من منا سيبدأ؟

1K 112 13
                                    

#من_منا_سيبدأ؟ (قصة قصيرة)
ينتظرها كل صباح كي تفتح نافذتها، فينعم برؤيتها قبل خروجه للعمل. لم يكن يعرف أنها هي الأخرى تظل واقفة خلف شيش النافذة الخشبي تنظر ظهوره كل يوم قبل موعده.

كان شديد الخجل لا يعرف كيف يحادث النساء كأقرانه من الشباب. كلما حاول أن يقترب منها و يفاتحها، تتصبب جبهته بالعرق البارد و تكسو الحمرة وجهة كفتاة عذراء. رفقاءه كانوا يسخرون منه دوما مما تسبب في ترسيخ فكرة أنه سيفشل في أن يبدأ أي علاقة مع أي إمرأه.

أما هي، فقد كانت خنوعة لا تستطيع أن تخالف لأبيها أمراً، و تعي تمام الوعي أن ذلك الأحمق الخجول إن لم يطلب يدها من أبيها، فستكون يوماً لغيره. أشد ما كان يثير حفيظتها منه، أنها تحبه و تحس أنه يحبها هو الأخر، و لكن كبريائها كأنثى يحول دون أن تبدأ هي بإعلامه بأنها تبادله نفس الشعور. لم تكن تلمح له من قريب و لا بعيد بأي شيء، فهي معروفة في الحي بهدوئها و احترامها و تدينها. إذاً، فما السبيل لجعل جبل الصمت الخجول هذا من أن يتحرك، ليطلبها للزواج؟ تعلم أن والدها لن يمانع على شخصه، فلديه المسكن و الوظيفة و عائلته معروفة بالطيبة و حسن الخلق.. كل المشكلة تكمن في ذلك الأحمق و فيها هي أيضاً. تفتق ذهنها عن فكرة لربما نجحت...

فتحت نافذتها قبل موعد خروجه المعتاد في الصباح التالي، و تصنعت محادثة و همية في هاتفها النقال. إدعت فيها أنها ستفكر في أمر الزواج من أحد الخطاب الذين حادثوا والدها. قالت ذلك فور خروجه من باب بيته المقابل لبيتها. حينها رفع رأسه ينظر إليها. ظنت أن خطتها قد نجحت و أنه سيحاول التغلب على هذا الخجل الملازم له كظله، و لكن نظرة اليأس و الحزن التي رأتها في عينه أنبأتها بأن الرياح أتت بما لاتشتهيه السفن...آه من هذا الأحمق. إنه يثير جنونها لأبعد الحدود. أيجب عليها أن تذهب هي لطلب يده من أبيه؟

ما إن سمع منها تلك المحادثة، حتى دارت الدنيا به. أتراه خسرها؟ كاد يبكي حسرة على غباءه و تخاذله. بعد أن أنهى عمله، عاد للبيت و أخبر أمه أنه يريد النوم و لا يشعر بالجوع. كان يبدو حزيناً، و لا حظت أمه ذلك، فسألته عما به، و لكنه لم يستطع أن يحكي شيئاً في البداية ، إلا أن السد قد فتح أمام إصرارها و إلحاحها ، فحكى..

أخبرته والدته أنها لم تسمع شيئاً من أمها اليوم في السوق عندما تقابلا، و أن هذا الخبر لو كان صحيحاً لانطلقت الزراغيد في الحي كله. و بفراسة الأنثى ، فهمت ما أرادت الفتاة أن تخبر أبنها الحيي به. ابتسمت ، وو عدته أن الفتاة ستكون من نصيبه إن شاء رب العباد.

لم تكذب خبراً، و انطلقت بعد ارتداء عبائتها لزيارة منزل أم الفتاة، و قد فاتحت زوجها في الاأمر قبل أن تفعل شيئاً لتأخذ موافقته. فتحت لها الفتاة الباب، فقبلتها و حيتها، ثم دعتها للدخول، و نادت أمها، و همت إلى المطبخ لتعد شيئاً للضيفة.

عند عودتها بالمشروب، سمعت والدته تخبر أمها بأنها قد نوت أن تزوجه من إحدى فتيات الحي، حينها سقطت الصينية على الأرض وإنسكب الكوب و محتواه. و كان التعبيرات على محيا كل من النساء الثلاث كالتالي، الأم فزعت و ضربت بيدها على صدرها صارخة في ابنتها مؤنبة إياها.. الفتاة مصدومة و دموع تثير الشفقة محبوسة في عينيها.. أما أم الفتى فأطرقت بوجهها للأسفل تخفي إبتسامة خبيثة و تمنع نفسها من الإنفجار في ضحك صاخب، فقد تأكدت من حب الفتاة لإبنها.

أستأذنت المرأة بالإنصراف متعللة بأنه يجب عليها إعداد الغداء لولدها و زوجها. عادت لمنزلها و أجتمعت بالزوج و الأبن و أخبرت زوجها بأنه في هذا المساء سيذهب لمقابلة والد الفتاة، لطلب يدها لوحيدهم.

و قد كان، و لم يمانع والد الفتاة و فرحت أمها، و أنطلقت الزغاريد بعد أن استدعوا الفتاة لسؤالها عن رأيها في العريس٠ كانت عينيها منتفختان و إحمراراً يشوب بياضهما من كثرة البكاء، لظنها أنه سيتزوج من أخرى. أما الأن فإبتسامة سعيدة تزين شفتيها. حينما جلست جواره قالت له،" أحبك أيها الأبله." فأجابها قائلاً، "و أنا أيضاً، و لا يمكن أن تكون شريكة حياتي إمرأة سواك إيتها الحمقاء."

#سلوى
©Salwa M
23rd April, 2016

🎉 لقد انتهيت من قراءة من منا سيبدأ؟ 🎉
من منا سيبدأ؟حيث تعيش القصص. اكتشف الآن