اليوم الأوّل : في الظلام

599 36 12
                                    

* * *

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

* * *

- ديسمبر، 2039 م-
(١)
تفتحُ عينيها ببطء، يُرهقها الشعاعُ القويّ للنور الموجه لوجهها، تغلق عيناها فورًا مُتصديةً للنور. خمس سنوات مرت في الظلام، إن مواجتهتها للنور بسرعة هكذا؛ يعني اصابتها بالعمى ! أيضًا، مواجهتها للحقيقة بسرعة هكذا؛ قد يعني اصابتها بالجنون ! خمس سنوات مرت انقلب فيها العالم رأسًا على عقب ، وهي في سباتٍ ، تغرق في حلمٍ قديم ؛ قبل أن يتغير كل شيء.
صوتُ أجهزة تطنّ، تحاول تحريك يدها بحذر، ولكنها لا تقدر، يداها عاجزتان، كما هي أيضًا عاجزة.
تشعرُ ببرودة المياه على جسدها، تحاول تحريك ساقيها، أصابعها، لا تستطيع .. لا تستطيع ! تحاول الصراخ، تحاول أن تُخرج حرفًا واحدًا، تحاول أن تفكر، ولكنها أيضًا؛ لا تقدر. إنها عاجزة تمامًا. يُذكرها هذا بموقفٍ قديم .. تصيحُ روحها الممزقة؛ أيُّ موقفٍ هو هذا ؟ تتساءل. أين أنا ؟ مُجددًا تساءل. مالذي يحدث ؟ تساؤلات، تساؤلات. تسمعُ صوتًا غريبًا يتسللُ عبثًا إلى مسامعها
"أنتِ في الجحيم "

(٢)
-  2034 م -
"مئات القتلى والجرحى في هجومٍ آخر تشنه منظمات مجهولة"
" مقال : هل العالم في طريقه للدمار ؟"
" أنباء تكشف عن العثور على وكر منظمة سرية للتجارة بقلوب البشر "
" إحصائية : ثلاثة ملايين قتيل منذ اندلاع حرب العقد الثالث ! "
" سبعمائة (انسان آلي) يعملون في عناية ضحايا الحرب الثالثة - هل الانسان الآلي يصبح اكثر انسانية من الانسان ؟!"
يلقي الجهاز بغضب، يرتعش القسم بأكمله، يصرخ : كيف تسمحون لهذه الأخبار بتصدر العناوين ؟ وفي الصفحات الأولى بخطٍ عريض ؟
يردُّ فتًى أشقرُ نحيل : " عذرًا سيدي، ولكن هذه هي الأخبار المهمة حاليًا "
يرد رئيس التحرير " كيف ترد علي هكذا ؟ ألم تسمع ؟ الإدارة العليا تأمرنا أن لا ننشر مثل هذه الأخبار ، المبيعات في انخفاض "
- "وهل تظن أن سبب تدني نسبة المبيعات، هو سوء الأنباء ؟ لا يا سيدي، إن هذه الأخبار أصبحت مُشاهدة للملأ وعلى الدوام ! الناس اليوم هم المراسلون، فضلًا عن أنهُ لا وقت لديهم ليقرأوا الصحف !"
" ولهذا عليكم أن تعبثوا بالأخبار! نحن يجب أن نصور للناس واقعًا مغايرًا ! هذه وظيفة الصحف ! اكتبوا عن جولة مُطربة ، عن منافسة دوري كرة القدم ..
اكتبوا مقالات عن فوائد البقدونس، عن المشروبات الغازية، عن مستحضرات التجميل، عن الإنترنت، هكذا.... إلى متى عليّ أن أعلمكم كيف تعملون ؟!"
- " أي : خدروا الناس؟! "
" هذه هي وظيفة الإعلام "

ولادة الموت حيث تعيش القصص. اكتشف الآن