5 ـ
جميلة , رائعة... لكن !قالت كلويه بابتسامة مشرقة :"أعذرنى على غموضى فيرغوس . لكنك بدورك لست كتاباً مفتوحاً"
يعلم فيرغوس ذلك جيداً فهو لم يكن يوماً شديد القرب من أى امرأة أقام معها علاقة كما لم يقع فى حب إحداهن وهو يفضل الأحتفاظ بأسراره لنفسه لذا لن يسمح بأن تصبح أى علاقة جزءاً هاماً من حياته ولطالما أُتهم بأنه متحفظ ومنعزل لكنه لم يلاحظ مثل هذه الصفات فى أى من النساء اللواتى عرفهن من قبل , كما يراها الآن فى هذه المرأة الشابة .أعترف قائلاً :"كلامك مؤثر. أتظنين أن شخصين متكتمين مثلنا قد يتمكنان يوماً من التقرب من بعضهما البعض؟"
ابتسمت كلويه :"كما قلت لك من قبل سوف نجد متعة فى المحاولة"
ربما!تمنى فيرغوس لو يتمكن من أن يتذكر ما حصل ليلة السبت الفائت .لابد أنها استمتعت بوقتها وإلا لما رغبت فى رؤيته مجدداً . وفجأة شعر أنهما أمضيا وقتاً كافياً وهما يجلسان فى هذا المطعم , يحاولان إجراء محادثة مهذبة معاً .إنه يريد أن يعرف كلويه أكثر وثمة طريقة واحدة لذلك
- هل أكتفيت من هذا؟
وأشار إلى بقايا قطع السلمون فى صحنها التى كانت كلويه تحركها بشوكتها منذ حوالى عشر دقائق من دون أن تتذوق منها شيئاً.أجفلها سؤاله فأجابت :"نعم"
فرمى الفوطة على الطاولة وأشار إلى النادل ليحضر له الفاتورة قبل ان يقف قائلاً بنفاد صبر :"هيا . لنذهب من هنا"
وقفت كلويه بدورها وهى تشعر بالارتباك:"لكن ظننت أنك تشعر بالجوع..."
ابتسم لها ابتسامة عريضة ذات معنى :"أنت على حق"
وأدرك فيرغوس أنها فهمت مغزى كلامه إذ علا الأحمرار خديها على الفور ما أضفى سحراً ورونقاً على عينيها الزرقاوين فبدت رائعة الجمال
ومع أن فيرغوس لم تكن لديه فكرة عن عمرها لكن ذلك التحفظ فى عينيها والحذر فى تصرفاتها يدلان على أن أحدهما سبب لها الأذى فى يوم من الأيام . وفكر فيرغوس فى أنه يود أن يمحو من عينيها هذا التحفظ وذاك الحذر حين يضمها بين ذراعيه .
شعرت كلويه بدوار طفيف فيما كان فيرغوس يدفع الحساب إلا أنها لوحت بيدها مودعة لـ بيتر وجون أمبروس قبل أن يدفعها فيرغوس بسرعة خارج المطعم.
لقد تعمد فيرغوس أن يحضر إلى المطعم فى سيارة أجرة هذا المساء أم سيارة كلويه فكانت مركونة على مسافة غير بعيدة ما أن فتحت هذه الأخيرة قفل السيارة المركزى حتى أندفع فيرغوس ليجلس فى المقعد المجاور إلى السائق . شعر أن المكان ضيق جداً بالمقارنة مع طوله الفارع مما أضطره لأن يطوى ركبتيه حتى كادتا تلامسان ذقنه أما رأسه فكاد يلامس سقف السيارة.
عندئذ غمغم بخشونة :"ليتنى أعلم كيف أستطعت أن أجلس فى هذا المقعد ذلك المساء!"
قالت كلويه وهى لا تزال تشعر بالذهول :"كان المقعد مدفوعاً إلى الخلف أكثر ذلك المساء . يمكنك أن تجد مفتاح التحكم به على الباب "
وخطر لـ فيرغوس فيما هو يحرك مفاتيح أن ثمة شخص آخر جلس فى هذا المقعد الأسبوع الماضى ومن الواضح أن هذا الشخص أقصر منه قامة...
أتراه رجل أم امرأة؟راح فيراغوس يتساءل ولم تعجبه فكرة أن يكون ذلك الشخص رجلاً آخر. يمكن لـ كلويه أن تفعل أى شئ لتمنعه من التعرف إليها بشكل أفضل ,ألا أنه أدرك أنه لا يحتمل فكرة وجود رجل آخر فى حياتها.
- إلى أين سنذهب؟
أجاب فيرغوس بأقتضاب :"إلى منزلك أو إلى منزلى"
كان ذهنه لا يزال مشغولاً بفكرة أن رجلاً آخر يشغل حياة كلويه
وعلى الفور اتجهت كلويه بسيارتها نحو منزله قائلة:"سنذهب إلى منزلك أنت"
تصرفها هذا جعل فيرغوس يتذكر أنه ما زال يرغب فى طرح الكثير من الأسئلة على الآنسة كلويه فوكس.أولاً كيف تمكنت من معرفة عنوان بيته يوم السبت الفائت ؟ثانياً كيف توصلت إلى معرفة رقم هاتفه لتتصل به يوم الأحد ؟أما السؤال الذى يشغله فى الوقت الحالى فهو لما لا تريده أن يعرف عنوان منزلها؟
أستدار إليها وراح يتأملها. شعر بالإعجاب لبراعتها فى القيادة وقدرتها على التحكم بتلك السيارة القوية :"هل تعيشين فى لندن وحدك؟"
استدارت كلويه لترمقه بنظرة سريعة قبل أن تعود وتحول انتباهها إلى الطريق ثم قالت:"كلا"
شعر فيرغوس بالتوتر بعد تأكيدها هذا.أنها لا تعيش بمفردها ! مع من تعيش إذن....؟
لكن كلويه ما لبثت أن طمأنته بهدوء:"أعيش مع والدىّ لذا لم أجد من الصائب أن نذهب إلى منزلى .لا أظنك ترغب فى مقابلة والدى"
اللعنة ! أنها على صواب . فهو لا يحبذ هذا الأمر مطلقاً ولا سيما مع هذه المرأة التى لم يقابلها سوى مرتين فقط و التى لا يعرفها بعد معرفة جيدة
أكد لها بجفاء :"أنت محقة فهذا يسبب لى مشكلة"
منحته شبه ابتسامة :"هذا ما ظننته"
نظر إليها فيرغوس نظرة متفحصة :"يبدو وكأنك تعرفيننى معرفة جيدة..."
نفت الأمر ضاحكة :"ابداً فيرغوس .لكننى أعتقد أن الرجال كلهم يخشون مقابلة الأهل"
هذا صحيح إلا إذا كانت نواياهم جدية وذلك ليس حال فيرغوس مع أى امرأة . لكنه راح يتساءل أى نوع من الأهل هم أهل كلويه
يبدو أن كلويه تنتمى إلى أسرة متماسكة . وهذه معلومة جديدة عليه أن يضيفها إلى معلوماته القليلة عنها . لكن كلويه على حق فهما ليسا مضطرين لأن يسأما من بعضهما البعض بسرعة .ألا أن فيرغوس بدا مقتنعاً بأن قلة من الرجال يمكنها أن تشعر بالضجر برفقة كلويه فوكس!
- من هو بول؟ آه حاذرى !
حذرها فيرغوس بسرعة بعد أن أنحرفت كلويه بالسيارة بحدة إلى اليمين وكأنما سؤاله لامس وتراً حساساً
غمغمت فيما هى تعيد السيارةإلى المسار الصحيح :"آسفة أظننى رأيت قطة على الطريق"
ولم يكن ذلك صحيحاً على الأطلاق ! تورد وجهها قليلاً وتشبثت يداها النحيلتان الجميلتان بالمقود بإحكام واضح يبدو أن سؤاله عن ذلك الرجل بول أصابها بالتوتر . يبدو أنها تحاول تجانب الإجابة عنه فقد قالت فجأة :"أنا آسفة فيرغوس لكننى بدأت أشعر بألم فى رأسى "
قال متعاطفاً مسكينة كلويه . سوف أعطيك مسكناً للآلام ما أن نصل إلى المنزل "
إلا أنها كشرت قائلة :"إن لم يكن لديك مانع أفضل أن أعود إلى منزلى"
بالطبع لديه مانع ! فهو ما زال يجهل الكثير عن هذه المرأة بإستثناء أنهما كانا وحيدين ذات ليلة فى منزله وهو يود أن يضمها بين ذراعيه ويبقيها بقربه...لكن قرارها الآن بأنهاء هذه الأمسية نسف كل خططه . ما أن أوقفت السيارة على الطريق المحاذى لمنزله حتى حثها قائلاً :"تعالى لتشربى فنجان من القهوة قبل ذهابك"
- فى الواقع لا أظن....
قاطعها فيرغوس بحزم:"لا تعجبنى فكرة قيادتك للسيارة فيما أنت مصابة بالصداع "
ثم رمقها بنظرة ساخرة بعد أن لاحظ ترددها :"أنه مجرد فنجان قهوة كلويه"
عندئذ أطفأت كلويه المحرك وأومات :"حسناً فنجان قهوة فقط "
قادها فيرغوس إلى المنزل فيما العبوس يعلو وجهه فقد لاحظ أن كلويه تشعر بالخجل لفكرة وجودهما وحيدين فى منزله . بدا له ذلك مستغرباً بما أنها أمضت الليل فى منزله فى نهاية الأسبوع الفائت.أتراها أدركت بعد أن تعرفت إليه أكثر أنها لا تشعر بالأنجذاب إليه؟
لكن فيرغوس أدرك بعد معرفته بها أكثر أنه يرغب كثيراً فى كلويه فوكس!
أنت تقرأ
روايات احلام/عبير :ليل الغرباء
Romanceالروايه الثانيه من سلسلة كارول مورتيمر ( لا تبتسمي ... ليل الغرباء... لماذا تهربين؟) الملخص هل يصبح الخيال حقيقة؟ تناهى إلى مسمعى فيرغوس صوت أنثوى عذب من مكان ما قرب باب غرفة نومه . ـ لقد جلبت لك فنجان قهوة عبس وأبقى عينيه مطبقتين . فلا يمكن أن يكو...