[٩/٩ ١١:٥٦ م] سوزان بحرالعلوم: 😔-((حج التائبين )) الجزء التاسع
في ليلة الحادي عشر من ذي الحجة وتحديداً في طواف الحج، تحاولُ مريم أن تشغل قلبها بذكر الله
إلهي.. دعوتَنا لضيافتك فأكرِمنا بمغفرتكْ
إلهي.. نحنُ عبيد ولكننا نحب إكرام الضيوف، فكيف بك يا رب الأرباب ونحن ضيوفك
عادةُ الأرباب العطف على عبيدهم فارحمني يا الله..
وانتهتْ أعمال هذا اليوم بمشقّة وتعب، الجميع ينتظر الباصات الصغيرة لنقل الحجاج للسكن، وعلي يبحث عن مريم، أستطيعُ تمييزها من بعيد من مسبحتها المعقودة بخيوط فيروزية. لقد تغيّرت ابنة عمي خلال هذه الرحلة؛ أشعر بقربها لله ولكن! هل ستستمر أم أنها حالة موسمية فقط؟
وفي الليل ازدحمتْ أرض مِنى بالحُجّاج، أضاءوها ببياض لباسهم وضجيج عبادتهم المرتفع من كل الخِيام. لاحظتْ عدد من النساء قد استعدّ للعودة للسكن فيما فضّل الآخرون البقاء في الخيمة
سأطلب منهُ العودة معهن. أرسلتْ له رسالة نصية:
"ابن عمي؟ لم لا نعود مع الذين سيذهبون للسكن؟ هنا ازدحام والجو حار"
- "ابنة عمي.. لو تأملتي جيداً لأحسستي أنّ ليالي المبيت في مِنى من ألذ الليالي، إنها ليالي رحلة الروح إلى الله، لا شيء سوى خيمة وتراب ولباس أبيض وقلب يلهجُ بالعبادة، إنها ليالي مواساة الحسين وأهله في وحشة أرض كربلاء، بل هي ليالي الشعور بالغُربة التي يعيشها الإمام الحجة. هل تعبتي سريعاً؟ فكيف بمن يعيش الغُربة طوال انتظاره للفرج؟"
استلقى علي مفكّراً: هل ستكون مريم سعيدة معي؟ سامحكَ الله يا أبي ما هذهِ الحيرة التي أوقعتني بها. ابنة أخيك صغيرة وأشعر بأنها.. لا أدري ماذا أقول..، ربما تفضّل الزواج بشاب صغير يناسبها ويمتعها بلذائذ الدنيا وليس رجلٌ مثلي ليس من طرازها. إنها حتى لا تضحك معي أبداً. إذا رجعنا للوطن سأخيّرها بين البقاء معي وحريتها إنْ أرادتْ. لا لا! ابنة عمي يتيمة يكفي فقدها والدَيها، ولا أحتمل فكرة أن أتركها تعيش العذاب بسببي. لكنها لا تحبني، حتى عندما أطلبُ منها شيئاً واضح بأنها تطيعني مُكرهة. ماذا أقول غير عفا الله عنك يا أبي.
في رمي الجِمار باليوم الثاني عشر تستمع مريم لعلي وهو يحميها من الخلف عن التدافع والزحام:
إننا نرمي الشيطان ظاهراً ولكننا باطِناً نرمي شيطان النفس، نرمي أهواءنا وشهواتنا. لا تستعجلي سنرمي بعزم ونحن ننوي أمام الله إصلاح بواطننا.
جاءَ آخر يوم وهو ظهيرة يوم النّفْرة. انتهى كل شيء. الجميع يستعدّ للخُروج من أرض مِنى سيراً على الأقدام. الحر شديد والشمس ترسلُ حِممها على الرؤوس مباشرة، الكل يرفعُ يديه داعياً العودة إلى هذه البقاع الطاهرة، والبعض يتذكّر الحُسين عليه السلام في ظهيرة يوم العاشر تحت حرارة الشمس ويبكي مواساة له.وحزناً على مظلوميته
وفي الليل، تحديداً في السكن، جميع الحُجّاج منشغلين بحزم الحقائب استعداداً للعودة صباحاً للوطن. صلّت مريم ركعتين في آخر ليلة بمكة وبكت كثيراً وهي لا زالت تتسائل: عملتُ بكل جُهدي فهل قَبَلَ الله توبتي؟ تذكّرتْ فجأة هاتفها، ماذا لو اتصل....؟ ماذا بشأنه؟ قد يتصل مجدداً برقم آخر أو يحاول إرسال رسائل لها.
هل أصارح علي بشأنه؟ هل...
خطرَ لها أمر فعزمتْ على القيام به.
في طائرة العودة كان مقعدها بجانب إمرأة، طلبتْ من علي الجلوس بجانبها:
مريم- أريد أن أخبرك بأمر ما قبل الوصول
علي -أحسّ بالتوتر، انتهى كل شيء، ستطلبُ الطلاق بالتأكيد، لا زلتُ أشعر بمجاملتها لي
تنهّد علي: حاضر
بعد جلوس الجميع رتّب مع الرجل الذي بجانبه وجلست مريم معه
- ابن عمي..
- نعم
- أريدُ أن أقول لك شيء، و.. و.. وأشعر بالخجل، قد تغضب مني..
هل ستخبرهُ بأمر حسن؟ أم ستطلب منهُ الطلاق قبل أن يكتشفها؟
والجواب سيكون في الحلقه القادمه والاخيره
وسنعرف مدى تعمق علاقة مريم بامام زمانها الحجة ابن الحسن عجل الله فرجه الشريف..
ﺁﺳﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺄﺧﻴﺮ
[١٠/٩ ١٠:١٦ م] سوزان بحرالعلوم: 😔-((حج التائبين)) الجزء العاشر والاخير:
- ابن عمي..
- نعم
- أريدُ أن أقول لك شيء، و.. و.. وأشعر بالخجل، قد تغضب مني..
- قولي أنا أسمعكِ
- لقد.. أقصدُ كنتُ في الحمّام ووقعَ الهاتف من يدي في المرحاض.. ماذا أقول، لقد تعطّل الهاتف والشريحة معاً
وكأنّ شخصاً ما قد صبّ ماءاً بارداً على قلب علي، زفرَ زفرة الراحة وهو يبتسم:
- أهذا فقط؟ فداكِ يا ابنة العم. حاضر من عيني سأشتري لكِ هاتفاً جديداً
هذهِ هي الفكرة التي خطرتْ لمريم آخر ليلة في مكة؛ كسرتْ شريحة رقمها وألقتْ بهاتفها في المرحاض. تخلّصتْ من العقبة السوداء التي تذكّرها بتلكَ الأيام.
اكتشفتْ أخيراً بأنّ الحُب لا يعني الأحضان والرومانسيات الوقحة التي تراها علناً بالتلفاز، الحُب عاطفة نقية ضمن علاقة زوجية شرعية يرضى بها الله ويباركها الاهل والاحباب
وكلّ ما يخرج عن إطارها أوهام شيطانية لإيقاظ شهوات العقول الفارغة.
حين نرى المتدين فلا يعني هذا بأنّه إنسان جاف أو ممل ولا يعرف للحُب معنى، بل هو إنسان وقور يحتفظ بمكنونات قلبه لوقتها المناسب ومكانها المناسب.
مريم -عليّ أنتَ هدية رحمانيّة بعثكَ الله سبحانه ونعمة من إمام زماني لي لينقذنی من الغرق في بحرِ الحياة.
اه كم انت عظيم يامولاي. غاب عني والداي وأحبتي لكنك كنت انت الاب وانت الام وسخرت الاقدار لتصب في مصلحتي وتصونني من الخطأ والرذيله ولتبقيني عزيزة شامخه وسيدة اصيلة لبيتي واسرتي. الشكر لك ياحجة الله.
الشكر لك يا امامي يا حبيبي.
العم مع العائلة جميعهم في انتظار الشابّين العروسَين، احتضنتْ مريم أختها بشدّة وقرصتْ خدّ زهراء التي قالت لها:
- اشتقتُ لأخي فقط
أنتِ لا فائدة منك، ماذا فعلتي له لقد نسانا منذ طارَ بكِ إلى الحج
لكنها بكت في حضن عمها وهي تتذكر والدها: عمي حبيبي.. افتقدتُ حنانك يا عمي
- تقبّل الله يا أبنائي، كيف كانت رحلتكم..
في البيت كانت المفاجأة إذْ جهّزتْ زوجة العم شقة علي المبنيّة فوق المنزل وعطّرتها بالبخور: كل شيء جاهز تفضّلوا
في المساء قبل العشاء الجميع مشغول بالمطبخ والمجلس فرحاً بعودة العروسَين من حج بيت الله
علي ينظر بحُب إلى مريم،وقد غمرته سعاده كبيره ملئت قلبه وازالت الحزن الذي كان يجثم على قلبه لقد كانت زوجته منشغلة بملاعبة ابن اختها الصغير وهي تحاول قضم خدّيه مازحة
قال بهمس: ابنة عمي.. عزيزتي..
- نعم يا علي
- بقيَ شيء علي الإعتراف به
ضحكتْ وهي تحتضن الطفل: ألم ننتهي من الإعترافات بعد!
قُل ما عندك
- أعترفُ لكِ بأنني أريد طفلاً جميلاً منكِ كهذا، ما رأيكِ؟
ابتسمتْ قائلة: بشرط! إن كان ولداً سأسمّيه مهدي. فإن لي مع الإمام قصة عظيمه احتفظ بها لنفسي....
وسمعا صوت زوجة العم تنادي الجميع: هيا تفضّلوا جميعاً، العشاء جاهز
والتفّت عائلة العم مع عائلة أخيه المرحوم حول العشاء وهم يشعرون بطيفِ السعادة يحومُ حولهم. وعاشت مريم بسعاده وهناء في ظل زوجها واسرة عمها وظل امام زمانها المرخى عليها. وقفه✏️❗️‼️❗️
قد تكونُ مريم قد فاضت عليها بركات ليلة القدر حين اختارتْ الذهاب للمسجد على الذهاب للمعصية، وقد يكونُ صاحب العصر إمام زمانها قد نظرَ لها وأنقذها، ولكنها في قرارة نفسها متيقّنة بأنّ الله سبحانه قبَلَها ورزقها حجَّ التائِبين. واصبحت بينها وبين صاحب العصر علاقة لا يفهمها الا من دق باب أمامه وتحسس الطافه واياديه الشريفه عليه فهذه دعوة لجميع الشباب هلموا يا احبابي الى إمام زمانكم فعينه اليكم ناظره وهو ينتظركم ان تأتوا اليه ،، توبوا اليه وتوسلوا ببابه فولله إن بابه مفتوحة اليكم في كل وقت وكل زمان صلوات الله تعالى عليه