#أنا_معك_دائماً
"أين كنت؟"
" أنا هنا..دائماً بجوارك."
" لا لقد كنت غائباً لوقت طويل.. كنت في أمس الحاجة إليك.. بحثت عيناي عنك في كل مكان، و لم أجد لك أي أثر!"
يقرب رأسها من كتفه، و يربت على ظهرها قائلاً:" لا بأس.. أنا هنا الأن."
تغمض عينيها متوسدة كتفه، محاولة نسيان كل الأزمات التي مرت بها في الفترة الأخيرة. مرض والدها الذي يحتاج إلى عملية كبيرة.. مصاريف البيت الضرورية التى تتفاقم بلا توقف، مع غلاء الأسعار، و ثبات مرتبها الهزيل.. إرهاقها من كثرة ساعات العمل الإضافية في الشركة، و أعباء المنزل و الأولاد.. لقد أصبحت مثل الثور المربوط بالساقية. أين هو من كل هذا؟لكنها إشتاقت له بشدة، و رغم رغبتها في معاتبته لطول غيابه.. صمتت، و نظرت له و إبتسامة على شفتيها. "كل هذا لا يهم. حمداً لله أنك هنا الآن. لقد عدت لي مرة أخرى." هكذا حدثت نفسها، و أحاطته بذراعيها تضمه أكثر، لكنها كلما فعلت ذلك تحسه يبتعد عنها، و كأن جسده يزول.. يتلاشى.. يذوى في فراغ، و ينمحو.
حاولت أن تصيح :" لا.. لاااااا.. ليس مرة أخرى! لا تبتعد أرجوك! لما تعاود الرحيل! أحتاجك.. كلنا نحتاجك.. إنني ضعيفة من دون قربك في حياتي.. توقف أرجوك!" تعاود النداء، لكن صوتها محبوس في حلقها كطائر في قفص. تمد يدها علها تمسك به، و تحاول العدو وراء ما تبقى من سراب له، لكن قدميها قد صارا كتلتان من حجر. نظر لها مرة أخيرة، قبل أن يختفي تماماً، و على وجهه نفس الإبتسامه.. تحركت شفتيه قائلاً شيئاً ما، لكنها لم تسمعه، فقد طغى صوت رنين يجرح الهدوء الذي كان..
تفتح عينيها، لتجد يداها مرفوعتان.. تحاولان الإمساك بالهواء فوقها. وسادتها مبللة.. يبدو أنا كانت تبكي حقاً، و هي نائمة. أطفأت المنبة و نظرت إلى عقاربه.. لقد حان موعد الروتين اليومي. أزاحت الستائر عن النافذة الواسعة، فكسى نور الصباح أرجاء غرفتها. ذهبت للجلوس أمام المرآة لتمشط شعرها. فوجدت صورته معها، و على ثغريهما نفس الإبتسامة التي رأتها في الحلم. تلمست بأناملها وجهه و ملامحه، لكم إشتاقت له.. مرت ثلاث سنين منذ وفاته في حادث الطائرة المنكوبة. قبلت صورته، و نظرت لنفسها بجواره، ثم عاودت النظر إلى و جهها في المرآة.. لكم تغيرت! خط الزمن حول عينيها و فمها أخاديداً صغيرة من كثرة الدموع، و قلة الإبتسام.
أخذت تلمس وجهها، ناظرة إلى إنعكاس صورتها في المرآة.. محاولة فهم و تذكر ما قاله لها في نهاية ذلك الحلم. أغمضت عينيها لتتذكر حركة شفتيه عندما ودعها. " إبتسمي حبيبتي.. فأنا معك دائماً." فتحت عينيها و نظرت لصورته، و أبتسمت ناظرة لنفسها في المرآة قائلة:" أنا الأن أقوى!" و عادت إلى روتينها اليومي، لكن طاقة خفية غلفت جسدها، و كأن زوج أخر من الإيدي يفعل معها كل شيء، و شفاه تهمس في أذنيها طيلة الوقت " أنا معك دائماً"
#سلوى
#مهداه_لضحايا_رحلة_طائرة_مصر_للطيران
اللهم أرحمهم و أمنح أهلهم الصبر و السلوان
©Salwa M
May 21st, 2016
أنت تقرأ
أنا معك دائماً
Fantasyهل هو حلم أم حقيقة؟ ذلك الكيان الذي جاء في منامها، فأعطاها دفعة للأمام.