في القلب هيَ تحترق

469 25 15
                                    

نظرَ لسَاعتهِ بتنهد .
حركِ ربطةَ عُنقهِ بزهد، حتى حُرِرَت رَقبتهُ منها
شغلَ محركاتِ سيارته
تجاهلَ الفَ صوتٍ يناديه
نظرَ نظرةً اخيرةً لـ تلكَ الحشود التي تشاهدُ إنسحابهُ
وانطلقَ بسرعةٍ كسرعةِ تضاربِ دقاتِ قِلبهِ
واختفى بعيداً عن اعيُنِهم المُتفاجِئة
كانت مِرآةُ سيارتهِ الشاهدُ الوحيد على دموعهِ المتعاركة
و الدخان المنبعثُ مِن لفافة تبغهِ
وحده من سمعَ صوتِ صراخه
اوقف السيارة بقوةٍ اصدرت صوتاً افزعَ كل كائن لبث في الشاطئ الذي قررت عجلاتُ سيارته ان تقفَ به
كان ينظرُ لشبحِ الذكريات الذي يسيطر عليه
كيفَ يخلقُ لهُ الالمَ بهيئةِ اطيافٍ ترتدي السعادةَ
اخفضَ رأسهُ ليلتقي جبينهُ بمقودِ السيارة
رمى لفافةَ التبغِ مِن بين اصابِعه
ثمَ نهضَ مِن جديد
وحركَ ذاكَ المُفتاح في سيارتهِ المُزينة
واستدارت العجُلات ذاهبةً لطريق اخر
لذاك الطريقِ الذي حَرّمهُ على نفسهِ منذُ بدءَ مشروعَ تغييرِ حياتهِ الذي باءَ بالفشل
كانت روحهُ تَضمَحِلُ سواداً لشدةِ المه
تعكرت كلَّ نقطةِ دمٍ صافيةٍ يضخها قلبهُ
احمرارُ عينيهِ وصريرُ اسنانهِ و انفاسهُ المختنقة
واليدان ترتجفان لا تقويان على تغيير الطريق
يتضاربُ نظرهُ بين لافتةٍ ورصيفٍ وضوء سيارةٍ
يلاحقُ اي شيءٍ كي يُرجع دموعاً كالبركانِ ستنفجر
دموعاً ستيفضُ لشدّة ِكَبتِها
ركنَ سيارتهُ بجانبِ ذاكَ المكانِ المظلم
ودخلَ يجرُ نفسهُ بينَ الرقاد
اختار موقعه بدقة
ككل مرةٍ في هذا الوقتِ منَ السنة
جلسَ منحنياً يُحرك يديهِ على الترابِ المبلل
ثمَّ سترَ وجهُ بيديهِ وانفجر باكياً
حتى تلطخت ذقنهُ الشقراء بالتراب الذي احتفظت به يدهُ
مسحَ تلكَ الدموع مرةً اخرى
ثم اغمضِ عينيهِ قليلاً وهمس
ها انا اعودُ مرةً اخرى اليكِ
ها انا اشتاقُ لكِ ،، واموتُ شوقاً
لازلتُ اسمع صوتكِ في حجراتِ منزلي
لم اُصمَ ابداً عن ندائكِ
انهمرت مِن عينيهِ المُغلَقتين قطراتُ ألمٍ خرجتا من روحٍ مُتمزِقة
وضعَ يدهُ على قلبهِ
ثمَّ عادَ قائلاً:
اوتعلمين ؟ انهُ سينفجر بعدَ بُرهةٍ
ضربَ صدرهُ محاولاً انتزاعَ جذورَ الوجعِ من اعماقهِ وصرخَ " ماذا عن اللهيبِ الذي هنا "
تداركَ صوتهُ بقولهِ اعلم انكِ تشتاقينَ اليَّ كثيراً
لذلكَ انا قادمٌ اليكِ
ارتعدَ نَفَسُهُ وتَمَلكتهُ نوبةَ سعال ، جفت شفتاهُ
،ضاقَ الصدرُ
سيطرت عليه تلك النوبة بأحكامٍ
حركَ يده مرتجفاً
نحو باطنِ مِعطفه
اخرجَ من جيبهِ قرصَ دواءٍ صغير وابتلعهُ
بعد جهد
دون اي قطرةِ ماءٍ
كانت دموعهُ كفيلة بان ترويهِ
هدئت نوبتهُ واستردَ بعضاً من قواهُ التائهة
اقتربَ قليلاً
وضعَ رأسهُ على الترابِ ثم قال
هذه عروسٌ اخرى اتركها اليومَ
تعيشُ خيبتها وحيدةً في زفافٍ هربتُ منه ل اجلكِ
فانا لا اصلحُ ان اكونَ سوا جزئكِ الاخر
وها انا اليومَ قررتُ ان اجمعنا سوياً
اقسمُ لكِ اني سأتي
سوفَ أتي رددَ تلك الكلمات وهو يخرجُ من جيبهِ
قنينةً من النبيذِ
وعلبةُ اعوادِ ثقاب
مررَ يدهُ على ذلكَ الترابِ وقبلهُ بدموعهِ قُبيل ثَغرهِ..نظرَ لقبرها ل اخرِ مرة
وبمرورِ غيمةٍ سترت ضوءَ القمرِ ثمَّ كشفتهُ
صرخِ حارسُ المقبرة مُرتعداً من الخوف
*يوجدُ حريقٌ بجانبِ احدِ القبور*

🎉 لقد انتهيت من قراءة عروسهُ مِن تراب 🎉
عروسهُ مِن ترابحيث تعيش القصص. اكتشف الآن