( ما زلت أشعر برغبة في الموت ....
أحاول أحيانا أن أجد فائدة لوجودي هنا ، و لكن سرعان ما أذكر أني لست سوى زيادة على التعداد السكاني في هذا العالم..
ربما لأنني كبرت دون أمي و ربما لأنني ليس بوسعي رؤية جمال الكون و سحره...
كل ما بوسعي فعله هو كره الناس و كره نفسي ، لا أستطيع أن أثق بأحد هنا ، و لا حتى بنفسي .
أكره أن يشفق علي أحد لمجرد أني لا أستطيع الرؤية مثله .
لا أعلم إن كانت حقا هذه الدنيا عادلة ، فأنا أشك في هذا الأمر ....
جميع الناس يرون و جميعهم يمتلكون أما ، و لكنني لست أملك من نعيم هذه الدنيا شيئا . )ريما : أستاذ أوس مالذي تفعله في غرفتي ؟
أوس : ( صمت قليلا يتسائل كيف عرفت أنه هو من في الغرفة )
حسنا أنا فقط كنت أبحث عن شيء أسقطته عندما أدخلت الطعام لك قبل قليل .
ريما : إذن هل وجدته ؟.
أوس : ( بينما يغلق دفتر مذكراتها ) آه ؟ نعم ...
ريما : حسنا إخرج الآن رجاء ."خرجت من الغرفة مذهولا من قدراتها على تمييز الأشخاص ، في الحقيقة لم أفقد شيئا في غرفتها ، و لكنني أردت معرفة ما تعانيه تلك الفتاة .
رغم أنني أتيت منذ بضعة أيم إلى هنا إلا أنني تأقلمت بسرعة على لؤمها ، ربما هذا يكون الظاهر ( أنها فتاة لئيمة )
و لكنها في الحقيقة مختلفة فأنا أستطيع أن ألتمس طيبتها من الداخل .
لا أعلم إن كانت تمثل دور اللئيمة فقط لكي تري الناس أنها فتاة قوية ليست باحتياج شفقتهم و عطفهم عليها ، ربما لأنها لا تريد الاعتراف بإعاقتها البصرية."السيد عمران : أوس ! لم أنت جالس على الدرج هكذا ؟
أوس : لا تشغل بالك سيدي ....
شعرت بألم في قدمي فقط.
السيد عمران : هل أنت بخير ؟
أوس : أجل سيدي ..
السيد عمران : إذا أين ريما ؟...
أوس: إن ابنتك في غرفتها سيدي .
السيد عمران : حسنا ، يمكنك الاستراحة اليوم .
أوس : حسنا شكرا لك سيدي.سيغضب الله علي اليوم (هه) كم كذبة كذبت حتى الآن ؟.
طرق والد ريما باب غرفة ابنته مستأذنا للدخول...
بينما استلقت ريما على سريرها و أغلقت عينيها متظاهرة بالنوم ، فقد كانت تبدو مستاءة من والدها لسبب ما .السيد عمران : ريما أأدخل ؟
لم تجب ريما مما جعل والدها يرتاب في الأمر فيفتح الباب .
- هل صغيرتي نائمة إذا ؟؟
تسائل السيد عمران و جلس بالقرب منها على سريرها و أخذ يداعب خصلات شعرها البنية المتبعثرة على الوسادة بأصابعه....
رغم أنها أصبحت في القمنة عشرة من عمرها إلا أنه ما زال يناديها بصغيرتي .أما عنها فقد كانت تشعر بيده الدافئة تعبث بشعرها ، و لكنها بقيت صامتة و كأنها نائمة ...
استلقى أوس على سريره و مازالت كلمات ريما التي رآها في دفتر مذكراتها تداهم عليه نومه .
رن هاتفه بقربه .....
- أوه مرحبا سالم .
سالم : أوس هل أنت نائم .
- لا لماذا ؟، هل هناك شيء .
سالم : لا أبدا لا تقلق فقط أريد التحدث إليك قليلا.
- حسنا أين أنت .
سالم : تعال إلى المقهى المجاور لبيتي..
- حسنا أنا قادم ...
( لم يكن برد باريس شيئا مساعدا على الذهاب سيرا رغم أن المقهى قريب )10:25 PM
ركب أوس في سيارته و انطلق إلى سالم يفكر طيلة الطريق بما يريده سالم في مثل هذا الوقت من الليل ..
إنه الصديق الوحيد له هنا في باريس ، فإنه يعتبر السيد عمران كوالده و ليس فقط رئيسه في العمل .
ركن أوس السيارة قرب المقهى و دخل إليه .
أشار له سالم بيده ليتمكن من رؤيته
سالم : أتيت سريعا !.
أوس : لقد أخافني اتصالك، ما الأمر ؟.
سالم : أردت فقط أن أخبرك بما أخبرتني به ليلى .
أوس : نسيت أمرها كان يجب علي أن أكلمها..
سالم : أنت أصبحت لا تهتم لأمرها كالسابق.
أوس : كيف هذا ؟
سالم : منذ وصولك إلى باريس و أنت لم تتحدث معها
أوس : كل ما في الأمر أنني شغلت قليلا.
سالم : حسنا تكلم معها،فاليوم هو عيد ميلادها و أنت لم تعايدها حتى الآن .
أوس : نسيت أمر عيد مولدها تماما.
سالم : ( ضاحكا )
أظن بأنها تبحث عن رجل آخر ..
أوس : حسنا سأذهب الآن ..
سالم : تمهل فأنت لم تكمل قهوتك حتى.
أوس : لا بأس و لكن علي أن أعود ، و إلا سأنام خارجا اليوم .
سالم : هل أنت مرتاح بالعمل مع تلك العائلة ؟
أوس : أجل إنهم لطفاء جدا .
سالم : ( يقف و يمسك بكتف أوس )
بالتوفيق إذا ..."في الحقيقة في الأيام الماضية القليلة ليلى لم تعد تحوم حولي كما كانت تفعل عندما كنت في تونس ، ربما ذلك أنساني إياها و لكنه أراحني قليلا فأصبحت أسعر بحرية مطلقة الآن ، أشعر أحيانا بأنني ظالم لم يكن علي أن أخطبها لمجرد أن أمي اختارتها لي."
..............
"ما زلت لم أثق به ذلك الشخص الذي أحضره والدي ليعتني بي ...
لم أقتنع حتى بأنه كان قد فقد شيئا بغرفتي ...
لا أعلم إلى متى سأستمر على هذه الحال ، ﻻ أحب أحدا و ﻻ أثق بأحد .."
...........
"عدت إلى غرفتي و ما زال أمر خطيبتي ليلى يدور في عقلي ، أشعر بتأنيب الضمير لأن طول خطبتنا لا يزيدها إلا تعلقا بي ، ثم إنها إن أصرت على رؤيتي ليس من الشيء الغريب أن أجدها هنا في فرنسا.."
.........
أرسل أوس لليلى رسالة نصية على الهاتف مفادها أنه يهنئها و يعايدها بعيد مولدها العشرين ....
ثم قضى نائما بعد ليل طويل من معاتبة النفس ، كان يبدو مرهقا جدا أثناء نومه.
.........
"أشعر بأنها الساعات الأولى من الصباح ، يمكنني الشعور بذلك دون رؤيته ، لا بد و أن رؤية السماء التي يصفها الناس بالزرقاء التي تسع كل شيء لأمر ممتع ...
أحسدهم جميعا لأنهم يستطيعون تمييز الليل من النهار أما أنا فكلاهما بالنسبة لي سواسية لا يختلفان ، كلاهما يتصفان بلون أسود معتم بالنسبة لي ، يمكنني فقط تمييزهما عن طريق الأصوات ، ربما لا أستطيع الرؤية و لكنني أملك حاسة سمع و شم قويتين و دقيقتين لأبعد الحدود ، فللصباح رائحة دفئ غريبة يخبرني والدي بأنها من الشمس ، و للعصافير زقزقة مفرحة ، و لأوراق الشجر حفيف مختلف هو عما يكون في الليل ، الذي لا أسمع فيه سوى أصوات أقدام مخيفة ، و أصوات مخلوقات مخيفة ...
لو أعيد لي بصيري لطلبت فقط رؤية الصباح دون الليل ، لأنه في سنيني الماضية كلها و إلى الآن الوقت ليل لدي....."...........................
ملاحظة حول علامات الترقيم :
: للتكلم *الحوار
()ما بين الأقواس إما أن يكون شعور نفسي يشعر به الشخص الذي أتكلم عنه ، و إما أن يكون شيء مكتوب ؛ رسالة أو شيء مكتوب على ورق.
- أيضا للحوار
"" عندما يكون الشخص يتكلم عن نفسه و ليس الراوي..............................
أرجو أن ينال الجزء إعجابكم ...
أنت تقرأ
The end of December
Storie d'amoreربما نعيش حياة واحدة.... فلنعتبر تلك الحياة فرصة واحدة لا تعوض ، و لا تكرر...