كطفلة صغيرة تنظرُ الى قطعة السكر من بعيد، ثم تعشقها وتعشقها أكثر حينما يلتف بقية الأطفال لتناولها، تشتهي السكر وتهيم فيه من نظرات الاطفال الى قِطَعِه ثم تبدأ المغامرة .. أحبت سارة تلك الفتاة الصغيرة التي تلتف حولها الفتياتُ ليتعرفنَّ إليها، ثم فكَّرت قليلًا كيف ستلفت نظر الطالبة الجديدة إليها ..
كلما سمعت أصوات ضحكاتهنَّ تقول: ألم يجذبها الفضول لتتعرف إليّ ، ربما هي لا تراني، وربما لا تشعر بوجودي ، هل أنا موجودة حقًا؟ نعم نعم أنا موجودة ، أرى نفسي في المرآة فأجدني ، لم لا تراني؟
وبينما تحدث سارة نفسها تسقط عليها سهامُ الأسئلة دون أن تدري..
-المعلمة نجوى: سارة ، هل حفظت جدول الضرب؟ ،سارة ، سارة، هل أنتِ هنا؟-سارة: ست نجوى، آسفة ، لم أنتبه لحضورك الى الصف ، سامحيني ، معلمتي أنتِ سألتني شيئًا ، من فضلك ممكن أن تعيدي لي السؤال فلم أسمع.
-المعلمة نجوى: سألتك هل حفظتِ جدول الضرب؟
- سارة: لا يا معلمتي أقصد آخر سؤال..
-المعلمة نجوى: أتستخفين بي يا سارة ؟
-سارة : أنا غير موجودة يا معلمتي، أكل النمل قطعة الحلوى التي أحبها، غيَّبتْ عقلي فغبت وأنا أمامكِ
-المعلمة نجوى: ماذا تقولين يا صغيرتي، أي حلوى ؟ وأين النمل؟
-سارة: قطعة الحلوى لا تدري بوجودي يا معلمتي، ربما أنا لست موجودة.. قطعة الحلوى تلك الطالبة الجميلة التي أراها والجميع يلتف حولها، هي لا تلتفت لي، لم تسمع صوتي أبدا ، ولم يشدها الفضول لتسأل من هي الفتاة التي في المرتبة الأولى هنا
ثم تقول كلمات تمتزج في البكاء فلم يُسمع منها الا شهقات طويلة ..
(تررررررررررن) الجرس يقرع وسماعة المدرسة تصدح بصوت عالٍ ، سنقتصر اليوم الحصص ونكتفي الى هذا الحدّ ، استعدن لتذهبن الى بيوتكنّ فالثلوج ستتراكم بعد قليل ولن تتمكنّ من المغادرة بعدها
خرجت الفتيات من المدرسة مسرعاتٍ لمنازلهنَّ ، الا سارة ، تمشي وتسأل نفسها أسئلة غريبة وربمّا غبية ، هل تنتظر أن يسقط الثلج فيداعب شعرها ، أم أنها تتمنى أن تلعب في الثلج مع روحها ؟!
تمشي سارة خطوات صغيرة جدًا وتحدث نفسها: هل من المعقول أنها لا تكترث لأمري أبدًا؟ ألم يعد لي أي معنى.. ! سمعتني وأنا أتحدث عنها ، أسمعتها ونطقت عنها عمدًا ، أشرت إليها في قلبي ولم تسمع ولم تهتم، أصبحت أخاف من نفسي أكثر، هل أنا غير موجودة فعلًا ؟ أَمعقول أني لم أحدث المعلمة عنها! أذكر أنها سألتني عن جدول الضرب وأجبتها عن ملك (الفتاة الجديدة الجميلة ..) ، هل معلمتي لا تسمع! ههه ربَّما ..
ضحكت وعلّمت نفسها كلماتٍ ترددها على نفسها كي تطمئن أنها موجودة، ثم أسرعت الى منزلها وفوجئت أمام الباب بأن من يلمس شعرها اثنان! الثلج وماما أمل ..
أمتلأتها أمها وأدفأت قلبها بقبلة وكلماتٍ حنونة ، ثم ذهبت الى غرفتها بدلَّت ملابسها واحتضنت فراشها الدافئ، وأسقطت عليه أمطار عينيها الحارة، ثم نامت في سكون ..

أنت تقرأ
ضمير الغائب
Short Story(هي) .. والتي أجبرتها قسوة ذاك المخلوق الى الجفاء والقطيعة، أعطت ضمير العربية (هي) حقِّهُ في الغياب وابتدأت الأعجوبة