عقد نور القلوب حاجبيه في تعجب عدم فهم، ثم سأل متلهفا:
"و ما هي يا أبي؟"
أبي: "أرأيت سعادة هذا الرجل عندما علم ان صديقه لم يخنه و لم يخالف ايا من ما تعلما في صغرهما"
احكم ابي قبضته، ثم فتحها، متأملا اياها، ثم اردف:
"فقط لأنه وجد سببا بسيطا و غير مقنع كي يصدق ان ليس هناك احد يريد ان يحول متجر صديقه الى حانة لبيع الخمر، غير مبال انني قد افعل ذلك في مكان اخر. الخوف يا نور القلوب، يشوش الفكر، و يجعلك تصدق اتفه الاسباب لعدم وجوده، و هذا لا يعني انه غير موجود ....."
اخذ نور القلوب خطوة الى الخلف، و قبل ان يفتح فمه بكلمة، احس بأبي و هو يمسك بيديه، ثم يهرول الى ان وصلا الى بيت العجوز
عندما وصل الفتيان، وجدا الباب مفتوحا على اثر اخر مرة فتحاه فيها. لم يتردد ابي في ان يدخل البيت، و قدماه تطأا الارض كالمطرقة، معلنة بفرح انه عرف الجواب
"عرفت انك سترجع يا بني، فنار الفضول في عينيك لا تقوى على اخمدها عجوز مثلي"
دوى صوت العجوز في الهواء داخل البيت بعذه السطور، معانقا الهواء النقي، اثر فتح ابي لباب الدار
أبي: "سعيد لأراك في حال افضل الان يا عمه، و لكن اعذريني، فأنا اريد الصندوق الان"
العجوز: "لقد حضرته لك يا بني، تفضل خذه"
رفعت العجوز شالها الرمادي، ثم مدت يدها بالصندوق الذي خبأته تحته الى أبي. حينها مد ابي هو الاخر يظه الى الصندوق ليأخذه، و عندما احاطت يده به، تفاجأ بإحكام قبضة العجوز هي الاخرى على الصندوق، و عيناها البنيتان مصوبتان على عينا ابي
العجوز: "قبل ان تأخذه يا بني، أريدك ان تعدني بأنك لن تضر اهل هذه القرية بأي ثمن، و تحت أي ظرف"
تحول صوت ابي الا الحاد الجاد، قائلا:
"اعدك بالسلام الحقيقي يا عمتي، الحقيقي فقط ...."
حينها لانت قبضة العجوز على الصندوق، و زفرت زفرتها الاخيرة، لقد توفيت، بعد ان نطقت شفتاها بما رأت انه يليق بان تختم به حياتها، لقد رأت النور قبل ان تموت في الظلام .....
اتسعت عينا ابي لما رأى، و اصفر وجهه، و لكن ذلك لم يزده الا اصرارا على ان يختم مهمته هو الاخر. امسك ابي الصندوق، و وضعه على الطاولة، ثم غطاه بكلتا يداه
أبي: ان اكبر خدعة فعلها الشيطان "انه جعل الناس تصدق انه غير موجود ......"
حينها فتح الصندوق، صدقا انه امام الحكمة الذي كتب تلك الوصية، فقد تتطلب ابي الكثير من الحكمة ..... منتهى الحكمة .... ليتم مهمته .....
الوصية الثالثة: "انه شيطان عظيم، في هيئة رجل، يعيش في مملكة الشرق، و يدعى حطاب. سيفعل كل ما بوسعه ليمنعك من الحصول على الوصايا، حتى انه سيقنع الناس انه غير موجود، و ينشر عليهم سلاما مزيفا، لانك يا ابن الأولياء، سوف تحاربه الى يوم لا تطلع عليه شمس ....... و ذلك هو نصف الحقيقة الاخر ......"
أنت تقرأ
وصايا الدراويش
Historical Fictionفي قديم الزمان حكم الارض قوم عاثوا فيها فسادا، حتى جرى الدم تحت ارجلهم كالشلال، و ما شجعهم على ذلك، هو نعم الله التي لا تحصى عليهم ...... او هكذا ظنوها على الاقل ..... و لكن كيف اذا كان الهدوء يسبق العاصفة ..... و ما بالهم اذا كانت العاصفة من ظهورهم...