
بعد حصولي على الشهادة المطلوبة والعمل قررت ان اتزوج واحصل على عائلة كأي شاب يحاول عيش حياته.
"يمة، يابة اريد ازوج."
فرحت والدتي كالعادة، "هذي الساعة المباركة حبيبي أحمد. الله يسعدك ابني هسة اشوفلك ست البنات."
فرح والدي أيضا وقامت والدتي بخطبتي لإحدى البنات التى تعرفهم من مدة.
لم نفكر لحظتها بختلاف الطوائف. فقد كنت سني وهي شيعية وتربينا انا وعائلتي مع الطائفة الاخرى منذ الصغر لدرجة ان هذا الموضوع لم يكن عائق في طريقنا او يجعله مهم للنقاش او جلبه للحديث!
عشت حياة هانئة معاها واصبحت أب لولد وبنت.
كانت الحياة جميلة جدا لكن تصبح وان تتعقد في نقطة لا نعلم بوجودها الا بعد فوات الاوان فتلك النقطة التي توقفنا عنها كانت سبب في تفتت تلك العلاقة الجميلة.

كنت أعمل في المختبر كعادتي حتى بدأت الامور بالتعقيد. كانت تصل لنا أشياء يطلب كشفها من مسؤولين كبار في الدولة!
أصبح الامر يزداد سوءا كون هؤلاء معروفين بين الشعب لكن كل واحدا منهم لا يود كشف حقيقة جرائمة وحقيقة حياته القذرة التي ينعم بها.
فكثيرا كانت تأتي لنا حول معرفة ان كان هذا الطفل يكون ابن/بنت مسؤول معين.
اصبحنا نوقع على أمور لمسؤولين لا نعرف من هم فقط كي لا يكشفوا او انهم خائفين من حقيقة قد تكشف فيما بعد لشعب كامل!
عدت الى المنزل واستقبلتني زوجتي هالة، "هلا حبيبتي."
"هلا حياتي يلا حتى احضر الغدة الجهال دينتظرون."
"اوكي اروح اغسل واجي."
"حمادة بيك شي تعبان مبين؟"
"الشغل كلش احس خطر وتعب."
"اتركة ليش ضايج؟!"
"لا مترهم بس هواية اوراق سرية دصير واليوم وصلتنا اوراق تتعلق بالمسؤول ******"
اجابت متعجبة، "صدك؟ وشطلع؟"
"اي والله وطلع ابنة! بس حتى الكتاب الي ندز الة ورجعلة بدون اسم حتى ليبين لان محد الة خلك يدخل روحة بهيج هوسة."
"اوف حبيبي دير بالك."
"الله كريم خالها على الله!"
"ونعم بالله. صدك اليوم عمام الجهال يجون حسام وخالد."
"اي خوش خلي نكعد شوية نغير جو."
ذهبت كي اغتسل ومارست يومي بشكل طبيعي حتى اتوا إخوتي.
كانت الايام هكذا مستمرة كأي عائلة تمارس حياتها وطردت تلك الافكار عن رأسي حول العمل لان معظم من يعمل في العراق فهو معرض للخطر وكل يوم نخلد الى النوم نخاف ان نصاب بأذى او يحدث شيء لا نتوقع حدوثه لكن دائما نذكر الله ونغمض اعيننا لعل اليوم التالي يمر بسلام.

بين السطور .. قصة قصيرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن